ملفات
أمواج الردة وصخرة الإيمان
بقلم: عبد العزيز مصطفى
في العصور الحديثة، كان الغزو النابليوني لمصر، بداية لتغيرات عميقة في
المنطقة، هذا الغزو العسكري الذي كانت تؤزه دوافع الاستيلاء والاستعلاء معاً:
الاستيلاء على الخيرات والمقدرات، والاستعلاء بفرض الصبغة الأوروبية الفرنسية
خاصة نموذجاً بديلاً في الثقافة والحضارة، حيث لا يتم ذلك إلا بإحلال تقاليد
وقوانين، بل وعقائد أجنبية غربية محل الإسلامية منها.
وقد قطع الفرنسيون في سبيل الوصول لتلك الغاية أشواطاً طويلة، واستأنف
الإنجليز بعدهم المسيرة المشؤومة، بعد فرض سيطرتهم على مصر والعراق
وأطراف الجزيرة وبقاعاً أخرى في العالم الإسلامي.
وعبر صراعات طويلة استتب الأمر أخيراً للهيمنة الغربية.
وللحقيقة ... فإنه مما يسجل لأمة الإسلام أنها لم تستسلم لهذا الطغيان الغربي
بإطلاق، فقد قامت حركات إصلاحية مضادة، متأثرة بدعوات كلٍ من الشيخ محمد
بن عبد الوهاب في نجد، والصنعاني والشوكاني في اليمن، ثم الشيخ رشيد رضا
في مصر وقد تركت تلك الدعوات الإصلاحية أثراً عميقاً على الوعي الإسلامي،
ظل يتفاعل حتى بعد سيطرة النمط الغربي الذي فرّخ في بلاد المسلمين أجيالاً
مشوهة في الفكر والعقيدة، ما لبثت أن دُفعت إلى مكان الصدارة والتوجيه لجماهير
مشوشة. لقد نظر البعض إلى الغزو الأوروبي على أنه بداية للتحديث في المنطقة
العربية والإسلامية، وكان ممن ركزوا على هذا وحاولوا تسويغ هذا الغزو؛
نصارى العرب مثل (ألبرت حوراني) الذي أرخ للحداثة بالغزو النابليوني [1] .
لكن نصارى العرب، لم يكونوا مؤهلين بعد للقيام بدور أكبر، فكان لا بد من تجنيد
دعاة يتكلمون بلسان الغرب، ويلبسون مسوح الشرق!
ظهر تغريبيون كثيرون في ثوب إصلاحيين، من أمثال رفاعة الطهطاوي،
وعلي مبارك، وخير الدين التونسي، وجمال الدين الأفغاني، ورفيق العظم،
وغيرهم.. وكان هؤلاء بمثابة قنطرة عبر من فوقها حصان طروادة الكبير، الذي
امتلأ عن آخره بأصناف وأشكال من عصابة المثقفين الكبار ...
لم تكن الخطورة من هؤلاء كامنة فقط في تمييع شخصية الأمة والقضاء على
تميزها القيمي وطابعها السلوكي، وإنما تعدت ذلك إلى ما هو أخطر ... تعدته إلى
تفردها العقائدي القويم الذي حازت به ما حُرِمت منه قطعان الأمم ... فعقائد الإيمان
بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر، كانت الموضوع الرئيس
المستهدف، ومع هذا فإننا عندما نراجع قوائم المتهمين بالإجرام في حق الأمة
المسلمة؛ نجد أنهم تقاسموا فيما بينهم وظائف التخريب باسم الثقافة تارة والأدب
تارة والفن والإبداع والتحديث تارات أخرى، لكن تبقى الخطورة الأكبر في الفئة
التي ندبت نفسها لإفساد العقائد في أكبر شريحة مستطاعة من (الجماهير) ،
وخطورة هؤلاء تكمن في أنهم ركزوا على الأساس الذي إذا أصابه الخلل، فإن
البنيان كله يتداعى معه ويسقط. ولم تكن أدوات الهدم التي تزودوا بها مجرد مِعْول
ومسحاة وقدّوم، لكنها قلم وفرشاة وشاشات وقانون..! هذه تهدم، وذاك القانون
يحمي ولا يجرم!
