قضايا دعوية
العمل المؤسسي ...
معناه، ومقومات نجاحه
عبد الحكيم بن محمد بلال
لعل من أخطر ما تعانيه الأمة الإسلامية: غياب الروح الجماعية.
ولقد انعكس هذا الواقع على الفكر - كما للأخير انعكاس عليه - فصار من
عللنا الفكرية: ممارسة التفكير بطريقة فردية، ومنها أيضاً: نمو التفكير في شؤون
الفرد على حساب التفكير بشؤون المجتمع. وعليه: فإن الفقه المتعلق بشئون الفرد
وحركته وحقوقه وواجباته ظل أكثر نمواً من الفقه الذي يهم الجماعة، ففُصِّلت
الفروض العينية، وبقيت الفروض الكفائية - والتي تصير عينية بالتقصير فيها -
بقيت عند بعضهم عائمة، كمسألة: كفاية الأمة في كل جوانبها، وكمسألة: أهل
الحل والعقد، وبيان تشكيلهم، ودورهم.. وبقيت الدراسات التي تتناول أبنية
المجتمعات الإسلامية التاريخية ومشكلاتها وأطوارها محدودة؛ ونتيجة لذلك فقد
رأينا سجل التاريخ حافلاً بالمآثر الفردية ضامراً في الأعمال الجماعية.
والسبب أن الوعي المدني لم يتم تنظيمه بشكل كافٍ، فهو بحاجة إلى
المؤسسات المختلفة [1] .
ولقد تأصلت فكرة الفردية اليوم، ثم تأزم الموقف حين ورث كثير من الدعاة
إلى الله-تعالى- ذلك المرض من أمراض التخلف الحضاري، فلا تزال ترى اليوم
كثيراً من التجمعات الإسلامية محكومة بعقلية الفرد، تعيش مركزية القرار، رغم
ازدياد التحديات، وتوالي المحن، وتفاعل الأزمات.
ولئن كان بعض الدعاة في العقود الماضية يسعون إلى مجرد الانتشار الأفقي
للدعوة، فإنه لا يقبل من أحد اليوم التفكير بعقلية تلك المرحلة؛ فلقد صارت
الصحوة اليوم معادلة صعبة في الموازين العالمية، والخطر الأوحد أمام الأنظمة
الغربية، بل نستطيع القول: إن كثرة الأتباع غير الواعين أصبح يمثل هاجساً
للدعاة والمصلحين أنفسهم.
وعليه فلا بد من مراجعة أساليب العمل الدعوي اليوم. كما أنه من الضروري
العناية بتنمية الفكر الجماعي، وأسلوب العمل المؤسسي المحكم الذي صار أسلوب
القوة والتحدي في هذا الزمان، ويكفي برهاناً من الواقع أن الدول الكبرى في الوقت
الحالي دول مؤسسية ليست مرتبطة ارتباطاً كلياً بالأفراد؛ فالولايات المتحدة
الأمريكية مثلاً هي بجملتها مؤسسة ضخمة تضم في ثناياها عدداً هائلاً من
المؤسسات مختلفة التخصصات، ولا تتغير استراتيجياتها الرئيسة بتغير أفراد
حكوماتها إلا من منطلق جماعي.
وفي هذه المقالة: محاولة لتأصيل الفكر الجماعي، وبيان معنى العمل
المؤسسي، وتحديد المراد به، ثم عرض شيء من مزاياه وفوائده، وبعض أسباب
تقصير الدعاة في الأخذ به، ثم ذكر مقومات نجاحه. وما هذا الطرح إلا إثارة
للموضوع؛ ليأخذ طريقه إلى حوار جاد [2] .
نحو وعي أعمق للروح الجماعية:
إن تغيير واقع الأمة يتطلب في المستوى الأول تغيير النفوس، ومن عناصر
ذلك التغيير: تعميق الفهم، وتجديد الفكر، وتصحيح المفاهيم التي من أهمها:
مفهوم الفرد، والجماعة، وهو - بحمد الله - مفهوم في غاية الوضوح.
