مجله البيان (صفحة 2568)

النقد الهدام.. مظاهره، اسبابه، علاجه

مقال

النقد الهدَّام

مظاهره - أسبابه - علاجه

بقلم: مراد بن أحمد القدسي

دعاني للكتابة حول هذا الموضوع أهمية التعرف على هذا الخُلُق الذميم الذي

أصبح منتشراً بين بعض شباب الدعوة؛ حيث انبرى للنقد من لا يعرف آدابه ولا

يعرف ما هي الأمور المنتقدة والأسلوب الأمثل للنقد؛ وإسداءً للنصيحة لكل من يقع

في هذا الاتجاه الذميم، ولأهمية بيان آثاره الوخيمة على الدعوة والدعاة، ودفاعاً

عن إخواني الدعاة والعلماء والمصلحين: أضع بين يدي إخواني القراء هذا

الموضوع راجياً من الله التوفيق والسداد.

تعريف النقد:

يأتي النقد في اللغة بمعنيين:

الأول: نقد الشيء بمعنى نقره ليختبره أو ليميز جيده من رديئه.

الثاني: إظهار العيب والمثالب، وغمط الناس وبخسهم أشياءهم فيقال: فلان

ينقد الناس: أي يعيبهم ويغتابهم [1] .

وأهل العلم قسموا النقد إلى قسمين على نحو ما ورد في اللغة.

فسموا أحدهما: النقد البنّاء، وهو النقد الذي يقوّم به صاحبه الخطأ، ويحاول

إصلاحه.

وهو (واجب أو مستحب وهو الذي يحق الحق، ويبطل الباطل، ويهدف إلى

الرشد) [2] .

وسموا الآخر: النقد الهادم (أو الهدام) . وهو (محرم أو مكروه وهو ما يكون

لدفع الحق أو تحقيق العناد) [3] .

وهذا فيه إظهار عيب الآخرين للنيل منهم وتشويه سمعتهم والطعن في نياتهم

من غير حجة ولا برهان.

أهميه النقد البناء:

تكمن أهميته في عدة جوانب رئيسة ألخصها فيما يلي:

1- هو نوع من النصيحة تحقيقاً لقول رسول الله: (الدين النصيحة: لله

ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) [4] .

2- هو كذلك نوع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقوله تعالى: [كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَاًمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ]

[آل عمران: 110] ولقوله: (من رأى منكم منكراً فليغيره ... ) [5] .

3- وهو نوع من الجرح والتعديل؛ ذلك العلم الذي اختصت به أمتنا المسلمة

والذي حفظ الله به الدين من التحريف والغلو.

4- كذلك هو نوع من محاسبة النفس لقوله (تعالى) : [وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ

لِغَدٍ] [الحشر: 18] ، ولما جاء في الأثر: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا،

وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا) .

مظاهر النقد الهدام:

فإذا عرفنا أهمية النقد البناء؛ فالمناقض له ذو سمات يلمسها المتابع وهي غير

خافية على اللبيب، ومن أهمها:

1- الجرح في شخصية من يوجه إليه النقد: كوصف بعض الدعاة بالميوعة

أو عدم القدرة على نطق بعض الحروف العربية؛ أو أن بضاعته في العلم مزجاة.

وهذا بعيد كل البعد عن التعرض للأخطاء من أجل تقويمها وتبيين الحق من

الباطل؛ مما يجعل الناقد مغرضاً وصاحب هوى. نسأل الله السلامة.

2- الجرح بلا دليل: فيتعرض بعضهم لجرح الآخرين من غير حجة ولا

برهان؛ وإنما للتشفي، وليصبح النقد مهنة لذلك المنتقد في نقد المخالفين.

فالجرح في أي داعية أو عالم، سواء أكان من أهل السنة أم من المبتدعة

دعوى تحتاج إلى مستند.

والدعاوى إن لم يُقِمْ أصحابُها بيناتٍ، فأصحابُها أدعياءُ

3- الاعتماد في النقد على حجة واهية:

إما لعدم التثبت، أو لعدم عدالة الناقل، أو لأنه يَهِمُ في خبره، أو تحميل

الكلام ما لا يحتمل؛ وهذا ملحوظ والله المستعان.

4- تتبع العثرات، وعدم الموازنة بين هفوة الداعية أو العالم وفضائله الكثيرة، بل وغَمْر تلك الفضائل العظيمة من أجل زلة وقع بها.