والمجال هنا بطبيعة الحال لا يتسع لتعقب جهود المفسدين في مجالات الثقافة
والأدب والفن والتعليم، ولكننا نركز على ذلك الصنف الذي استهدف العقائد دون أن
يمتنع من المشاركة في ألوان الإفساد الأخرى ... ، وسنتخطى أيضاً من كانت آثاره
الفكرية مما يحتمل التأويلات والتفسيرات، لنشير إلى الذين أسفروا بوضوح
مفضوح عن كوامن قلوبهم ...
ونبدأ بمن أطلق عليهم لأهداف لا تخفى: (جيل الرواد) أولئك الآباء
الروحيون لأجيال تالية من (القواد) الذين مارسوا القوادة الفكرية لحساب أصحاب
المطامع الأجنبية.
من هؤلاء (الرواد) وفي مقدمتهم (طه حسين) ، ذلك الكاتب الذي أُطلق لقلمه
العنان، وأُعطيت له الوصاية للتحدث باسم الأدب العربي، فانطلق مدفوعاً بالغرور
والاستعلاء، يشوه وجه المنهج الإسلامي بإثارة الشبهات، وإذاعة أدب المجون،
وإشاعة النقائص، في الوقت الذي عمل فيه على إبراز (الكمالات) في الفكر الوثني
اليوناني القديم، والفكر الإلحادي الغربي الحديث، خاصة في جوانبه المادية
والإباحية.
وفي سبيل ذلك كان أول من نقل سموم (مرجليوت) في الشعر الجاهلي،
و (جولد سيهر) في العقيدة والشريعة، و (دور كايم) في التاريخ.. فأثبت في كل هذا
أنه جمع بين نقيضين في آن، وهما الأمانة والخيانة: فكان أميناً وفياً لأساتذته
المستشرقين من النصارى واليهود، خائناً لله ولرسوله -صلى الله عليه وسلم-
وللمؤمنين ...
وهذه بعض آرائه ومعتقداته المبثوثة في كتبه ومقالاته:
الدين خرج من الأرض ولم ينزل من السماء.
الإسلام بقي على هامش حياة المسلمين الأولى.
القرآن قابل للنقد باعتباره كتاباً أدبياً.
السيرة النبوية فيها أساطير، وهي قابلة لإلصاق أساطير أخرى بها.
تعقب أخبار الزناة والفساق والفجرة ... أدب رفيع ...
القرن الثاني للهجرة (عصر التابعين وتابعيهم) كان عصر شك وفسوق.
الحضارة الغربية يجب أن تؤخذ بخيرها وشرها وحلوها ومرها.
وجود إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام أمر مشكوك فيه، ولو ذكروا في
التوراة والإنجيل والقرآن.. فلسنا ملزمين بتصديق أي منها!
الفتح الإسلامي لمصر، كان استعماراً كاستعمار الرومان والفرس والإنجلي [2] . ...
وهناك رأي شائع وانتشر يقول إن طه حسين قد تنصر بالفعل في فرنسا [3] .
ونأتي إلى رمز ثانٍ من (جيل الرواد) وهوالأديب المشهور عربياً وعالمياً ...
نجيب محفوظ، الحائز على جائز نوبل العالمية في (الأدب) ! إن انحرافات نجيب
محفوظ الاعتقادية أكثر من أن تحصر، وهو يتخفى وراء الرواية الأدبية، ليلقي
السهم تلو السهم مستهدفاً قلب العقيدة، وهو الإيمان بالله تعالى هذا الإله الذي رمز
له (نجيب) بأشخاص جعل منهم مثاراً للسخرية والتندر، ومبعثاً للهزء والكره ...
ففي روايته الشهيرة (أولاد حارتنا) التي اعتبرها أحب أعماله إليه، والتي من أجلها
كافأه اليهود بجائزة (نوبل) رمز إلى الإله سبحانه بشخص سماه (الجبلاوي) وأعطاه
في الرواية دور رجل متسلط على أهل حارة، وله أعوانه الذين يسيطر بهم على
سكان الحارة، وهؤلاء الأعوان هم الأنبياء الذين رمز لكل واحد منهم باسم وشخص!