إن الفرد هو العنصر الأساس في بناء الأمة، ولكن شرط قيامه بدوره الأكمل
هو تعاونه مع بقية أفراد الأمة.
والأمة التي يتعاون أفرادها هي أمة الريادة؛ لأن تعاونهم يضيف كل فرد إلى
الآخر إضافة كيفية لا كمية، ومن ثم تتوحد الأفكار والممارسات من أجل تحقيق
رسالة الأمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي صحابته على الروح
الجماعية، روح الأمة، كما ضرب مثلاً - للمجتمع - بقوم أقلَّتهم سفينة، إن أراد
أحدهم خرقها وجب على الجميع الأخذ على يده، وإلا غرقوا جميعاً [3] ؛
فالمسؤولية في بلوغ الريادة تقع على الأمة جميعاً في مقابل أمة الكفر.
والعودة بالناس إلى روح الأمة يستدعي إجراءات، أولها: فك الارتباط القائم
بين العمل الإسلامي والأُطُر الحزبية الضيقة [4] ؛ ليتقبل العمل الإسلامي
الاستراتيجية الصائبة الموصلة إلى الهدف، سواء انبعثت من داخله أو خارجه.
وهذا يجرنا إلى الإجراء الثاني المتمثل في تنمية الصفات التي تحقق التفاعل
بين الأفراد وتعميقها، كالأخوة، والشورى، والتواصي بالحق وبالصبر، والعطاء
المتبادل، والقدرة على التجميع، مع موالاة الأمة، لا الحزب.
ولا بد في ذلك من تحقيق التوازن بين الروح الفردية والروح الجماعية،
وهذه مهمة التربية المتوازنة التي لا تحيل الأفراد أصفاراً، وأيضاً لا تنمي فيهم
الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناسب لتنمية شخصياتهم، مع اختيار
أساليب العمل التي تحول دون التسلط، وتنمي المبادرات الذاتية، وترسخ الشورى.
ويكفل كلَّ ذلك إجراءٌ ثالثٌ يحوِّل العمل من أسلوب المركزية في اتخاذ القرار
وتطبيقه ومراقبة تنفيذه إلى أسلوب المشاركة التي تُحسِّن الأداء وتنمي الشخصية،
فيلتقي نموها مع روح الفرد التي أثمرها التعاون فيزداد التفاعل وتتكامل الجهود.
إن الجماعة والتنظيم في الإسلام يعني كلٌ منهما: (التعاون) و (العلمية)
أي تعاون الجهود في خطة يضعها العلم؛ فجوهر الجماعة وحقيقة التنظيم إنما ... هو التعاون بين المسلمين، والتكامل بين نشاطاتهم في طريق التمكين لشريعة
الله، وإقامة دولة الإسلام، وإحياء الأمة الإسلامية [5] .
تعريف العمل المؤسسي:
كل تجمع منظم يهدف إلى تحسين الأداء وفعالية العمل، لبلوغ أهداف محددة، ويقوم بتوزيع العمل على لجان كبرى وفرق عمل وإدارات متخصصة: علمية،
ودعوية، واجتماعية؛ بحيث تكون لها المرجعية وحرية اتخاذ القرار في دائرة
اختصاصها ... يعتبر عملاً مؤسسياً.
وليس المراد بالعمل المؤسسي العمل الجماعي المقابل للعمل الفردي؛ إذ
مجرد التجمع على العمل، وممارسته من خلال مجلس إدارة، أو جمعية أو مؤسسة
لا يجعله مؤسسياً، فكثير من المؤسسات والمنظمات والجمعيات التي لها لوائح
ومجالس وجمعيات عمومية إنما تمارس العمل الفردي؛ لأنها مرهونة بشخص منها
فهو صاحب القرار [6] ، وهذا ينقض مبدأ الشورى الذي هو أهم مبدأ في العمل
المؤسسي.
مزاياه وفوائده [7] :
1 - تحقيق مبدأ التعاون والجماعية الذي هو من أسمى مقاصد الشريعة.
