المنتدى
محمد نجيب لطفي
مما يُحمد لمجلة البيان (الغراء) هو تقديمها لبعض الملفات في قضايا شرعية
هامة واستكتابها لذلك كوكبة من الكتاب والمفكرين المؤهلين لذلك علمياً وفقهياً
وتأصيلياً، وكان ملفها عن القبورية من التأصيل والشمول بمكان.
وفي عدد المحرم (1420هـ) كان الملف بصدد (التراث الإسلامي بين الأصالة
والتزييف) ولم يكن على مستوى ملف القبورية - من وجهة نظري - وقد تكون
وجهة نظري خاطئة، وأرجو أن تكون كذلك؛ ولكن اسمحوا لي بطرح هذه النقاط
بصدد هذا الملف:
أولاً: لم يكن على مستوى الطرح الجيد للملف سوى مقالَيْ: (تحقيق التراث
في العصر الحديث الإيجابيات والسلبيات) لفضيلة الدكتور عثمان جمعة ضميرية،
و (ضوابط لتحقيق الأحاديث) لفضيلة الشيخ طارق عوض الله محمد، أما بقية
المقالات (وهي ثلاثة) فقد غلب عليها الطابع الإنشائي وسطحية الطرح بالنسبة
للكتابة في هذا الموضوع الخطير.
ثانياً: كان ينبغي التعرض لبيان أسماء بعض المؤلفات وبعض الكتاب الذين
ساهموا في تشويه هذا التراث العظيم حتى يحذرهم القراء؛ فطرح الملف دون بيان
لحال بعض المؤلفين السيئين وكذلك بعض المؤلفات السيئة يجعل الملف ناقصاً؛
وكان يمكن استكتاب متخصص في هذا الصدد ليكون الملف شاملاً مفيداً، وقد
يخرج بعض القراء من قراءة الملف وهم لا يعرفون أسماء أخطر المؤلفين وأسوئهم، وكذلك أسوأ المؤلفات.
فقد كنت أتمنى - وكذلك جمهور عريض من قراء وأضلوا من الصوفية أمثال: ابن عربي، وابن الفارض، والشعراني. والأدباء أمثال: الجاحظ، والنظّام،
والأصفهاني أبي الفرج صاحب الأغاني. والفلاسفة أمثال: ابن سينا، وابن
مسكويه، وكذلك بيان لبعض المؤلفات الشهيرة جداً وهي مسمومة وسيئة جداً مثل:
(الأغاني) للأصفهاني، و (الفتوحات المكية) ، و (فصوص الحكم) لابن عربي،
و (طبقات الشعراني) والأمثلة كثيرة، ويمكن لمجلة البيان توضيح أحوال المؤلفين
والمؤلفات في أعداد قادمة لمتخصصين قادرين على سبر أغوار مثل هذه الأمور.
ثالثاً: كان ينبغي التعرض لما يجب أن يُحقّق من الكتب؛ حيث إن كثيراً من
أسوأ كتب التراث الخاصة بالتصوف والفلسفة والزندقة قد حُققت وقُدمت أطروحات
(علمية) لنيل الشهادات التي بصددها تبوّأ أصحابها مراكز علمية استطاعوا من
خلالها بث سمومهم ونشرها.
ومما يؤسف له أن الأزهريين لهم اليد الطولى في هذا الإثم العظيم؛ والأمثلة
على ذلك كثيرة جداً فَكُتُبُ ابن عربي وابن الفارض ومن على شاكلتهما قد حُقّقت
وأعطيت بصدد تحقيقها المزعوم شهادات عالية من الأزهر.
ومما أحزنني أنني اشتريت كتاب البردة (للبوصيري الصوفي الهالك) فهالني
أن شارحَها هو شيخُ الأزهر (إبراهيم الباجوري) . هذا مثال من كثير.
وبعد؛ فالتحقيق أمر عظيم وخطير، وهو علم وأمانة، ومن لم يستطعه
فليتركه لأهله، والأمر كما قال الشاعر:
إذا لم تستطع شيئاً فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع
(والله يقول الحق وهو يهدي السبيل)