ماجد بن عيد الحربي
سرني ما تناقلته وكالات الأنباء بشأن القرارالذي اتخذ من قبل نقابتَيِ،
الصيادلة في كل من مصر والأردن القاضي بمقاطعة الأدوية المصنعة في أمريكا
وبريطانيا، ومبعث سروري لا يكمن في كون القرار المذكور سيلحق الضرر
المطلوب باقتصاد هاتين الدولتين؛ فكلنا يعلم أن هذا القرار وحده لا يكفي لتحقيق
طموحات الأمة بردع غطرسة أعدائها وإضعاف هيمنتهم على بلدان المسلمين؛ فكما
هو معروف أن أمريكا - على سبيل المثال - لا تمثل الأدوية من تجارتها في البلاد
الإسلامية أكثر من واحد بالألف، وهذه النسبة أعتقد أنها لن تحدث أي ضرر قد
يؤدي إلى تغيير سياستها مع المسلمين؛ ولكن مبعث سروري وسرور كل مواطن
تهمه مصلحة أمته وكرامتها هو أن هذا القرار صدر عن دوائر فاعلة - أعني
النقابات الممثلة للأمة بكل شرائحها التخصصية - فهذه النقابات تقيس نبض الشارع
الإسلامي، وتعبر عما يفكر به المواطن، وتتخذ القرارات المناسبة لصيانة مصالح
الأمة، بعيداً عن مراكز السلطة.
فمن المؤكد أنه لو التزمت جماهير الأمة بما التزم به الإخوة في نقابتي
الصيادلة في القاهرة وعمان وقاطعت جميع المنتوجات الأمريكية للمسنا أثر ذلك
على سياسة الدولة الأقوى في العالم، ومن بديهيات الأمور أن يأتي عظماؤها إلى
بلادنا وهم أذلة، ووقتها نستطيع أن نملي عليهم ما نرغب إلغاءه من بنود معاهداتهم
الظالمة مثلما أتى زعماء قريش إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه تعديل
بنود الحديبية، فدعونا نفترض أن ستمائة مليون مسلم قاطعوا المنتوجات الأمريكية
وهذا العدد يمثل نصف تعداد المسلمين ونفترض أيضاً أن متوسط ما يتبضع به كل
فرد يعادل دولاراً واحداً في اليوم لوجدنا بالنهاية أن أمريكا تخسر في تجارتها
الخارجية مع المسلمين ما قيمته مائتان وتسعة تريليون دولار بالسنة. قطعاً لن
تتحمل الإدارة الأمريكية هذه الخسارة وسوف تضحي بجميع الامتيازات التي
حصلت عليها من أمتنا أيام تخاذلها؛ لأنها ستعلم وقتها أننا أمة تستطيع أن تدافع
عن حقوقها وتعتز بانتمائها لدينها.