2 - تضييق الفجوة بين عمل الدعاة، وردم الهوة بينهم بتحقيق ذلك المبدأ،
وتأسيس الأعمال المشتركة بينهم؛ فإن ذلك يقلل التصادم والنزاع، وهي الطريقة
المتبعة بين الدول في تأسيس اللجان والمجالس المشتركة، وهو ما لم يشعر بعض
الدعاة بأهميته وضرورته بعد [8] .
3 - تحقيق التكامل في العمل، وذلك في عمل الفرد عزيز، فكثيراً مما
يحصل من القصور في عمل الفرد يتلاشى في عمل المؤسسة؛ إذ المفترض حدوث
التكامل باجتماع الجهود، والمواهب، والخبرات، والتجارب، والعلوم، مع التزام
الشورى، والتجرد للحق.
وأيضاً: فإن العمل الفردي يصطبغ بصبغة الفرد، بينما المفترض أن يخلو
العمل المؤسسي من ذلك [9] .
4 - الاستقرار النسبي للعمل، بينما يخضع العمل الفردي للتغير كثيراً - قوة
وضعفاً أو مضموناً واتجاهاً - بتغير الأفراد، أو اختلاف قناعاتهم.
5 - القرب من الموضوعية في الآراء أكثر من الذاتية؛ حيث يسود الحوار
الذي يَفْرض قيامُه وضعَ معايير محددة وموضوعية للقرارات تنمو مع نمو الحوار،
في حين ينبني العمل الفردي على قناعة صاحبه.
6 - دفع العمل نحو الوسطية والتوازن؛ إذ اجتماع الأفراد المختلفين في
الأفكار والاتجاهات والقدرات يدفع عجلة العمل نحو الوسط، أما الفرد فلو توسط
في أمر فلربما تطرف - إفراطاً أو تفريطاً - في آخر.
7 - توظيف كافة الجهود البشرية، والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجية؛
وذلك لأن العمل المؤسسي يوفر لها جو الابتكار والعمل والإسهام في صنع القرار،
بينما هي في العمل الفردي أدوات تنفيذية رهن إشارة القائم بالعمل، ويوم أن
أعرض المسلمون عن هذا العمل خسروا كثيراً من الطاقات العلمية والعملية، فانفرد
أصحابها بالعمل، أو فتروا عنه [10] .
8- ضمان استمرارية العمل - بإذن الله تعالى - لعدم توقفه على فرد يعتريه
الضعف والنقص والفتور، ويوحشه طول الطريق وشدة العنت وكثرة الأذى.
وللمثال: فقد كان من أقوى أسباب استمرار التعليم قوياً في الدولة الإسلامية -
حتى في عصور الضعف السياسي -: قيامه على المؤسسات العلمية القوية التي
تمدها الأوقاف، كما تمد سائر الجهود الدعوية والإغاثية - التي لم يُتجرأ عليها إلا
في العصر الحديث - واليوم نرى استمرار المؤسسات الغربية قوية تساندها
جمعيات كثيرة [11] .
9- عموم نفعه للمسلمين؛ لعدم ارتباطه بشخصية مؤسسه، وهذا بدوره ينمي
الروح الجماعية الفاعلة، ويحيي الانتماء الحقيقي للأمة، وهذا مكمن قوتها.
10- مواجهة تحديات الواقع بما يناسبها؛ فإن الأمة اليوم يواجهها تحدٍّ من
داخلها، في كيفية تطبيق منهج أهل السنة مع الاستفادة من منجزات العصر، دون
التنازل عن المبادئ [12] ، كما يواجهها تحدٍّ من خارجها مؤسسي منظم؛ والقيام
لهذا وذاك فرض كفاية لا ينهض به مجرد أفراد لا ينظمهم عمل مؤسسي، كما لا
ينهض أفراد الناس لتحدي العمل المؤسسي في مجالات الحياة الاقتصادية، أو
السياسية، أو الإعلامية، أو غيرها.
11- الاستفادة من الجهود السابقة والخبرات التراكمية، بعد دراستها وتقويمها
بدقة وإنصاف وحيادية، وبذلك يتجنب العمل تكرار البدايات من الصفر الذي يعني
تبديد الجهود والعبث بالثروات.