(ومن مستندات المشنعين) الجراحين: تتبع العثرات وتلمس الزلات؛ فمن ذا

الذي سلم من الخطأ غير أنبياء الله ورسله؟ وكم لبعض المشاهير من العلماء من

زلات لكنها مغتفرة بجانب ما هم عليه من الحق والهدى والخير؟

ولو أخذ كل إنسان بهذا لما بقي معنا أحد، ولصرنا مثل دودة القز تطوي على

نفسها بنفسها حتى تموت) [6] .

5- الطعن في النيات والمقاصد: بدعوى أن مقصد ذلك الداعية خبيث والحكم

عليه في نيته بالظن؛ وهذا مسلك خطير؛ فمعرفة ما في السرائر موكول إلى الله

(سبحانه وتعالى) ، مثل أن يقال: يظهر السلفية ويبطن الصوفية، أو أنه ذو نية

خبيثة، أو أنه صاحب فتنة ويريدها، أو أنه عدو للسنة.

6- التندر على الدعاة في المجالس، واستغلال أي فرصة للغمز والطعن

بحجة بيان الحق وتعرية الباطل وأهله؛ وهذا خُلق ذميم.

7- التهويل: في نقد بعض العلماء أو الدعاة، ورميهم بالكذب أو البدعة، أو

أنهم أخطر من اليهود والنصارى.

8- الطعن فيما يجيده ذلك الداعية أو العالم؛ فقد يكون بعض أهل العلم يشتغل

في دراسة الحديث فينتقد بأنه ليس لهم همّ إلا: حدثنا وأخبرنا، أو لاهتمامه بفقه

الواقع ومن يعمل فيه؛ فيتنقص بأن ذلك فقه (القواقع) مثلاً؛ بحيثُ يُزْهَدُ من هذا

الفن الذي هو من فروض الكفايات.

أسباب النقد:

سأحاول الإيجاز في عرضها حتى تظهر للعيان ومن أهمها:

1- الغيرة: الغَيْرةُ بالفتح محمودة من أجل دين الله وحرماته، لكنها قد تجر

صاحبها إن لم يتحرز شيئاً فشيئاً حتى يقع في لحوم العلماء والدعاة من حيث لا

يشعر.

وأما الغِيرَة بالكسر فهي مذمومة وهي قرينة الحسد والمقصود بها: هو كلام

العلماء بعضهم في بعض [7] .

2- الحسد: وهو يعمي ويصم؛ ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال أو

القرب من شيخه أو كسب رضاه فقد يبغي على إخوانه بسبب ذلك.

3- الهوى: هو كل ما خالف الحق وللنفس فيه حظ ورغبة من الأقوال

والأفعال والمقاصد [8] ورغبة النفس في الوقوع في أعراض الآخرين.

وكان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه) [9] .

4- التقليد والتعصب: (قد يوجد رجل ينقد آخر لا بناءً على علم أو فهم أو

دليل، بل مجرد تقليد أعمى: سمع فلاناً ينقده أو ينتقصه أو يذمه فسار على أثره

بغير هدى ولا برهان) [10] وهذا التقليد المذموم كان المشركون يفعلونه وكانوا

يقولون: [إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ] [الزخرف: 22] .

قال ابن مسعود (رضي الله عنه) : (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلاً: إن آمن..

آمن، وإن كفر كفر؛ فإنه لا أسوة في الشر) [11] .

5- التعالم: لقد كثر المتعالمون في عصرنا، وأصبحت تجد شاباً حدثاً

يتصدر لنقد العلماء، وتفنيد آرائهم وتقويم قولهم، وهذا أمر خطير؛ فإن من أجهل

الناس من يجهل قدر نفسه ويتعدى حدوده) [12] [*] .

6- النفاق وكُرْهُ الحق: إن دسائس المنافقين والكارهين للحق من العلمانيين

بشتى اتجاهاتهم من أقوى أسباب النقد.

فالإخوة الذين يتبعون أعداء الدعوة من حيث يشعرون أو لا يشعرون

سيكونون فريسة سهلة فيما بعدُ لهم، فإنهم قد أعانوا الأعداء على إخوانهم؛ وهل

سيتركهم الأعداء؟ لن يتركوهم كما هو ملموس في الواقع.

7- سوء الظن: وهو حمل التصرفات، قولاً وفعلاً، على محامل السوء

والشكوك وسوء الظن [13] .

8- وقوع التفرق في الأمة: (وبهؤلاء المشنعين) آل أمر طلائع الأمة وشبابها

إلى أوزاع وأشتات وفرق وأحزاب، وركض وراء السراب، وضياع في المنهج

والقدوة، وما نجا من غمرتها إلا من صحبه التوفيق وعمر الإيمان قلبه. ولا حول

ولا قوة إلا بالله) [14] .

