دراسات دعوية
النقد الذاتي للواقع الدعوى
الانتقاء النوعي في حوارات المتخالفين نموذجاً
بقلم: سليمان بن عبد العزيز الربعي
تظل مناهج الدعوة إلى الله (عز وجل) وآلياتها بحاجة ماسة إلى الترشيد
والمراجعة والتقويم، وليس مما يعيب الدعوة في شيء أن تُعالج مشكلاتها المنهجية
والوسائلية في سياق المناقشة الواعية المتزنة، وأن يُشيع أهلها والمشتغلون فيها
أدبيات (النقد الذاتي) ، بعيداً عن الحساسيات المفرطة والذاتية المعوِّقة، بل ليست
الدعوة ببالغة مناها إلا بممارسة هذا الواجب المقرّر متى اكتملت الشروط الشرعية
فيه.
وها هو النهج القرآني يعالج قضايا الأمة ومشكلاتها ببيان معلن ونقاش
جَهْوَري غير موارب، بل إنه ليقرر هذه الكلية في قوالب زمانية ومضمونية غاية
في التنوع والاختلاف، هادفاً إلى تقريرين مهمين، أما الأول: فكامن في وجوب
معرفة أنّ مصائب الأمة وهمومها مسائل يجب أن تكون تحت المجهر الجمعي رجاء
البرء، وثانيهما: لتأكيد ألا فرق بين تلك المشكلات زمناً وحالاً من جهة العلاج
والتصحيح والإصلاح، فلئن كان (النقد) مطلوباً في أزمنة الرخاء والمواءمة التي
تتيح العمل بمقتضياته، فهو كذلك مطلوب في أزمنة العسرة لتكون إرشاداته ثَمّ في
صميم القلوب المترعة بالضنك، ولتنقش فيها الإيجاب نقش الحجر، وأنت واجد
كل ذلك لا محالة في مناخات التعبير القرآني الفريد، ويمكن أن نقدم على ذلك مثالاً
واحداً: إنه في الدرس المستفاد من التعقيب الإلهي عن استفهام المؤمنين الذين
أصابهم القرح في أحد في ألم وأسى عن سبب مصابهم، بأنه من أنفسهم، ولما لم
يكن الفعل مَرْضِيّاً أيّاً كان؛ فقد نالهم في أول معركة تالية ما به الدرس [1] ، قال
الله (تعالى) : [أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ
أَنفُسِكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] [آل عمران: 165] ، أي: أعندما تُصابون
في أُحُدٍ بمصيبة القتل من قِبل المشركين بسبعين منكم والبلاء في المجموع، وأنتم
قد أصبتم منهم في بدر ضعف مصابكم (قتل سبعين وأسر سبعين) ؛ تتساءلون: من
أين لنا هذا ونحن المسلمون وهم المشركون؟ ! ، والجواب: أن هذا العقاب إنما
هو بسببٍ منكم، على خلاف فيه بين أهل العلم: هل بأخذ الفداء من أسارى بدر
بدل الإثخان، أو بمعصية الرماة أمره، أو بمخالفة رأيه في البقاء في المدينة [2] ،
وأغلب المفسرين على الرأي الأخير [3] ، ومع إدراك أن البيان الذي نحن فيه لا
يهدف إلى تمحيص السبب، إلا أن من تمامه أي البيان الإشارة إلى أن كل هذه
الأقوال قد تكون مرادة بلا تعارض، والله وحده أعلم، وغايتنا هنا: لفت الأنظار
إلى الدرس العام المستفاد؛ إذ أخذ صفة الصدع، معلناً الحق، ولم يكن البيان
القرآني ليتأخر لظرف قد يُتذرّع بعاقبته زمنيّاً أو نفسيّاً.
وإنك تلحظ كذلك أن الآي الحكيم لم يعمد إلى عرض السبب بقالب تسلية بحت، من شأنه تخفيف وطأة المصاب، بل جاء التعبير بالتسلية المبطنة [قَدْ أَصَبْتُم
مِّثْلَيْهَا] والتذكير الصّراح [قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ] ، فهو قد (ذكر السبب الذي
أصيبوا به، وذكر القدرة التي هي مناط الجزاء، فذكر عدله فيهم بما ارتكبوه من
السبب، وقدرته عليهم بما نالهم من المكروه) [4] ، ملتفتاً عن أسلوبه المعهود في
مناسبات شبيهة، ولعل الحكمة في ذلك والله أعلم أن سياقات التسلية التامة إنما
تكون في مناسبات التسليم والإذعان الكامل الفوري، في حين أنّ هذا التميز قد جاء
في مناسبة مغايرة، حيث لم يذعن المخاطبون على القول الثاني لرأي النبي -صلى
الله عليه وسلم- في البقاء في المدينة والتحصن فيها، مع التأكيد على نبل هدفهم
وسموه (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين) ، وفائدة أخرى: أن تلحظ أن القرآن
الكريم لم يستعض عن تناول الحادثة المشار إليها بقاعدة عامة يمكن الإلحاق بها،
من مثل قوله (تعالى) : [وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ] [الشورى: 30] ، مع كونها آية مكية سابقة؛ بل جاء التعبير بالتعيين، ليكون
درساً في الطاعة والانقياد، ولأن آية (آل عمران) قد تضمنت معنًى زائداً يدخل في
أهداف ما نحن فيه من بيان منهج القرآن الكريم في الصدع العلني إزاء مشكلات
الأمة؛ إذ إن المولى (عز وجل) يختم الآية الكريمة بقوله: [إنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ] ، وفي هذا (نكتة لطيفة، وهو أن هذا الأمر بيده وتحت قدرته، وأنه هو
الذي لو شاء صرفه عنكم، فلا تطلبوا كشف أمثاله من غيره، ولا تتوكلوا على
سواه) [5] .
