منتدى القراء
بقلم: محمد حسين فقهاء
كان يحمل في قلبه همّ الإسلام.. يقف في مصلاه ليلاً وقد تعلق قلبه بالله ...
يدعو ربه بإصرار. وخشوع.. يذكر ربه خالياً فتفيض عيناه ... يصلي ولجوفه
أزيز.. لا تكاد تراه بعد صلاة فجر إلا منكباً على كتاب الله يتلوه وفي عينيه دموع
تفيض من خشية الله ... كيف لا ... وهو يخشى ضمة القبر.. وهو لا يأمن مكر
الله (عز وجل) بالمنصرفين عن سبيله.. وهو يرى ذنوبه في أصل جبل يخاف أن
يقع عليه.. [1] ينظر إلى حال المسلمين اليوم فيتقطع قلبه عليهم حسرات. كان
نجماً شامخاً محلقاً في الآفاق.. بل كان طيراً يحلق فوق الرؤوس لينظر إلى الدنيا
فيراها صغيرة حقيرة تتناهشها الذئاب.. يحب أن يبقى محلقاً بفؤاد ذاق حلاوة
الحياة الطيبة.. يرجو أن ينتقل إلى طائر آخر أحلى وأعلى من طائره الأول.. ذاك
طائر في الفردوس الأعلى يحمل أرواح الشهداء، ثم يأوي إلى قناديل تحت العرش.. لقد كان غريباً حتى بين أهل الإسلام.. كان قمة ينظر إليها الناس فيتمنون لو
يصلون إليها..
أما اليوم فكأنه ما كان ... هو اليوم لا يتعدى أن يكون ربوة بين قمم. لم
يتغير فجأة.. بل كأنه حقن بسم الدنيا البطيء ليموت ببطء.. مال وبنون.. همّ
طغى على كل همّ.. لا تراه في صلاة الفجر يرفع يديه كما كان يفعل متضرعاً إلى
الله، لا تراه كما كنت تراه.. حتى سَمْتُه الإسلامي تغير.. فهو يزعم أن الرزق
هكذا يتطلب.. لا يتورع عن بعض النظر والسماع المحرم ... ينظر فيرى ذنوبه
كذباب وقع على أنفه فقال به هكذا فطار.. هو الآن له قلب يذوب كما يذوب الملح
في الماء [2] ... كان الناس ينظرون إليه كقمة واليوم ينظرون إليه بحسرة ... هو
باختصار كان.. رحمه الله.. وردّ الله غربته.