مجله البيان (صفحة 2969)

المسلمون والعالم

حمَّى سنة 2000

الحلقة الأولى

ماذا لو هُدم الأقصى؟

عبد العزيز كامل

هذه الحلقات

تعالج مستجدات متوقعة أو مرتب لها، ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنهاية هذا القرن

الميلادي الذي أوشك على الانتهاء. ولا يفصل بيننا وبين العام 2000 للميلاد سوى

شهور معدودة، ومن اللافت أن هناك العديد من الظواهر الدينية والسياسية التي

يربطها أصحابها بحلول ذلك العام؛ مما يرشح ويرجح حدوث أفعال وردود أفعال

قوية وعالمية على مسرح الأحداث حول عدد من القضايا؛ وذلك كلما اقترب الوقت

من عام 2000 وما بعده، وهي قضايا قد يحار الناس في فهمها أو تحليلها

لارتباطها بخلفيات دينية عند أهل الملل والنحل.

وهذه السلسلة محاولة للكشف عن خلفيات تلك الظواهر، وتحليل أسبابها،

ودوافعها، ورصد التوقعات المنتظرة بسببها، يتم نشرها إن شاء الله في حلقات

منفصلة. ... ... ... ... ... ... ... ... ...

- البيان-

هناك شواهد عديدة تدل على أن قضية المسجد الأقصى ستكون نقطة المركز

وبؤرة الاهتمام في العديد من القضايا الدينية، وما يترتب عليها من نشاطات سياسية

وعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وليس هذا من قبيل الأمور المؤجلة إلى مدىً

بعيد؛ بل إن هذا الاهتمام سيفرض نفسه في المستقبل القريب المنظور، أي كلما

اقترب الزمان من العام (2000) لميلاد المسيح عليه السلام.

وهذا الاهتمام أو الانشغال بل الانهماك بأمر المسجد الأقصى لن يكون على

مستوى سكان الأرض المقدسة وحدهم، بل ستتسع دائرته لتشكل محيطاً يلف مئات

الملايين من سكان العالم مسلمين ونصارى ويهود! .

هل هذه مبالغة؟ ! لا؛ بل هي الحقائق التي لا ينبغي أن نهملها أو نتجاهلها،

وتدل عليها الأسباب الآتية:

أولاً: اليهود في العالم [1] وليس في (إسرائيل) فقط يسابقون عقارب الساعة

الآن لهدم المسجد الأقصى قبل أن يحل العام (2000) ؛ الذي يصادف عندهم ذكرى

مرور ثلاثة آلاف عام على بناء مدينة القدس وتأسيس (مملكة إسرائيل الأولى) .

وعندما تحل هذه الذكرى تكون دورة الزمان قد اكتملت عندهم، ليبدأ زمان جديد

تشير إليه توراتهم وهو زمان الهيمنة اليهودية، ولن يكون لهذه الهيمنة أي صفة مع

استمرار غياب قبلة اليهود التي هدمت قبل ألفي عام (هيكل سليمان) [2] ؛ الذي

انطلقت منه دعوات كل أنبياء بني إسرائيل، والذي ستنطلق منه كما يعتقدون دعوة

نبي اليهود المنتظر، الذي يعتقدون أن بناء الهيكل سيعجل خروجه!

ثانياً: ملايين النصارى في العالم يتزايد الاعتقاد بينهم بفعل الجماعات

(الأصولية) النصرانية بأن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام على وشك العودة مع

بدء الألفية الثالثة، وهم يعتقدون أيضاً أن الهيكل سيكون منطلقاً لدعوته في المرة

الثانية كما كان شأنه في المرة الأولى، فهكذا يفهمون الإنجيل، وهكذا يفسرون

التوراة التي يؤمنون بها مع الإنجيل ...

ثالثاً: أما المسلمون وهم يبلغون أكثر من ربع سكان العالم فلن يقفوا مكتوفي

الأيدي، وهم يرون معاول الحقد اليهودي تمتد إلى المكان المقدس الثالث عندهم؛

الذي صُفّت فيه قَدَما نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي بجميع الأنبياء في

ليلة الإسراء.

ومن جهة أخرى، فإن الجو المكفهر بالأحداث التي ستبدو جساماً، سيحرك

في الناس روحاً من اليقظة المنفعلة والمندفعة بالعواطف، والمستندة في الوقت ذاته

إلى البحث في المجهولات والغيبيات عن تفسير لما يحدث من وجهة نظر إسلامية؛

لتحشد على أساسه طاقات متحفزة للذود عن الذات والهوية.

لكل هذا؛ فالمتصور أن هناك حلبة صراع حقيقية وعالمية، يمكن أن تنصب

على ساحات الأرض المقدسة، إذا ما أقدم اليهود بممالأة من النصارى على تنفيذ

أكبر حدث يمكن أن يُختم به القرن العشرون، وهو: هدم المسجد الأقصى، وهو

حدث يعترف اليهود أنفسهم بأنه سيكون بوابة لأحداث كبرى يمكن أن تفتح أمامهم

صراعات لا يعرفون لها مدىً.