وله رواية باسم (الطريق) رمز فيها إلى الله تعالى برجل اسمه (سيد الرحيمي)
متطاولاً على الذات الإلهية ولا شك أن عقائد الإيمان لا تساوي شيئاً عند نجيب
محفوظ، يدل على ذلك أن له رواية بعنوان (الثلاثية) صرّح فيها بأنه عبّر عن
آرائه الشخصية من خلال أحد أبطال القصة وهو (كمال عبد الجواد) ، حيث أورد
على لسانه كثيراً من قناعاته، ووصفه في القصة بقوله: (كان كأنما يود أن ينعي
إلى الناس عقيدته، لقد ثبتت عقيدته طوال عامين أمام عواصف الشك التي أرسلها
(المعري) و (الخيّام) حتى هوت عليها قبضة العلم الحديدية، فكانت القاضية) ثم قال
على لسانه: (على أنني لست كافراً ... لا زلت أؤمن بالله، أما الدين ... إن الدين
ذهب.. كما ذهب رأس الحسين) ! !
فهو هنا يفصح عن زندقة ظاهرة، عندما يزعم أن الإنسان يمكن أن يظل
مؤمناً بالله دون أن يؤمن بأي دين! !
فطريقته المفضلة في بث عقائده الباطلة، أن يوردها على ألسنة أبطال
رواياته وهذا ما حصل منه أيضاً في رواية له باسم (الحرافيش) ساق فيها على
لسان (عاشور الناجي) كل ما أراد من فلسفات وآراء منحرفة، وعندما يواجه نجيب
بجرائمه الفكرية الكفرية، يردد هذه العبارة (لا يوجد فهم نهائي للعمل الأدبي) ! إنها
إذن باطنية جديدة تتدثر بالأدب، وغواية تتستر بفن الرواية! ونترك صاحب
النجابة المزيفة (محفوظ) إلى صاحب الحكمة المدعاة (توفيق) صاحب القلم الساخر
واللسان اللاذع، إنه الرجل الذي أفنى عمره وهو ينحت بقلمه شروخاً عميقة في
أسس البنيان العقائدي للأمة، وانحرافات (توفيق الحكيم) خليط رديء من الزندقة
والخرافة، والمجون، والإلحاد الذي يصل إلى حد الجنون، والمثال الذي سأذكره
يدل على كل هذا.
للأديب المشهور قصة بعنوان (الشهيد) أتدري أيها القارئ من هو الشهيد؟! ... اسمع لقصته ... وسبح بحمد ربك الحليم على ظلم العباد، (أراد ( ... ) أن
يتوب، فذهب إلى شيخ الأزهر، وطلب منه أن يساعده على التوبة، فسخر منه
شيخ الأزهر وقال له: إن بقاءك على الكفر ضروري لبقاء الإسلام ... لكن (....) لم يستسلم لرفض شيخ الأزهر، فصعد إلى السماء وطلب من جبريل التوسط عند
ربه لقبول توبته، فرده جبريل بجواب آخر وحجج أخرى، فحواها أن بقاءك على
الكفر لابد منه؛ لأنه لا معنى للفضيلة بغير وجود الرذيلة، ولا للأبيض بغير
الأسود، ولا للنور بغير الظلام بل ولا للخير بغير الشر ... فهنا ضجر (....)
وقال: هل تظل النقمة لاحقة بي، واللعنة لاصقة باسمي على الرغم مما يسكن
قلبي من حسن النية ونبل الطوية؟ فأجيب: نعم يجب أن تظل هكذا إلى آخر
الزمان) .
أرأيت أيها القارئ مَنْ هو حَسَن النية ونبيل الطوية و (الشهيد) في رأي
(الحكيم) ؟ ! ... إنه (إبليس) ، نعم إبليس، فهو يراه مظلوماً (فمن ظلمه؟) وقد
سُدت أبواب التوبة في وجهه مع رغبته فيها، ولهذا اعتبره شهيداً!
يختم توفيق لا وفقه الله روايته بعبارة قال فيها يصف حال إبليس بعد أن أغلق
باب التوبة في وجهه: (بكى إبليس.... وترك السماء مذعناً، وهبط إلى الأرض
مستسلماً، ولكن زفرة انطلقت من صدره وهو يخترق الفضاء، رددت صداها
النجوم والأجرام في عين الوقت ... كأنها اجتمعت كلها لتلفظ تلك الصرخة الدامية ... إني شهيد ... إني شهيد) !