لماذا الإحجام عن العمل المؤسسي؟
ولسائل أن يقول: عَمَلٌ بهذه المزايا ما الذي حدا بالأمة اليوم أن تحجم عنه؟
ويجاب: بأن للأمر خلفيات وأسباباً، منها:
1 - طبيعة المجتمعات الإسلامية المعاصرة عامة، وعدم ترسخ العمل
المؤسسي في حياتها؛ لما اعتراها من بُعد عن الدين أدى إلى تأصل الفردية،
وضعف الروح الجماعية، والحوار والمناقشة والمشاركة، ولما حلّ بها من تخلف
حضاري أقعدها عن الأخذ بأسباب الفاعلية والنجاح، فأصابها التأخر وتبدد الطاقات.
2 - ضعف الملكة الإدارية لدى كثير من العاملين في الحقل الإسلامي،
بسبب إهمال العلوم الإنسانية التي أفاد منها الغرب، وهذا مما ورثه العاملون عن
مجتمعاتهم. وقد أدى هذا الضعف إلى الجهل بالعمل المؤسسي ومقوماته وأسباب
نجاحه فتلاشت الخطط، وأغلقت دراسة الأهداف وإقامة المشاريع، وصار العمل
مجرد ردود أفعال غير مدروسة أو عواطف غير موجهة [13] .
3 - حاجة الدعوة إلى الانتشار، مع قلة الطاقات الدعوية المؤهلة؛ مما حدا
بكثير من الدعاة إلى التركيز على الكم لا الكيف، والغفلة عن قدرة العمل المؤسسي
على الموازنة بين الكم والكيف، وتحقيق أكبر قدر منهما.
4 - الخلط بين العمل الجماعي والمؤسسي، والظن بأن مجرد قيام الجماعة
يعني عملاً مؤسسياً، في حين أن كثيراً من التجمعات والمؤسسات لا يصدق عليها
حقيقة هذا الوصف؛ لانعدام الشورى، والمركزية في اتخاذ القرار.
5 - الشبهات العارضة التي يتذرع بها المانعون من العمل الجماعي، بحجة
بدعيته؛ فأحجموا بذلك عن العمل المؤسسي انطلاقاً من هذه الشبهة.
6 - حداثة العمل الإسلامي المعاصر، فإنه إذا ما قورن عمره بعمر
المؤسسات الغربية بان قصيراً جداً. يقال هذا لئلا تُهضم الحقوق، ولكي نقترب
بالحديث من الإنصاف لهذه الصحوة المباركة؛ حيث نرى بوادر الاهتمام بالمجالات
الإدارية أكثر من ذي قبل.
لكي ينجح العمل المؤسسي:
للتربية الإيمانية المتكاملة أكبر الأثر في بناء الطاقات، وتنميتها، واستثمارها
استثماراً مناسباً، وهذا عماد العمل المؤسسي، ويمكن تفصيل المقومات اللازمة
لنجاحه على النحو الآتي:
1 - توفر القناعة الكافية بهذا الأسلوب من العمل؛ بإدراك ضرورته،
وخاصة في زمن القوة، وبمعرفة مزاياه وثمراته، وفهم مقومات نجاحه للوصول
به إلى المستوى المطلوب.
2 - صدور القرارات عن مجالس الإدارة، أو اللجان ذات الصلاحية،
حرصاً على خروجها من أدنى مستوى ممكن، لتكون أقرب إلى الواقعية وقابلية
التنفيذ، ولا يجوز أن يكون المصدر هو الفرد أو المدير؛ فإنه يستمد صلاحياته -
هو أيضاً - من المجالس، لا العكس، ويجب أن تملك المجالس واللجان صلاحية
مراجعة قرارات المديرين ونقضها.
3 - أن تكون مجالس الإدارة أو اللجان غير محصورة في بيئة واحدة
محكومة بأطر تنشئة وتربية وتفكير محددة مما يؤثر على طبيعة اتخاذ القرار،
فوجود أفراد من بيئات مختلفة ضمن هذه المجالس يثري العمل المؤسسي بتوسيع
أنماط التفكير وتعديد طرق التنفيذ [14] .