هل هذه أساطير؟ !

سيقول قوم: هذه أساطير تعشش في أدمغة طوائف محدودة من غلاة

النصارى وعتاة اليهود. نقول: نعم! هي أساطير، ولكن من قال: إن الكفار من

أهل الكتاب تخلوا عن الأساطير قديماً أو حديثاً؟ ! واليهود بوجه خاص: هل

وصلوا إلى ما وصلوا إليه من العلو في الأرض إلا بدفع نفسي قوي من وحي

الأساطير التي ترجمت إلى برامج للعمل وخطط للتحرك؟ ! (دولة إسرائيل) كانت

أسطورة، وعاصمتها كانت أسطورة، وقوتها وجيشها بُنيا على أسس من وحي

الأساطير، بل إن خطوات اليهود الوئيدة للسيطرة على العالم من خلال السيطرة

على أعظم قوة فيه لا تحركها إلا الأساطير. ولكنْ هناك فرق بين من يتحرك

بالأساطير إلى عالم الحقيقة، ومن يتهرب من الحقائق إلى عالم الأساطير؟

الأمر جاد.. والنوايا مبيتة ... والخطوات تتسارع رغم سيرها على درب

الأساطير، وعلى المسلمين أن يعوا أن هدم المسجد الأقصى صار عند يهود العالم

فريضة الوقت، ومسؤولية الجيل، وهو فرصة العمر السانحة لأول مرة في التاريخ

منذ ألفي عام.

فما الذي يجب علينا فعله؟ .. وقبل ذلك ما الذي يجب علينا فهمه؟

لتجلية خلفيات هذا الأمر، فإن هناك أسئلة لا بد من طرحها، ولا مناص من

الإجابة عليها ومصارحة النفس بها:

هل يمكن أن ينجح اليهود في هدم المسجد الأقصى فعلاً؟ ! .. وماذا لو هُدم؟

وما هو واجب المسلمين حتى لا يقع المحذور؟ ! وما هو المتوقع من الأعداء لو

نُفذت المؤامرة؟ ! ... وهل يمكن أن يتراجع اليهود عن تحقيق هذا الهدف؟

أسئلة ينبغي التحضير لها من الآن، قبل أن تفجؤنا الحوادث ويتجاوزنا

الزمان.

أولاً: هل يمكن أن ينجح اليهود فعلاً في هدم المسجد الأقصى؟

ليس بين أيدينا نص معصوم يدل على أن هدم المسجد الأقصى ممتنع قدراً؛

وليس شرطاً أن ترد أحاديث الفتن بكل ما يقع منها؛ فكثير من الحوادث الجسام

وقعت دون أن تذكر في آية أو ترد في حديث، وبعضها أخبر عنه النبي -صلى الله

عليه وسلم-ولكن حَفِظَ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه [3] .

إن الكعبة نفسها قد هُدمت من قبل في زمن الحجاج دون أن يكون لذلك ذكر

في محكم آية أو نص حديث. والحجر الأسود قد نُزع من الكعبة في زمن القرامطة

ونقل إلى البحرين ليظل هناك سنين عدداً قبل أن يُعاد، ولم تأت الإشارة إلى ذلك

في كتاب ولا سنة؛ إذن فليس لأحد أن يحتج بعدم الورود على عدم الوقوع؛ لأن

الأمر قد يُسَطّر في القدر، ولا يُذكر في الكتب.

والذي يحكم الأمور عند ذلك هو قانون الأسباب والمسببات الذي يجري به

قدر الله بما يشاء وقوعه. وعلى حسب مجريات الأمور المشاهدة؛ فإنها شاهدة

بدأب اليهود وأخذهم بكل الأسباب، في الوقت الذي يريد المسلمون فيه أن يعطلوا

قانون الأسباب؛ وفي ظل ذلك لا نظن أن سنن الله تعالى ستحابي أحداً؛ فماذا فعل

المسلمون في العالم كله وهم يبلغون ملياراً أو يزيد؟ ماذا فعلوا عبر ما يزيد على

ثلاثين عاماً، لكي يستنقذوا مقدساتهم من عصابة الملايين الأربعة التي زرعت

نفسها بينهم، ثم فرضت وجودها عليهم؟

إن قدر الأسباب لن يحابينا ونحن نجافيه، إلا إن أراد الله أمراً، فقدّر بسببه

شأناً إلهياً محضاً ينقذ المسجد ويعطل أسباب الكيد ضده، كما رد الله أصحاب الفيل

عن هدم الكعبة قبل الإسلام ... ولكن المشكلة أن هذا أيضاً أمر لم يأت به خبر

معصوم، فيتكئ عليه المتكئون.