9- بُعد الأمة عن علمائها: إن تصنيف العالم الداعية وهو من أهل السنة

ورميه بالنقائص: ناقض من نواقض الدعوة وإسهام في تقويضها، ونكث الثقة،

وصرف الناس عن الخير، وبذلك ينفتح السبيل للزائغين) [15] .

فضلاً عما في ذلك من السعي في الأرض بالفساد؛ لأنه يوقع الشحناء

والبغضاء في صفوف الدعوة الإسلامية، ويعمل على تأخر النصر والتمكين للأمة.

10- ضياع الأوقات، وإهدار الجهود والطاقات والقدرات في غير فائدة تعود

على الإسلام والمسلمين.

علاج النقد الهدام:

يمكن علاج هذه النزعة التي يحاول بعضهم إثارتها وادعاء التعالم بواسطتها

بانتشار الأخلاق الإسلامية في نفوس أهل هذه الفئة ومن ذلك:

1- تذكر الخوف من الله وضرورة حفظ اللسان: عن البراء بن عازب

(رضي الله عنه) قال: قال رسول الله: (الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان

الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه) [16] .

2- التجرد في النقد: وعدم الغيرة والحسد والهوى وعدم سوء الظن، فالغيرة

تهلك صاحبها وتجعله في همّ وغم؛ لأنه يحسد الآخرين ويغار منهم، عن أبي

هريرة (رضي الله عنه) قال: قال: رسول الله: ( ... لا تحاسدوا، ولا تناجشوا،

ولا تباغضوا، ولا تدابروا) [17] .

وأما الهوى فيضل الإنسان عن الحق وإن كان يعرف ذلك، فإذا صار الهوى

هو القائد والدافع صار أصحابه شيعاً يتعصب كل واحد لرأيه، ويعادي من خالفه

ولو كان الحق معه واضحاً؛ لأن الحق ليس مطلوبه) [18] .

والأصل في المسلم حسن الظن به: -قال (تعالى) : [يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا

اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا] [الحجرات: 12] (فأمر

الله عز وجل باجتناب كثير من الظن؛ لأن بعض هذا الكثير إثم) [19] .

وفي حادثة الإفك دروس ينبغي لكل مسلم أن يعيها فقوله (تعالى) : [لَوْلا إذْ

سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إفْكٌ مُّبِينٌ]

[النور: 12] .

فكما أنه يحسن الظن بنفسه فعليه أن يحسن الظن بإخوانه.

ثم وعظنا الله (تعالى) بقوله: [يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم

مُّؤْمِنِينَ] [النور: 17] . وفي هذا تحذير أي تحذير لمن يفقه ذلك والله المستعان.

3- لا بد من الموازنه بين فضائل المنتقَد ومساوئه والحكم على الغالب:

هذا هو هدي النبي: ففي يوم بدر عندما رأى عتبة بن ربيعة بين المشركين

على جمل أحمر قال: (إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر

إن يطيعوه يرشدوا) [20] .

وقال في أسارى بدر: (لو كان المطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء

لتركتهم له) ، فيظهر من هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يذكر محاسن

المشركين.

وهذا هدي السلف الصالح من بعده: قال سعيد بن المسيب: ليس من عالم

ولا شريف ولا ذي فضل إلا وفيه عيب؛ ولكن إن كان فضله أكثر من نقصه ذهب

نقصه لفضله؛ كما أن من غلب عليه نقصانه ذهب فضله) [21] .

وقال ابن القيم: (فلو كان كل من أخطأ أو غلط تُرِكَ جملةً، وأُهدرت محاسنه

لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها) [22] .

وقال الذهبي: (ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه

لاتباع الحق أهدرناه وبدّعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا، رحم الله الجميع بمنه

وكرمه) [23] .

(وهذا الكلام في الموازنة بين الحسنات والسيئات إنما هو في الحكم على

الأشخاص) [24] وكذلك الهيئات والجماعات.

أما في تصحيح الأخطاء أو ذكر الأمور الحسنة العظيمة والموافقة في الحق:

فإذا كنت في مقام رد خطأ عالم من العلماء فلا يلزم ذكر الحسنات، وعلى هذا فإذا

بينت خطأ إمام فقلت: أخطأ في الأمر الفلاني كفاك ذلك.

إذا كان بعض أهل البدع يجيدون فناً معيناً كعلم البلاغة أو النحو أو الصرف

أو المواريث فأثنيت عليه وذلك في مقام ذكر أي فن، كأن تثني على الزمخشري

بأنه بارع في علم البلاغة فلا بأس.