وإذا كان ما تقدم بيانه في الشؤون العامة للأمة؛ فلا ريب أن شؤونها
المتفرعة تندرج في هذه القاعدة ويصدق عليها هذا الحكم، وعليه تكون هذه المقدمة
ضرورة في حق المشتغلين والمعنيين بأمر الدعوة إلى الله (تبارك وتعالى) ؛ كي
يمكن لهم التنمية والتطور، وتحقق (الدعوة) الفاعلية والتأثير، فالدعوة والدعاة
بأمس الحاجة إلى المراجعات والتقويم، بشروط الاعتبار الشرعية كما قد سلف
وهي شروط مبثوثة في كتب أهل العلم المنصرفين في بيانها وتوضيحها، ليس
المقام لتقصي أطرافها ودرس مضامينها، بل حسبه التذكير.
ولا ريب بعدُ أن التحديات التي تواجه الدعوة إلى الله (تعالى) كثيرة متعددة،
وإنه ليحسن التذكير بتقسيم لها قد سبقت الإشارة إليه في كتابة سابقة، وهو أن
مشكلات الدعوة ومعوقاتها تنقسم إلى قسمين رئيسين:
القسم الأول: المعوقات المباينة الخارجية.
القسم الثاني: المعوقات الصفّيّة الذاتية.
ولقد سبق في الكتابة المشار إليها آنفاً التأكيد على أنّ تلك المشكلات التي تأتي
من خارج المناخ الدعوي تكون أقل ضرراً وتأثيراً من المعوقات التي تبتلى بها
الدعوة من بعض أهلها أو المحسوبين عليها، فتلك الخارجية مرصودة متوقعة،
بحيث يسهل مواجهتها أو على الأقل التخفيف من نتائجها، أما الذاتية فتحمل في
طياتها من العوامل الفرعية السالبة ما يذهل عن أصول المشكلة ويشتت الجهد.
أسلوب الانتقاء النوعي:
هذا، وإن من أخطر المعوقات الذاتية في ميدان الدعوة إلى الله (عز وجل) ،
ما يمكن أن يصطلح عليه بأسلوب (الانتقاء النوعي) من المضامين إبان الخلاف في
آليات الدعوة ومناهجها.
ولهذا الداء الخطير صورتان تمثلان حقيقته، فأما الأولى: فيعمد بعض
المشتغلين بالدعوة أو بعض المحسوبين عليها عند الاختلاف يعمد إلى آثار الآخر
المختلَف معه بالبحث والتنقيب، في محاولة (للظفر) بما يمكن أن يكون إدانة تسجل
على صاحبه، وتحسب للظافر! ! ، وليس مكمن الخطر في إشاعة هذا (الظفر) (! !) ، فتلك قضية أخرى تتصل بأدب النصيحة وفقه الإصلاح والتوجيه، وإنما
الخطر كله أن يكون البحث قائماً على غير ذي بال من الصحة والصدق، بل يكون
لصيق الصلة بـ[لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ] [6] ، وبـ[فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ] [7] ،
مجتزءاً، قد بُترت أطرافه واندثر سياقه.
ولئن كنا مأمورين بالعدل مع الأعداء؛ فإنه من باب أوْلى أن نشيعه معشر
الدعاة في مناهجنا وحواراتنا الدعوية، لا سيما الخلاف الذي هو في أغلب الأحايين
خلاف تنوع لا خلاف تضاد؛ إذ الأقربون أولى بالمعروف، وحقّاً: لم تعرف هذه
الصورة السلبية إلا في بيئات المبتدعة وأهل الأهواء الذين يتخذون من (اجتزاء)
السياقات والنصوص القرآنية والحديثية منهجاً مطرداً في تقرير أباطيلهم وبدعياتهم، إنْ في التقرير المجرد الذاتي كما في بعض مصنفاتهم المتجهة للبيان القرآني من
مثل (كشاف) الزمخشري المعتزلي، وإنْ في مناظراتهم مع أئمة السنة والجماعة.