ثانياً: ماذا لو هدم الأقصى؟

أتصور أن فئاماً من الناس سيفتنون لو وقع الحدث، وسيقولون: كيف هذا

والمسجد الأقصى قد نزل بشأنه القرآن، وتواترت بفضله الأحاديث، كيف يتحول

إلى معبد يهودي؟ وينبغي أن يقال لهؤلاء: إن المسجد الأقصى قد مرت عليه

السنون في مرحلة من التاريخ وصلبان النصارى مرفوعة فوق مآذنه، أيام كان

الاحتلال الصليبي، وقد كان مسجداً إذ ذاك، ولم تنتف عنه صفته الشرعية، ولا

خصوصياته المسجدية؛ والذي أصابه لم يتعدّ التلوث بأوضار التثليث، ثم عاد

لأهل التوحيد عزيزاً مطهّراً، لمّا عادوا إلى التوحيد.

فلا بد أن يُعلم أن أرض المسجد مقدسة، ولها أحكامها الشرعية من حيث

مضاعفة أجور الصلوات فيها، واستحباب شد الرحال إليها، سواء أكان البناء

موجوداً أو غير موجود؛ فالساحة نفسها سُميت مسجداً وقت تنزّل القرآن بآيات

الإسراء، ولم يكن ثمة مسجد مقام. إن المكان أخذ حكم المسجد قبل أن يُبنى مسجداً

في الإسلام، وصلى فيه إمام الأنبياء بأولي العزم من الأنبياء في أرض فضاء ...

فحقائق التاريخ وقصص الأنبياء تدل على أن المسجد الأقصى لم يبنَ مرة أخرى

بعد هدمه الثاني بُعيد زمان عيسى عليه السلام حتى جاء محمد عليه الصلاة والسلام

ولما تم الفتح، جاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ومعه كعب الأحبار رضي الله

عنهما ليدله على موضع مصلى داود عليه السلام ثم بنى هناك مسجداً متواضعاً من

خشب [4] ، فلما جاء عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، أعاد بناءه على الهيئة التي

هو عليها الآن. وقد حافظ المسلمون على مر العصور على هذه الأمانة، حتى جاء

عصر تضييع الأمانة الذي نعيشه، فوقع المسجد في الأسر، وها هو يتهدد بالهدم.

وهنا أمر تنبغي الإشارة إليه، وهو ما ورد في الحديث الصحيح بشأن منع

الدجال من دخول مساجد أربعة، منها المسجد الأقصى، وذلك في قوله: (..

وعلامته: يمكث في الأرض أربعين صباحاً، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي

أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور) [5] . وهذا

يحتمل أن يظل المسجد كما هو، بحفظ الله وحده، أو أنه سيُعاد كما كان إذا أصابه

مكروه لا قدر الله أو أن المراد بالمسجد أرض المسجد كما في آية الإسراء.

* ما الواجب على المسلمين حتى يُعذِروا إلى الله؟

لا أبالغ إن قلت: إن الفتاوى بذلك قد أخذت أكبر حيز من الإجماع في

الفتاوى السياسية بين علماء المسلمين في العالم، منذ أن قدم اليهود إلى القدس. فقد

بُحّت أصوات العلماء بالنداء لإنقاذ المسجد الأقصى.. ولكن كم أضاع المنافقون

فرصاً لجمع الأمة وتجييشها ضد عدوها المصيري، لتقاتله في سبيل الله تحت راية

القرآن الخالد، كما قاتلها هذا العدو في سبيل الشيطان تحت راية التوراة المحرفة.

والذي يمكن أن يقال الآن للمسلمين خاصة وعامة أن يتخففوا من الإثم الواقع

عليهم بتدارك الأمر في حدود المستطاع وهو كثير لعل الله تعالى يبارك في تلك

الجهود، ويقمع كيد اليهود؛ فدعمُ الحركات الجهادية الإسلامية في فلسطين هو

البداية المستطاعة الآن، حتى يأذن الله بأن تدب روح الغيرة في عروق كثير ممن

ولاّهم الله أمر هذه الأمة المبتلاة.

* رابعاً: ما هو المتوقع إن وقع المحذور؟

المتوقع أن يبدأ اليهود فوراً في الخطوات العملية المعدة سلفاً في مشروع البناء، بل الإسراع في الانتهاء من إقامة المعبد اليهودي مكان المسجد الإسلامي،

ويخطئ من يظن أن اليهود ينتظرون الأقدار مثلنا حتى تتحفهم بحدث سعيد يعيد

مجداً ويقيم ملكاً، لا ... إن اليهود يغالبون السنن، وكأنهم يريدون أن يصنعوا

الأقدار صنعاً، ويستخرجوها استخراجاً من مكنون الغيب ومستور القضاء.

لهذا تراهم لا يتعاملون مع الأمور بقدريتنا نحن، ولا يتركون شيئاً

للمصادفات.