إن هذا الكفر المنشور على الناس، لم يجد سطراً يجرمه في الشريعة الإنجلو
فرنسية التي تطبق قسراً في بلاد المسلمين، فإلى الله المشتكى! وعلى خطا توفيق
الضالة، سار كاتب آخر هو (صادق جلال العظم) ، حيث اعتبر في مقالة نشرت
بمجلة (حوار) اللبنانية [العدد الثاني السنة الرابعة] أن إبليس أول الموحدين! ! لماذا؟؟ لأنه كما قال أبى أن يسجد لغير الله! ! فعندما أمره الله أن يسجد لآدم رفض هذا الشرك (الذي وقعت فيه الملائكة طبعاً حسب زعمه) .
إن هؤلاء لا يؤمنون بأية قيمة أو مبدأ.. وحتى إبليس الذي يدافعون عنه،
هم لايؤمنون بوجوده! يقول صادق العظم هذا: (لا أريد أن أتكلم عن إبليس
باعتباره كائناً موجوداً حقيقياً، وإنما أريد دراسة شخصيته باعتبارها شخصية خيالية
أبدعتها مكة الإنسان الخرافية) !
لا شك أن هذا الفكر المتعفن، قد ترسب في مستنقع آسن يصلح لأن تتربى
فيه أشكال وأنواع من الكائنات أوالكوائن الصارخة في شذوذها وانحرافها، وبالفعل
فقد تخرجت أجيال تلو أجيال على تلك الشاكلة، لا تحسن إلا الإساءة، الإساءة إلى
الحق وإلى الحقيقة.. إلى العقيدة وإلى الشريعة ولئن كان أمثال طه ونجيب والحكيم
قد حاولوا التستر خلف معان باطنية ماكرة وإن كانت مفضوحة فإن الأجيال التي
تسلمت رايات الضلالة بعدهم، تبجحت بظاهرية كفرية وقحة، لا تستحيي من سب
الإله علانية وعلى الملأ المسموع والمقروء والمشاهد.
وسنضرب أمثلة من أقوالهم، تدل على أن أمواج الفتن التي يركبون متونها؛
لا تزال تضرب بعنف مجنون صخرة العقيدة والإيمان في أكثر بلاد المسلمين،
عرباً وعجماً، فلنستعرض نماذج منهم في البلاد المختلفة:
* من سوريا: ومثل السوء المضروب من هناك (أدونيس) .. أو (علي أحمد
سعيد) سابقاً، ذاك القزم المتعملق.. ماذا كان وأين أصبح؟ كان على النحلة
النصيرية المارقة، ثم تاب إلى إبليس منها، والتحق بالشيوعية، وتسمى بأحد
أصنام القنيقيين (أدونيس) وانضم في مقتبل عمره إلى الحزب القومي السوري وتأثر
برئيس الحزب النصراني (أنطوان سعادة) ثم مال إلى اليهودية بعد عمالة طويلة
للماسونية ... [ظلمات بعضها فوق بعض] ... ومع كل هذا تتسابق الصحافة
ودور النشر ووسائل الإعلام في عرض كفرياته التي يتفاخر بها على الشيطان. إن
دينه الآن: الإلحاد المطلق! نقول: هو حر في اختيار ما يشاء من أودية الهلاك،
ولكن الأمر المستغرب والسؤال المحير هو: لماذا الإصرار على رفع كل وضيع،
وتشريف كل رقيع في الصحافة والإعلام، في أكثر بلاد المسلمين؟ !
يقول (أدونيس) في ديوان له صدر عام 1961م: (لا الله أختار ... ولا
الشيطان.. كلاهما جدار، كلاهما يغلق لي عيني، هل أبدِّل الجدار بالجدار) !