هذا إذا أمنت الفتنة على السامع، أما إذا كان السامع سيفهم الكلام على غير

وجهه ويظنه حكماً مطلقاً فلا بد من البيان [25] .

4- عدم رواية كلام الأقران: فقد قعّد السلف قاعدة عظيمة هي: (كلام

الأقران يطوى ولا يروى) . وقد ورد معناها عن السلف، فعن ابن عباس (رضي

الله عنهما) أنه قال: (خذوا العلم حيث وجدتم، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على

بعض؛ فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة) .

يقول الذهبي: (كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعبأ به، لا سيما إذا لاح

لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن

عصراً من العصور سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت

من ذلك كراريس) [26] .

5- الشعور بالولاء لمن تنتقده:

عندما نوجه أي انتقاد لأي داعيه أو عالم؛ لبيان الخطأ أو الزلة التي وقع

فيها فعلينا ألا نُفرِطَ في الأمر حتى يصبح الكلام فيه حديث المجالس، وكذلك لا

نبغضه بغضاً أشد من أعداء الإسلام المعادين له؛ لأن أصل الولاء ما زال بيننا

وبينه، قال ابن تيمية: (ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد

ويذم، ويثاب ويعاقب، ويحب من وجه ويبغض من وجه؛ وهذا هو مذهب أهل

السنة والجماعة)

6- الاشتغال بأخطائنا نحن:

يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً ... إن عبت منهم أموراً أنت تأتيها

وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه ... في كل نفس عماها عن مساويها

عرفتها بعيوب الناس تبصرها ... منهم ولا تبصر العيب الذي فيها [27]

7- عدم التهويل في الأمور الخلافية التي يسوغ فيها الاجتهاد:

فقد تكون الأمور التي ينتقد عليها بعض الدعاة أو العلماء أمور اجتهادية يسوغ

فيها الخلاف، وقد يكون الخلاف فيها قد حصل عند السلف فيأتي بعضهم مُهوّلاً أن

فلاناً قد خالف في المسألة الفلانية، وأن هذا خلل في المنهج وانحراف عنه؛ وليس

الأمر كذلك؛ فلا ينبغي أن تجرنا الخصومة إلى هذا الحد؛ بل لا بد من الترفق

بإخواننا؛ فإن المخالفة تسوغ في الفروع وفي الأمور الظنية.

8- الأدب مع العلماء، والرجوع إليهم، ووضع الثقة فيهم:

فالكثير من العلماء يثنون على شخص أو هيئة أو جماعة لما علموا من حالهم

فترى هؤلاء الجراحين لا يقبلون منهم ذلك، ويقبلون ممن هم أقل منهم علماً ودراية؛ فلا بد أولاً إذاً من التأدب مع العلماء في كل الأحوال مع احترام آرائهم والثقة في

علمهم.

قال طاووس بن كيسان: (من السنة أن يوقر العالم) .

وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول: (إن من إجلال الله (تعالى) :

إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه، وإكرام

ذي السلطان المقسط) [28] .

نصيحة عامة لمن ابتلي بالجراحين:

استمسكْ بما أنت عليه من الحق المبين من أنوار الوحيين الشريفين وسلوك

جادة السلف الصالحين، ولا يثيرنك تهييج المرجفين وتباين أقوالهم فيك فتزل عن

وقارك فتضل.

لا تبتئس بما يقولون، ولا تحزن لما يفعلون، وخذ بوصية الله سبحانه لعبده

ونبيه نوح (عليه السلام) [وَأُوحِيَ إلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إلاَّ مَن قَدْ آمَنَ

فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ] (هود: 36) .

ولا يثنينك هذا (الإرجاف) عن موقفك الحق وأنت داع إلى الله على بصيرة؛

فالثباتَ الثباتَ متوكلاً على مولاك؛ والله يتولى الصالحين.

ليكن في سيرتك وسريرتك من النقاء والصفاء والشفقة على الخلق ما يحملك

على استيعاب الآخرين، وكظم الغيظ والإعراض عن عرض من وقع فيك، ولا

تشغل نفسك بذكره، واحتسب ذلك عند الله.

وأنت بهذا كأنما تسفّ الظالم المَلّ؛ والأمور مرهونة بحقائها، [فَأَمَّا الزَّبَدُ

فَيَذْهَبُ جُفَاءً] [الرعد: 17] والله أسأل للجميع التوفيق والسداد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015