ويشار هنا إلى أنهم قد بدأوا بالفعل في تهيئة الظروف على أرض الواقع

تحسباً للحظة المناسبة؛ ففيما يتعلق بأمر المسجد الأقصى خاصة؛ فإن الدلائل

تتكاثر على تعاظم الجدية لديهم في الإقدام على مشروع الهدم وما بعده، وهذه أبرز

الشواهد على ذلك:

تضاعف أعداد التنظيمات والجماعات الساعية والمتعاونة للهدم ثم البناء:

في الأرض المغتصبة الآن (120) جماعة، تصنف في داخل إسرائيل نفسها

بأنها (متطرفة) [6] ومن هذه الجماعات ما لا يقل عن خمسة وعشرين جماعة

متخصصة في المساعي الرامية لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل.

وتشكل بعض هذه الجماعات تحالفات فيما بينها، ومن أبرزها ما يسمى:

(رابطة القدس) التي تضم عدداً من التجمعات اليهودية المتشددة، وكانت هذه

الرابطة هي السبب في إقناع بنيامين نتنياهو بافتتاح (النفق) المار تحت أساسات

المسجد الأقصى عام 1417هـ 1996م.

وتُظهر استجابة (نتنياهو) لمطالب تلك الجماعات استعداده للمضي قدماً في

تنفيذ ما تراه الجماعات الدينية واجباً.

وبات من المعروف أن تلك الجماعات لا تكتفي بالمطالب والمناشدات، بل

تلجأ بين الحين والآخر للقيام بأعمال عدائية واستفزازية ضد المسجد الأقصى،

يغلب على الظن أنها تريد بها جس النبض لردود الأفعال التي يمكن أن تحدث لو

قامت بالعمل الأخير.

وقد قامت تلك الجماعات منذ عام 1967م الذي احتل اليهود فيه القدس وحتى

العام 1990م بأكثر من أربعين عملاً عدائياً ضد المسجد الأقصى، وقد يُظن أن ما

يسمى بـ (عمليات السلام) بعد هذا التاريخ قد خففت من حدة المشاعر اليهودية

العدائية تجاه جيرانهم العرب (المسالمين) ، ولكن الحقيقة أن هذا الوهم تكذبه الوقائع؛ فمنذ أن أُبرمت اتفاقيات مدريد وأوسلو، وأعمال الاعتداء تزداد وتيرتها؛ حتى

بلغت قريباً من مئة محاولة، منها 72 محاولة منذ توقيع اتفاق أوسلو وحتى

منتصف عام 1998م.

لقد بدأت الصحف العالمية و (الإسرائيلية) ترصد تلك الظاهرة التي تتحول مع

مرور الوقت إلى نمط عنيف متعجل متعجرف لا يريد أن يتوقف، فكشفت مجلة

(فورن ريبورت) البريطانية في الأسبوع الأول من سبتمبر عام 1998م، أن جهاز

(الشاباك الإسرائيلي) لديه معلومات وثيقة بأن المتعصبين اليهود المنخرطين في

تنظيمات سرية يدبرون لاعتداءات قريبة ونهائية على المسجد الأقصى.

ونشرت جريدة (معاريف) (الإسرائيلية) في (30/8/98) مقالاً بعنوان:

(نقاش طارئ تحسباً لتفجير المسجد الأقصى) جاء فيه: (يجري نقاش طارئ حول

تحذيرات من الاعتداء على المسجد الأقصى، يشارك فيه رئيس الوزراء وكبار قادة

الدولة، وجاء اللقاء على أثر أنباء قوية عن احتمالات وقوع مصادمات بين

الإسلاميين الفلسطينيين ومتشددين يهود في ساحة المسجد الأقصى تنتهي بعواقب

وخيمة) .

والسعار اليهودي المتلهف نحو هدم الأقصى ليس مقصوراً على يهود

(إسرائيليين) ، ولا حتى يهود من الخارج؛ بل إن نصارى متدينين أيضاً يقدمون

من خارج إسرائيل للمشاركة في هذه المساعي الحثيثة والخبيثة، ومن ذلك ما أفادت

به صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية في عددها الصادر في 3/9/1998م أن

(السلطات الإسرائيلية) ألقت القبض على سائحين إيطاليين (نصرانيين) قدما لـ

(إسرائيل) لتنفيذ (مهمة مقدسة) في المدينة الأبدية، قبل أن تبدأ الألفية الثالثة!

وقد نشرت جريدة الحياة في (24/11/98م) أن اللجنة الوزارية لشؤون القدس

التي يرأسها بنيامين نتنياهو، بحثت الأخطار المتزايدة التي قد تنجم عن شن

المتطرفين اليهود هجمات على المساجد الإسلامية، وإمكان اعتداء متشددين

(مسيحيين) على المسجد الأقصى ومسجد الصخرة بمناسبة انتهاء الألفية الثانية.