تعالى الله عما يقول هذا الظالم علواً كبيراً.. ويقول في كتابه (زمن الشعر) ص
156: (من أعقد مشاكلنا مشكلة (الله) وما يتصل بها مباشرة في الطبيعة وما بعدها)
ويقول في ديوان: (أغاني مهيار) ص 49 (اعبر اعبر.. فوق الله والشيطان) ! أما
كتابه (مقدمة للشعر العربي) فيقول فيه في ص 131: (الله في التصور الإسلامي
التقليدي نقطة ثابتة متعالية، منفصلة عن الإنسان، لكن التصوف على مذهب
الحلاج طبعاً ذوّب ثبات الألوهية.. أزال الحاجز بينه وبين الإنسان، وبهذا المعنى
قتله أي الله وأعطى للإنسان طاقاته) ! ويقول ذلك الصنم في مجموعته الشعرية
(3/ 150) : (يا أرضننا يا زوجة الإله والطغاة) .. ويقول فيها (3/217- 218) : ... (الله يحل في كل شيء! خلق الضد ليدل على المضدود، حل في آدم وفي إبليس) ! !
ويقول فيها (1/121) : (أشعلنا الشمع وصلينا ... وتمنينا.. فرأينا الله بلا ميعاد) !
ويقول في تلك المجموعة أيضاً (1/304) : نمضي ولا نصغي لذاك الإله، تقنا إلى
رب جديد سواه) ! ! ! سبحان الحليم الصبور، على كل شيطان كفور.
* ومن العراق: الشاعر العراقي الشهير (عبد الوهاب البياتي) ... يقول في
ديوانه (كلمات لا تموت) ص 526: (الله في مدينتي يبيعه اليهود ... الله في
مدينتي مشرد طريد) ويقول: (في الأصقاع الوثنية، حيث الموسيقى والثورة
والحب وحيث الله.... فسيبقى صوتي قنديلاً في باب الله) .
ويقول هذا الجهول الكفور (2/562) لا تسافري.. لأن الله - منذ رحلت - دخل في نوبة بكاء عصيبة وأضرب عن الطعام!!
ويمعن في كفره وشططه فيقول: (3/637) (والله مات..وعادت الأنصاب)
ويعلن هذا الكفر بلا مداراة ولا حياء فيقول: يثير حزيران جنوني ونقمتي..فأغتال أوثاني وأبكي وأكفر ".
ويعبر بلسان فصيح عن قيمه وقيمة الكون عنده، فيقول مسارعاً في الكفر:
" يسقط: الشمس والنجوم والجبال والوديان والنهار والبحار والشيطان والله والإنسان....!!!
سبحان الله ... أهذا إنسان؟! أهذا حيوان ... أم شيطان ... ؟!
إن إبليس اللعين لم يسب الإله، وإنما أقسم بعزته..إن الشيطان الرجيم يقول:
[إني أخاف الله] [الأنفال: 48] !! [*] إننا نحار في تصنيف هذا النوع من المخلوقات التي على شاكلة نزار!
* ومن اليمن: يقول شاعرها، الشهير أيضاً (عبد العزيز المقالح) في قصيدة
له نشرتها مجلة العربي الكويتية: (صار الله رماداً، حتماً رعباً في كف الجلادين،
حقلاً ينبت سبحات وعمائم، بين الرب الأغنية والرب القادم من هوليود) .
* ومن فلسطين: نسمع من هذه البلاد المبتلاة عن رجال ونساء جعلوا من
سب الإله مادة أدبية تغذي روح (الكفاح) وتدفع إلى (المقاومة) .. مقاومة من؟
اليهود؟ ! ... أُشهد الله أنهم أكفر من اليهود يقول محمد درويش في قصيدته
(الموت في الغابة) :
نامي فعين الله نائمة عنا وأسراب الشحارير
ويقول: معين أو (لعين) بسيسو في قصيدته (إلى سائحة) :
(وآخر ديك قد صاح ذبحناه ... لم يبق سوى الله.. يعدو كغزال أخضر
تتبعه كل كلاب الصيد ... ويتبعه الكذب على فرس شهباء سنطارده.. سنصيد له
الله) ! ! ويقول في قصيدة (عيون مليكة المراكشية) : (والله كان يلعب الشطرنج كل
ليلة مع الملائكة) ! ! سبحان القدوس ... سبحان القدوس سبحانك لا تؤاخذنا بما فعل
السفهاء منا.
واستمع أيها القارئ للشاعرة الفلسطينية (فدوى طوقان) في قصيدتها (مرثاة
إلى نمر) تقول:
(وأنت يا من قيل عنه إنه هناك حانٍ لطيف بالعباد ...