4 - أن تسود لغة الحوار، حتى تتلاقح الآراء للخروج بأفضل قرار، وأيضاً
حتى يخضع الرأي الشخصي لرأي المجموعة.
ويذكر هنا بالمناسبة: نزول النبي صلى الله عليه وسلم على رأي أصحابه في
أحد، وخروجه من المدينة تلبية لرغبتهم، مع ميله للبقاء في المدينة، وتأييد رؤياه
لرأيه [15] ، وبعدما حصل ما حصل لم يصدر منه لَوْم لأولئك المقترحين للخروج.
5 - تحديد ثوابت ومنطلقات مشتركة للعاملين في المؤسسة تكون إطاراً
مرجعياً لهم، توجه خطة العمل، وتناسب المرحلة والظروف التي تعيشها المؤسسة.
6 - التسامي عن الخلافات الشخصية، وتقديم المصلحة العامة على المصلحة
الشخصية، وهذا يتم بتحسين الاتصال والتواصل بين أفراد المؤسسة بعضهم مع
بعض، وبينهم وبين سائر العاملين في الحقل الإسلامي.
وهذا أساس قوي للنجاح؛ ففي استفتاء لعدد من القياديين الناجحين اتضح أن
الصفة المشتركة بينهم هي القدرة على التعامل مع الآخرين [16] ، ولن يتم ذلك
لأحد ما لم تتربَّ أنفسنا على العدل والإنصاف، ومعرفة ما لدى الآخرين من حق،
ومحاولة فهم نفسياتهم من خلال نظرتهم هم لأنفسهم، لا من خلال نظرتنا نحن.
7 - الاعتدال في النظرة للأشخاص؛ فإنه في حين يصل الأمر لدى
المنحرفين عن أهل السنة والجماعة في نظرتهم للأشخاص إلى حد الغلو والتقديس،
فإنَّا نجده عند بعض أهل السنة - الذين سلموا من الغلو - بالغاً إضفاء هالة على
بعض الأشخاص تؤثر في مدى استعدادهم لمناقشة رأيهم، أو احتمال رفضه مع
بقاء الاحترام الشخصي، وهؤلاء يشكلون ضغطاً على العمل المؤسسي وتوجيهاً
غير مباشر للآراء [17] .
وكأن هذا ما أراده عمر - رضي الله عنه - حين عزل خالد بن الوليد -
رضي الله عنه - خشية تعلق الناس به، وربطهم النصر بقيادته [18] .
8 - إتقان التخطيط، وتحديد الأهداف لتنفيذها، وتوزيع الأدوار، وهذا
يتطلب مستوى جيداً في إعداد القادة والمسؤولين، وتدريب العاملين مع الاستفادة من
كل الإمكانات، وتوظيف جميع الطاقات، بعد التعرف عليها جيداً [19] .
والمهم هو التركيز في جداول الأعمال على المنطلقات والأسس والخطوط
العامة، دون الانهماك في المسائل الإجرائية، والتي قد لا تحتاج إلا لمجرد قرار
إداري أو إجراء تقليدي، ودون المسائل التي يكثر الجدل والخلاف حولها.
ولضبط الخطط، وإتقان تنفيذها، وبلوغ الأهداف، يراعى الآتي:
أ - الأناة في التخطيط، والحماسة في التنفيذ [20] ؛ فالأول: لمراعاة
القدرات والإمكانات، ومعرفة التحديات وحسن تقدير العواقب، وتحاشي مخاطر
السرعة، والثاني: لاستباق الخيرات، وكسب الزمان، واغتنام الهمة، ومبادرة
العزيمة.
ب - أهمية قيام المؤسسات بأداء أعمالها بأساليب علمية حكيمة تكفل
استمرارها وأداءها لعملها على الوجه المطلوب، وحتى لا تتعرض لكيد الكائدين
وأساليب المغرضين، ولا ينبغي أن يكون أهل النفاق أكثر حنكة منا؛ فكم نالوا
أهدافهم من جمعياتهم وأعمالهم حتى بلغوا مناهم [21] . اللهم ألهمنا رشدنا، وأعذنا
من شر أنفسنا [22] .