وقال (يائير يتسحاقي) قائد الشرطة (الإسرائيلية) في القدس: إن أعضاء من طائفة

مسيحية من (دينفر) يطلق عليها: (المسيحيون الجادون) وصلوا إلى إسرائيل بعد

أن باعوا مقتنياتهم في بلادهم متوجهين إلى إسرائيل لتنفيذ أوامر من زعيمهم (مونت

ميلر) الذي أعلن أنه سيموت في القدس قريباً جداً! !

وأشار الوزير (الإسرائيلي) إلى أن الحكومة (الإسرائيلية) بدأت تتعامل مع

نشاطات مثل تلك الجماعات التي تكثف نشاطها مع اقتراب العام 2000 [7] .

وقد شكل جهاز الشاباك (الإسرائيلي) (الأمن الداخلي) في الفترة الأخيرة قسماً

خاصاً يعكف على العمل ليحول دون وصول النتظيمات السرية اليهودية إلى تحقيق

مرادها في هدم الأقصى في وقت غير مناسب، قد يحرج الدولة اليهودية، وفي هذا

الشأن كتب الصحفي (الإسرائيلي) (يوسي ليفي) مقالاً في صحيفة معاريف

(29/8/ 98م) جاء فيه: (القاعدة التحتية للتنظيمات المتشددة موجودة حسب تقديرات قوات الأمن؛ والمعلومات التي بحوزتها تقول إن الاتصالات بينها تتم بالوسائل والطرق السرية، والتنسيق بينها موجود، والمشكلة القوية التي تواجه أجهزة الأمن هي التغلغل في هذه المجموعات؛ لأنها مجموعات ذات معتقدات أيديولوجية متعصبة مرتبطة بعواطف دينية حادة، بحيث يعرف كل واحد من أعضائها الآخر؛ بما لا يسمح باختراقها) .

الحكومة الإسرائيلية تريد إذن أن تستخدم تلك الجماعات بتوازن دقيق، فهي

لا تخالفها في الهدف، ولكن ربما تخالفها في الوسائل والبدائل وأوقات التنفيذ.

لكن كل هذا لا يخفي مباركتها واحتضانها لهذه الجماعات التي يمكن أن توفر

لها مخرجاً لإعداد (سيناريوهات) للتنفيذ عند اللحظة المناسبة؛ بحيث تتخفى

وراءهم، وكأن الأمر قد خرج من يدها.

وهناك إشارات متفرقة تخرج من (إسرائيل) في الآونة الأخيرة تحاول أن

تمهد نفسياً لإمكانية حصول شكل من أشكال تلك (السيناريوهات) .

فقد نشرت جريدة (معاريف) في أغسطس 98م مقالاً بعنوان: (ثلاثة

احتمالات للتهديدات) ذكرت فيه أن القيام بعمل ضد الأماكن الإسلامية قد يأخذ أحد

الأشكال الثلاثة الآتية:

1 انتفاضة شعبية عارمة من مئات ألوف المتطرفين؛ حيث يقومون بسلسلة

عمليات شغب عنيفة، لإشاعة جو من الفوضى يتم خلاله تنفيذ ما يريدون [8] .

2-قد يقوم متطرف يهودي واحد دون شركاء، وبدون مساندة أو إعداد سابق

بهذا العمل، مثل ما قام به (عامير) في قتل رابين، أو باروخ جولد شتاين في

مذبحة المسجد الإبراهيمي [9] .

3-قد تقوم مجموعة من الأشخاص في خلية سرية بتوجيه ضربتها مستخدمة

القنابل أو الصواريخ.

وقد نشرت جريدة (يديعوت أحرونوت) في عددها الصادر في 1/9/98م خبراً

بعنوان: (يهودي مجنون قد ينسف الأقصى أو قبة الصخرة) ، وجاء في الخبر:

(يخشى قادة (الشاباك) (جهاز الأمن) أن يقوم متطرف من (اليمين الإسرائيلي)

بالاعتداء على المسجد الأقصى أو قبة الصخرة بهدف الإجهاز على العملية السلمية

نهائياً. وتذكر الصحيفة أن (سيناريو) الاعتداء عُرض على رئيس الوزراء

(نتنياهو) في اجتماع حضره وزير العدل والأمن الداخلي والمالية، إضافة إلى

رئيس بلدية القدس، ورئيس جهاز (الشاباك) والمفتش العام للشرطة، وأعربت

الصحيفة عن تخوفها من أن يؤدي الاعتداء على المسجد الأقصى أو قبة الصخرة

إلى إحراق المنطقة كلها.

وهناك (سيناريو) رابع أضيفه من خلال متابعتي للموضوع، وهو إمعان

اليهود في المزيد من إضعاف أساسات المسجد وتفريغ الأرض من تحته، ثم

الادعاء عند أي هزة أرضية طبيعية أو صناعية، أن المسجد هُدم قضاءً وقدراً! !

