منتدى القراء
أسامة عبد الرؤوف الجامع
من المعروف أن لشخصية الشاب المتدين المستقيم خصائص تختلف عن بقية
شخصيات شباب المجتمع؛ فهو يضبط نفسه بسمت وسلوك ينتج عنهما نوع من
مظاهر التحفظ تجاه زملائه وأقرانه، سواء أكان ذلك في الشارع أو العمل أو مقاعد
الدراسة؛ ومن ثمّ فلا بد أن تكون هناك بعض الموازنة في هذا الأمر؛ فهناك فرق
بين أن تكون شخصية المسلم مستقلة تؤثر ولا تتأثر إلا بمن يوافقها دون ذوبان أو
مداهنة مع المجتمع المحيط، وبين أن تكون هذه الشخصية متحفظة لدرجة التقوقع
وعدم الاختلاط بالمجتمع إلا مع مثيلاتها، ولعل السبب يعود برأيي إلى الراحة التي
يجدها الشاب الملتزم مع أمثاله ونفوره التام أو تحفظه على الأقل تجاه بقية شباب
مجتمعه؛ مما يسبب نظرة مستغربة من قِبَلِ المجتمع قد تفسر بل فسرت بطريقة
خاطئة. ونجد هذه الفكرة منطبعة في عقول بعض شرائح المجتمع وخاصة الشباب
منهم، وهي أن الشاب المتدين منغلق على نفسه لا تراه إلا مع من هم مثله ولا
يحتك بالآخرين، ورغم أن الشاب الملتزم قد يعذر في مثل هذا التصرف إلا أن هذا
ليس هو الأصل؛ إذ إن عليه أن يراعي عدة أمور، منها: أن الخير الذي هو فيه
ليس لذاته فقط بل عليه أن يبلّغه غيره أياً كان؛ وقول النبي لله: (لا تصاحب إلا
مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي) قول حق؛ لكن يجب ألاّ يُفهم خطأً؛ وهذا الفرق
في أن الشاب الملتزم عليه أن يكون داعية حَذِقاً يشق طريقه نحو كسب قلوب من
حوله دون تقديم أي تنازلات؛ فالمعاملة فن، والكلمة ليست سهماً لكنها تخرق القلب؛ فالعلاقات الاجتماعية مهمة ليست لذاتها؛ ولكن لتحقيق أهداف سامية؛ فالمسألة
تحتاج إلى صبر وتحمّل؛ وقد قال نبينا لله: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر
على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) رواه ابن ماجه،
وهكذا يكون الداعية الحقيقي.