كلمة صغيرة
كثيراً ما يدعو علمانيو عصرنا في عالمنا العربي والإسلامي إلى المنهج
الديمقراطي بدعوى أنه وسيلة مثلى لتمثيل الشعوب في المجالس النيابية، ولمواجهة
الحكومات بأساليب حضارية، ومن ثَمّ فرض آرائهم بالأسلوب نفسه، وقد ثبت أن
ذلك (قبض الريح) .
غير أن أدعياء الديمقراطية في عالمنا الثالث عموماً ممن تمسكوا بالسلطة لا
يمكن بحال من الأحوال أن يسمحوا للرأي الآخر الذي يناقضهم في المبادئ ويخالفهم
في المنطلقات.
ولذا نجدهم كثيراً ما يحرصون على تقزيم ذوي الرأي المغاير والتهوين من
شأنهم، بل يعملون جاهدين على حرق أوراقهم تماماً: سواء بتشريع منعهم من
المشاركة الديمقراطية بدعاوى سخيفة، أو بالتلاعب بصناديق الاقتراع من قِبَلِ
السلطات المشرفة على العملية الانتخابية التي لا تستحيي عادة من إعطاء الحزب
الحاكم نسبة الأصوات المطلقة والكافية مما يجعل البقية الباقية أقليات هزيلة تسهم
في رسم الصورة الديمقراطية ليس إلا.
والموقف العلماني في تركيا حيال (حزب الرفاه) شاهد عيان على زيف
ديمقراطية العلمانيين؛ ففي الوقت الذي نال فيه الحزب الأغلبية؛ أصرت الأيادي
الخفية على تنحية الحزب من الوزارة، وها هم المتسلطون بأمرهم يحاكمونه بشتى
الدعاوي لإسقاط الاتجاه الإسلامي وإلغائه كما تشير كثير من المعطيات.
والعجيب أن يستمر هذا النهج بمباركة الغرب الذي كثيراً ما يتدخل في شؤون
الدول الأخرى ويعاقبها بدعوى الخروج على النهج الديمقراطي.
هؤلاء هم ديمقراطيونا الذين يدوسون الديمقراطية باسم الديمقراطية في سبيل
بقاء سلطاتهم.