وهنا تعفي الحكومة الإسرائيلية نفسها وتعفي المنظمات الدينية من مسؤولية الهدم،

لتتفرغ للبناء.

وأياً كان الأمر، فالسلطة في (إسرائيل) ليست أقل حرصاً من التنظيمات

الدينية السرية والعلنية في الإسراع بهدم الأقصى والصخرة ثم بناء الهيكل على

أنقاضهما، وهذا الحرص يصل إلى أعلى مستويات المسؤولية في الحكومات

المتعاقبة؛ فمنذ أن قال بن جوريون القولة المشهورة، ورددها بعده مناحيم بيجن:

(لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ... ولا قيمة للقدس بدون الهيكل) منذ أن قيل ذلك،

والمسؤولون الإسرائيليون يدلّون بالقول والفعل، على أن هذه قناعة ثابتة لدى

الجميع داخل (إسرائيل) ، وقد اختص بنيامين نتنياهو بمزيد من التميز في هذا

الجانب؛ ففي عهده المأفون وللمرة الأولى انعقد في القدس المؤتمر السنوي السابع

لرابطة (إعادة بناء الهيكل) بمباركة ومشاركة حكومية، والرابطة تضم عشر

منظمات كبرى اشتركت في تنظيم المؤتمر الذي عقد في17/9/1998م وضم آلافاً

من اليهود المتدينين من منظمات أخرى يجمعهم قاطبة أنهم أعضاء في منظمات

يهودية سرية وعلنية تدعو جهاراً إلى التعجيل بهدم الأقصى وبناء الهيكل.

وتقدر الأوساط الإسرائيلية عدد من حضروا المؤتمر بسبعة آلاف يهودي.

وكان الهدف من المؤتمر الذي شاركت فيه شخصيات حكومية تقسيم المهام من

أجل الهدف الذي جعلوه عنواناً للرابطة وهو: (إعادة بناء الهيكل) ، وقد ألقى نائب

وزير المعارف (الإسرائيلي) (موشي بيلد) كلمة أشاد فيها بالحضور، وخاطب

المؤتمرين قائلاً: (أدعوكم إلى مواصلة نشر قيم الهيكل وقيم التراث والثقافة

اليهودية بين شباب (إسرائيل) في كافة مراحل التعليم) . وأردف قائلاً: (إن الهيكل

هو قلب الشعب اليهودي وروحه) . ثم قام زعيم منظمة (قائم وحي) ليتحدث عن

المشاركين فقال: (إننا نرى دعماً رسمياً، ونأمل بأن يسهم في إعطاء انطلاقة

جديدة لقضية إعادة المعبد اليهودي في القدس) (الحياة 17/9/1998م) .

الخطوات الحكومية الممهدة لتنفيذ المؤامرة:

إذا كانت المنظمات المذكورة وهي مجرد منظمات تحمل كل هذا الحماس

للتحرك العملي من أجل خدمة المشروع الذي يمثل رمز الوجود اليهودي؛ فما بالنا

بالدور الذي يمكن أن تقوم به الدولة نفسها، وهي التي يحمل علمها هذا الرمز

(النجمة السداسية) ؟ !

لا شك أن لها دوراً يليق بكونها (دولة) وسلطة، فهناك أدوار لا تستطيع

المنظمات منفردة ولا مجتمعة أن تقوم بها، بل لا بد من قيام الدولة بالدور الأساس

فيها. والذي يظهر من السلوك العام للحكومة؛ أنها تقسم (المشروع) إلى قسمين:

قسم للتحضير، وهو يتناول عمليات الإعداد السابقة لبناء الهيكل، بما فيها هدم

المسجدين، وهذا القسم تتركه لتلك الجماعات والمنظمات المتعصبة والنشيطة،

وقسم آخر لمرحلة التنفيذ، بما تتضمنه من الشروع في البناء ذاته، وتأمين ما

يحتاجه من مشاريع وتكاليف ومنشآت وطرق وأنفاق وموظفين وإجراءات

نظامية ... إلخ.

وهناك أمر مهم آخر، وهو: تأمين المرحلة، بمعنى توفير العامل الأمني

لتلك المنظمات مجتمعة لكي تقوم بأدوارها التي لن يقوم بها غيرها في التحضير

لمرحلة البناء وما بعد البناء؛ ليتم ذلك في أسرع وقت دون معوقات. ونشير هنا

إلى بعض الإجراءات الحكومية الإسرائيلية التي لها دلالتها البالغة في الإشارة إلى

الدور الذي تضطلع به الحكومة الإسرائيلية في المؤامرة الكبرى:

أولاً: الحفريات تحت المسجد الأقصى:

