عبد الله المسلم
التحديات التي تواجه الدعوة الإسلامية اليوم عديدة، ومن أبرزها:
* تحديات تتمثل في ضخامة الانحراف في الأمة والبعد عن منهج الله تبارك
وتعالى.
* وتحديات تتمثل في الفساد الهائل في الميادين الإدارية والسلوكية.
* وتحديات تتمثل في الأمراض الاجتماعية المتغلغلة فينا، وفشو الفقر
والأمية والتخلف.
* وتحديات تتمثل في التخلف الحضاري والتقني الذي تعاني الأمة منه،
وتأخرها عن ركب الأمم الأخرى.
* وتحديات تتمثل في مشكلات تعاني منها الدعوة الإسلامية، كالفرقة
والتناحر والضياع بين فصائل العمل الإسلامي، والخلط في مناهج التغيير وبرامج
الإصلاح.
* وتحديات وتحديات ...
إن الحديث عن هذه التحديات والعقبات يطول، ويصعب على امرئ
استقصاؤه وحصره، وهو أمر كثيراً ما نطرقه ونثيره ونحن نتجاذب أطراف
الحديث حول قضية الإصلاح والتغيير.
ومع الإيمان بأهمية إدراك حجم التحديات وضخامتها، وضرورة وضع
الأمور في نصابها الصحيح دون تهوين؛ إلا أن المبالغة أو التركيز في الحديث
على جانب معين من المشكلة يؤدي إلى نتائج معاكسة.
فالمنتظر من الحديث حول العقبات والتحديات أن يؤدي إلى شحذ الهمم ورفع
العزيمة، والبذل والتضحية بما يتناسب معها؛ إلا أن الإفراط في ذلك ربما أدى إلى
اليأس؛ فهل الطاقات المتاحة اليوم، وبرامج العمل، والصحوة بمؤسساتها الضعيفة، وقدراتها المبددة وغير القادرة على استيعاب خلافاتها وحل مشكلاتها فضلاً عن
التغيير في الواقع، هل ذلك كله يمكن أن يوصل إلى التغيير الذي نتطلع إليه في
واقع المسلمين اليوم؟
إنه التفكير السريع الذي لا يأخذ في حسبانه إلا العوامل المادية والبشرية،
لكنه حين يتجاوز ذلك، فيضع في الاعتبار القواعد والمنطلقات الشرعية فإن النتائج
تختلف، أينسى أن قدرة الله تبارك وتعالى مطلقة، ومشيئته نافذة، وأن ما شاء كان
وما لم يشأ لم يكن، وقدرته تبارك وتعالى تتجاوز حسابات الناس القريبة
واعتباراتهم المنحصرة في العالم المادي المحسوس، قال تبارك وتعالى: [إنَّا كُلَّ
شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ] [القمر: 49، 50]
وقال عز وجل: [إنَّمَا أَمْرُهُ إذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ] [يس: 82] .
وأخبر -صلى الله عليه وسلم- أن الدين سيعلو وينتصر لا محالة؛ فعن تميم
الداري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:
(ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله
الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به
الكفر) [1] .
وعن أُبيّ بن كعب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بَشّرْ هذه
الأمة بالسناء والنصر والتمكين، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في
الآخرة نصيب) [2] .
وعن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله يبعث
لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) [3] .
إنها أخبار صادقة، ووعود لا بد من أن تتحقق؛ فلنتوازن في تفكيرنا، ولا
تسيطر علينا الحسابات المادية، ولنعلم أن قدرة الله تبارك وتعالى فوق كل حسابات
البشر، [وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] . [الأنفال: 30]