أين أنت لا أراك ... دعني أراك.. كي أقول إنه هناك)
أما (سميح قاسم) فيقول: في قصيدته (أبطال الرواية) :
(والله نحن نشاؤه بغرورنا شيئاً له قسماتنا الشوهاء ترسمه أنانياتنا) ! ...
* أما في مصر، فحدث ولا حرج، فلقد ورّث (جيل الرواد) فيها أولاداً
وأحفاداً، ولا ندري عن أيهم نتحدث، هل نتحدث عن الهالك (فرج فودة) الذي
هاجم في كتاباته الإسلام صراحة وقال إنه يصلح عقيدة في القلب ولا يصلح نظاماً
للحياة؟ أم نتحدث عن المرتد بحكم القانون فضلاً عن الشريعة (نصر أبو زيد) الذي
اعتبر القرآن نصاً بشرياً لا قدسية له، والذي صرح بقناعته بأن العقيدة مؤسسة
على الأساطير الشائعة، وأن الشريعة صاغت نفسها مع حركة التاريخ، والذي
نادى بتحويل (الإلهيات) إلى إنسانيات، نصرٌ هذا الذي يتباكى عليه أمثاله من
الحاقدين على الإسلام قال في كتابه (نقد الخطاب الديني) : (ما زال الخطاب الديني
يتمسك بوجود القرآن في اللوح المحفوظ، اعتماداً على فهم حرفي للنص، وما زال
يتمسك بصورة الإله الملك بعرشه وكرسيه وصولجانه ومملكته وجنوده الملائكة،
وما زال يتمسك بالدرجة ذاتها من الحرفية عن الشياطين والجن والسجلات التي
تدون فيها الأعمال، والأخطر من ذلك تمسكه بصور العقاب والثواب وعذاب القبر
ونعيمه ومشاهد القيامة والسير على الصراط.. إلى آخر ذلك كله من تصورات
أسطورية) ! !
فماذا أبقى الأستاذ الجامعي للدين، وهو الذي أمضى سنوات عديدة يدرس
للأجيال ... حتى اكتشف أمره.. فجأة!
هل نتحدث بعد ذلك عن (حسن حنفي) الذي ينكر وجود الجنة والنار ووجود
إبليس، والذي يقول في كتابه (من العقيدة إلى الثورة) : إن الله هو الإنسان الكامل! !
أم نتحدث عن شيخ الضلالة (خليل عبد الكريم) صاحب كتاب (شدو الربابة
في أحوال الصحابة) الذي أطلق فيه لساناً سليطاً وفاجراً على شخص النبي -صلى
الله عليه وسلم- وآصحابه الكرام، واصفاً إياهم بكل معيبة ومنقصة، إنه أراد
حسب زعمه أن يكشف حقيقتهم أمام الناس، فألف ونشر ووزع ما تقيأه في كتبه
المطبوعة، لقد صور الصحابة على أنهم كانوا يمثلون مجتمعاً متحللاً مشغولاً
بالرذائل والهوس الجنسي! قال: وبئس ما قال: (ولم تكن التجاوزات مقصورة
على مشاهير الصحابة ممن ذكرنا بعضهم على سبيل المثال، بل تعدتهم إلى
صحابيات معروفات) ويتحدث هذا الأفاك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بكل
فظاظة وقلة أدب، فلا يذكره إلا باسمه المجرد (محمد) ! ، يقول في كتابه السيئ
(مجتمع يثرب) ص 54: (ونظراً لأن التقاء الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر طقس
يومي من الطقوس الاجتماعية المعتادة في مجتمع يثرب، فقد اضطر محمد دفعاً
للحرج أن يبيح لهم أن يسيروا في المسجد وهم جنب) ! ! والذي يظهر لنا أن
الباطنية الرافضية، تتحالف الآن مع أمثال خليل عبد الكريم لبناء برج جديد
للشيطان في مصر، يهدم الإسلام من خلال هدم رموزه وأعلامه، وعلى رأسهم
الصحابة رضوان الله عليهم، فإذا كانت هذه أحوال من صحبوا رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- وعاينوا المعجزات وعاصروا الوحي، فأي خير يبقى في هذه الأمة!! ويدل على ذلك أيضاً أن شخصاً آخر من خطباء الفتنة يدعى: (حسن شحاتة) احترف سب كبار الصحابة من فوق المنبر، ووصف في إحدى أشرطته المتداولة
في مصر: أخيراً ...