وقد قطعت الحكومة الإسرائيلية فيها عشر مراحل [10] ، وهذه المراحل

العشر استغرقت المدة منذ عام 1967م وحتى نهاية 1980م، ولا تزال أعمال

الحفريات تجري بطرق أخرى إلى وقتنا هذا، وهي تستهدف الوصول إلى غاية من

أخبث الغايات التآمرية على المسجد الأقصى، ولا تستطيع المنظمات اليهودية كلها

أن تقوم بها وهي: تفريغ الأرض تحت المسجد الأقصى ومسجد الصخرة، لترك

المسجدين قائمين على فراغ، ليكونا عرضة للانهيار السريع بفعل أي عمل تخريبي، أو حتى اهتزازات أرضية طبيعية أو صناعية كما سبقت الإشارة وهم بطبيعة

الحال لا يظهرون هذا الهدف، ولكن الهدف المعلن دائماً هو الكشف عن آثار باقية

للهيكل الثاني الذي دُمر عام 70 للميلاد، وقد سمحت الحكومة الإسرائيلية خلال

عامي 1995، 1996م لمؤسستين إسرائيليتين وهما: (شركة الآثار الإسرائيلية)

و (شركة تطوير القدس) بإجراء المزيد من الحفريات.

ثانياً: شق الأنفاق:

وهي عمليات تشترك مع عمليات الحفريات في أنها تهدد أساسات المسجد

الأقصى في المرحلة الحالية، وتسهل أو تكمل مشروع بناء الهيكل في المراحل

التالية. وكانت قصة الافتتاح الرسمي لنفق (الحشمو نائيم) في سبتمبر عام 1996م، بمثابة لفت نظر لتبني الدولة العبرية لمثل هذه المشروعات.

وكان افتتاح النفق في ذلك الوقت إشارة إلى بدء الإجراء العملي (الرسمي)

لتحويل المسجد الأقصى إلى معبد يهودي، فبعد أن اكتمل النفق بطول اربعمائة متر

في فترة عمل سري؛ افتتحه عمدة القدس (تيدي كوليك) رسمياً في احتفال (علني) ،

وهذا الافتتاح الرسمي أرادت به الحكومة الإسرائيلية أن تلقي برسالة مفادها أن

اليهود أصبحوا شركاء في ساحات الأقصى؛ فالأنفاق تجري من تحتها، وبداخلها

مساحات تصلح لأن تكون كنيساً مؤقتاً، يقيم فيه الراغبون من اليهود صلواتهم (في

الدور الأسفل) ريثما يتاح الانتقال إلى الأدوار العليا، وقد وضعت الحكومة

الإسرائيلية لوحات إلكترونية داخل النفق، تظهر البلدة القديمة للقدس بدون المسجد

الأقصى أو مسجد الصخرة، ويظهر مكانهما الهيكل اليهودي، وسط طابع معماري

جديد للمدينة تغلب عليه الصبغة اليهودية. وأرادت حكومة نتنياهو أيضاً أن يكون

الافتتاح اختباراً، تقاس به ردود الأفعال والأقوال العربية والإسلامية إذا ما تم تنفيذ

مشاريع أكبر! ، وقد جاءت ردود الأفعال والأقوال مشجعة لليهود؛ حتى إن نتنياهو

لم يجد مانعاً من التفاخر علناً بما تم إنجازه، مشيداً بعهده (الشجاع) الذي شهد هذا

الافتتاح بعد أن تأخر كثيراً، وقال: (إنني فخور جداً؛ ومتأثر جداً، فالنفق يمس

أساس وجودنا) وهاجم الفلسطينيين الذين اعترضوا على ما حدث بالتظاهرات

والهتافات، وقال: (السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية ما يحصل، وسنستخدم كل

الوسائل المتاحة لوقف الاعتراضات) [11] وفعلاً ... توقفت الاعتراضات،

واستؤنفت المفاوضات بعدها على كل المسارات! ... ثم توقفت بعد إصرار اليهود

على بناء مستوطنات على جبل أبي غنيم.. ثم استؤنفت حتى جاء الوقت الذي

تعاقدت فيه (إسرائيل) مع المنظمة على تحمل تلك (المسؤولية) الأمنية كاملة.. في

جريمة كاملة تسمى: (واي بلانتيشن) .

ومما يجدر ذكره أن هناك أنفاقاً أخرى لم يُعتَرض عليها يجري الإعداد لها

والعمل فيها، والهدف منها أن يأتي وقت تكتمل فيه ممرات وشوارع تحت ساحات

الأقصى تسهل التنقل تحته في المراحل القادمة.

ثالثاً: السور العازل بين المسلمين واليهود:

اليهود يتهيؤون ليوم آتٍ تتأجج فيه المشاعر، وتختلط فيه المسائل، وينفجر

بركان الغضب الذي تكتمه أكذوبة السلام؛ فقبل اغتيال إسحاق رابين بعام، طَرحَ

مشروعاً رأى أن فيه حلاً نهائياً للفصل بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وذلك

ببناء سور ضخم يمتد بطول 360 كيلو متراً، وارتفاع ثلاثة أمتار، يفصل

الأراضي الخاضعة لسلطة الحكومة الإسرائيلية، والأراضي الواقعة تحت السلطة

الفلسطينية. وقد هندس للمشروع (موشيه شاحاك) وزير الشرطة الإسرائيلي،

ووافق عليه بيريز، وبدأ تنفيذ المشروع عام 1996م.

والمشروع عند التأمل لا ينفصل عن مجمل مساعي (الحكومة الإسرائيلية)

للتهييء لما تخبئه الأيام من صدام حتمي.. وبما أن جُل الصدامات الشعبية مع

اليهود في الأرض المحتلة كان الباعث لها والحادي إليها مآذن المسجد الأقصى..

فماذا يا تُرى يمكن أن يحدث لو استُهدفت تلك المآذن ذاتها، واغتيل المسجد بكامله؟!

لا بد إذن من استعداد ...

وقد أعلن في حينه أن السور يهدف إلى منع دخول الفدائيين لتنفيذ عمليات

(تخريبية) داخل (إسرائيل) ، ولكن الظاهر أن الهدف أكبر وهو تمكين اليهود

وحدهم من التخريب دون حسيب أو رقيب. إن المشروع واجه صعوبة في تنفيذه

في البداية بسبب ضخامة تكاليفه؛ ولكن وكالعادة لم تقصر الولايات المتحدة حكومة

وشعباً في دعم المشروع المريب، بل إنها تعهدت بأن يتم تنفيذه كاملاً بتمويل

أمريكي خالص، وقد أقرت له ميزانية منذ عام 1993م، وقدم كلينتون القسط

الأول منها (مائة مليون دولار) في زيارته لـ (إسرائيل) عام 1996م، ومولت

واشنطن أيضاً عمليات تزويد السور بـ (18) معبراً، وطائرات استطلاع بدون

طيار تحلق على مدار الليل والنهار فوق السور، وأجهزة لضبط المتسللين وكشف

المتفجرات. والسور تقرر تزويده أيضاً ببوابات إلكترونية حديثة تمنع تسرب أي

آلة معدنية، وأعلن في الولايات المتحدة عن إرسال معدات تُرَكّب في الحيز

العرضي للسور مع بالونات عسكرية بها أجهزة رصد تصويرية للحركة على امتداد

السور، وسيزود الأمريكان إسرائيل أيضاً بـ (206) طائرة هليوكبتر من النوع

الخفيف لمزيد من المراقبة على الساحات المحيطة بالسور، وسيؤدي السور الذي

سيحول المناطق الفلسطينية إلى معتقل كبير إلى حرمان المسلمين في الأرض

المحتلة من مجرد التمتمع بالنظر إلى أرض المقدسات من وراء الأفق، وسيمكّن

اليهود من منع المسلمين نهائياً عندما يريدون من الوصول إلى المسجد الأقصى في

يوم الجمعة أو في غيره.

بعض الواهمين يظن أن السور الذي تدعمه أمريكا، يدل على اتجاه إسرائيل

نحو الاعتراف بدولة فلسطينية؛ لأنه سيضع فواصل حدودية بينها وبين (إسرائيل)

ولكن (شيمون بيريز) حمامة (السلام) النووية، بدد هذا الوهم عندما قال: (لن

تكون هناك دولة فلسطينية، والسور لا يمثل حدوداً لنا مع هذه الدولة) [12] .

فماذا يمثل إذن؟ ! إنه يمثل (أسطورة) خيالية، أخرجتها إلى عالم الوجود

التكنولوجيا (الأيدولوجية) الجديدة! !

اسمعوا إلى هذه الأسطورة التي تتحول أمامنا إلى واقع: جاء في كتاب

(القابلاه) : في شرح التوراة: (توصف القدس بـ (الشخيناه) يعني الملكوت الذي

سيحكم العالم، وستحيط بها المرتفعات حتى لا تصل إليها قوى الظلام، وستعلو

جدرانها حتى يعود التوازن إلى العالم!) .

إذن، تحصين القدس وتحويلها إلى قرية محصنة والاستتار خلف أسوارها..

ثم القتال (الجبان) من خلف جدرانها؛ ليس إلا تعبيراً حديثاً جداً، عن التركيبة

العقدية والنفسية العتيقة لأمة اليهود الملعونة على ألسنة الرسل، وصدق الله القائل:

[لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ] . [الحشر: 14]

إن وراء خطوة اليهود الرامية إلى هدم الأقصى خطوات أكبر إلى مساعٍ

أخطر يمثلها ذلك الإصرار العنيد على بناء الهيكل الثالث.. هيكل سليمان، فما

هو ... ولماذا يعاد بناؤه ... ومتى يريدون الإعادة ... وماذا أعدوا لذلك؟

هذا ما سنعرض له في حلقة قادمة؛ إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015