عثمان رضي الله عنه بأنه (بواب..) وقال عن عمر (قواد) واتهم عائشة في
عرضها كل هذا بألفاظ بذيئة سوقية لا بد لنا بعد استعراض ما ذكر من وقفات:
أولاً: هذا الكم المزعج والمقزز من النقولات الكفرية، إنما هو للرموز
البارزة جداً، وإلا فإن استقصاء ما يبث وما ينشر لـ (الأجيال الصاعدة) التي
تتلمذت على أيدي هؤلاء، لا يمكن حصرها.
ثانياً: هذه الألفاظ المنقولة لهؤلاء، لا تعني بالضرورة أن كل إنتاجهم الفكري
يحوي مثل هذه الجرأة والصراحة في الكفر.. ولكن يبقى أنها تشير بوضوح إلى
الخلفية العقدية والسلوكية التي يكتبون بوحي منها.
ثالثاً: قد يقول قائل: إن هذه الفئة من الأدباء والشعراء والروائيين والمفكرين، لا تخاطب إلا فئة محدودة من الناس، وتأثيرهم بالتالي سيكون محدوداً.. أقول:
إن هذه الشريحة التي يخاطبها هؤلاء، أكبر مما نتصور، فقصائد الشعر، قد
ترددها الملايين في شكل أغنية بعد تلحينها، ورواية الأدب، قد تشاهدها الجماهير
في مسرحية بعد تمثيلها ... وقصة الكاتب قد تتعايش معها الجموع الغفيرة أمام
الشاشات في شكل أفلام بعد إخراجها ... ثم إن كثيراً من هؤلاء المفسدين يتربعون
على قمم الأهرامات الإعلامية، ويتتبع الناس كلماتهم وأعمدتهم في الدوريات التي
تقذف المطابع بالملايين منها يومياً وأسبوعياً وشهرياً.
رابعاً: لا نظن أن الظواهر الشاذة جداً في المجتمعات الإسلامية مثل ظاهرة
الغلو في التكفير، أو ظاهرة الغلو في الكفر التي تفتك بالشباب، لا نظنها إلا نتيجة
مباشرة لاستمرار ذاك التيار الفاسد، فالذين يغالون في التكفير، قد أصابهم هؤلاء
بصدمة أفقدتهم الصواب، حتى لم يصدقوا أن مجتمعاً ينشر فيه مثل هذا الكفر.
يمكن أن يكون مسلماً
وكذلك فإن ظواهر الغلو في الكفر من الشباب، كظاهرة (عبدة الشيطان) التي
برزت في مصر ولبنان مؤخراً، ليست إلا تعبيراً عن التمرد العملي المطلق في
موازاة ومحاذاة التمرد الفكري المطلق.
خامساً: إذا كان هذا التيار الإلحادي لا يزال مستمراً حتى بعد سقوط
الشيوعية والماركسية فإن مسؤولية المواجهة لا بد أن تستمر وتتضاعف، ولكن
على عاتق من؟
إنها بطبيعة الحال موزعة ومتنوعة، ولكنها تتركز بشكل خاص على من
استرعاهم الله أمور المسلمين، فعليهم تقع بالأساس المسؤولية أمام الله تعالى وأمام
الناس.
وأخيراً:
همسة حارة وصادقة في أذن الذين نذروا أنفسهم لتعقب سقطات الدعاة وطلاب
العلم.. أقول لهم.. أما يستحق أعداء عقيدتنا وعقيدتكم هؤلاء، أن تفرغوا لهم
جزءاً من أوقاتكم الثمينة لكشفهم والتحذير منهم، أم لا زلتم مصرِّين على أن خطر
بعض الدعاة على الإسلام أشد من هؤلاء الأعداء، وأشد من خطر اليهود
والنصارى؟ !
نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً يعز فيه أهل الإيمان، وبذل فيه أهل
الكفر والعصيان.