وللمطلع على شيء من حوارات الجهبذ شيخ الإسلام (ابن تيمية) (رحمه الله تعالى)
معهم، أن يقف على نماذج لا تحصى من هذه المناخات الانتقائية في الحوار،
ويقف بعدُ على ما تقرر من أن هذا الأسلوب شائع عند المبتدعة، بل وهم مُعَرّفون
به، وهذا مشين بحق المنتمين إلى أنبل مهمة أن يكونوا متصفين بشيء من هذا
الخلق الرديء، فضلاً عن أن يكون حمادى طاقة بعضهم وهجيراه. والحق الذي لا
مرية فيه بعدئذ أن هذه الصورة من أبشع صور الظلم المتوجه إلى مستقبل الدعوة
بالويل، فهو متعد في السلبية إلى صدقيتها ومناهجها وريادتها، فشؤمه لا يقتصر
على الآحاد.
والصورة الثانية لهذه الآفة لا تقل خطراً عن الصورة الأولى، وهي تتمثل
بأن يقصد المخاصم إلى بعض زلات (خصمه) ، مستتراً بالنصح، متذرعاً بالإعذار، ولعلهم يتقون! ! ، وليست المشكلة ها هنا كذلك في إشاعة الخطأ، فسالفاً قَعّدَ
البيان لمثله، ولربما كان من قبيل الصحة والعافية، وإنما الزلل في منهج (الانتقاء)
الذي يُغفل الحسنات ويقتصر على إشاعة السيئات، لجهة وقوع الممارس في
مخالفات شرعية ومنهجية، فأما الملحظ الشرعي، فلكونه قد جانب العدل مع
الآخرين، ولا مشاحّة في أن إقامة العدل وإشاعته من أعظم مقاصد الشريعة
واستشرافاتها، هذا من ناحية، ومن جهة أخرى: فلأن في هذه الممارسة غمطاً
للناس، وهو من علامات الكبر والعجب (أعاذنا الله تعالى من مرذول الخُلُق) .
والجانب المنهجي يتعلق بأدبية التعامل، فلا شك أن الواقع في شيء من هذه
الآفات يتطلب العدل من الآخرين، وإذا كان من الواجب في حقه المعاملة بالمثل،
والراصد لواقع الآفة يفاجأ بالتناقض الصارخ في مسلكية الوالغين فيها؛ فهم مع
الآخر (انتقائيون) ، وفي التنظير لمحاوراتهم وإبان الشعور بالخطأ يطالبون بالعدل
باللفت إلى النظرة الواقعية المعتدلة! .
وإن السنة في حق هؤلاء أن يربوا أنفسهم على قيم العدل في إبراز جوانب
الخير كما هم متحمسون لإظهار جوانب الخلل إن كان ثَمّ، وإن الديانة والمروءة
تقتضي منهم ألا يجعلوا من محاريب علمهم موئلاً لانتقاص الآخرين وذمهم، إلا مَنْ كان مبتدعاً مخالفاً لمنهاج أهل السنة والجماعة، فمثله يُندب للرد عليه ودفع أباطيله، وإنما النهي عن المخالفين في آليات الدعوة، فإنهم منهم وهم من أولئك، شريطة
موافقة الكتاب والسنة هنا وهناك بكل حال.
إنه في الوقت الذي تنتظر فيه الدعوة من أبنائها وحدة الصف للعمل والإنتاج
تفاجأ بشيوع نماذج الصورة الثانية وانتشارها في المحافل وفي دور العلم، انتشار
النار في الهشيم، فالمخاصِم يقلب عينيه في مصنّف المشنوء رجاء الزلة، ويبث
العيون ويسترق السمع طُلبة للخطأ، وهو في هذا وذاك يُغفل الخير ولا يرجوه،
ويُحصي الشر ويتمناه، يختار الأدنى على الذي هو خير، ينتخب السقطة ويُقصي
المحمدة، إنّه ذاهل عن الخير بالتوجس والنبض والتمني! ، مَثَلُه في ذكر السوء
النزر وودع الحق، مثل الآخذ بأذن الكلب دون طيب النعم، وذاك تشبيه البليغ
الفصيح إذ يقول: (مثل الذي يجلس فيسمع الحكمة ثم لا يحدث عن صاحبه إلا بشر
ما سمع، كمثل رجل أتى راعياً فقال: يا راعي! اجزر لي شاة من غنمك. قال:
اذهب فخذ بأذن خيرها فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم) [8] .
وأما البحث عن دوافع (الانتقاء النوعي) ، فراجعةٌ في الأعم الأغلب إلى
الجهل، وقد ترجع إلى الهوى، فالمخالف المتوجه إلى ممارسة (الانتقاء) في
صورتيه، إما أن يكون جاهلاً بعاقبة عمله في العاجل، بحيث لا يدرك الآثار
السيئة التي يمكن أن تخلفها هذه الممارسة في صورتيها على الدعوة وواقعها،
وعلى المستويات كافة، أو لا يدرك بجهله آجل الظلم ومآل الغمط في الآخرة، وإما
أنه ذو هوى فتّاك يقوده إلى المعصية، وهو يدرك نتائجها، فلا يلوي في سبيل
تحقيق هواه على شيء، فهو به جاهل، ومن هنا سمّت العرب الهوى هواناً [9] ،
وهكذا ترى أن الهوى والجهل هما دافعا (الانتقاء النوعي) ، بل هما سبب السيئات
كلها على سبيل الحق، يقول شيخ الإسلام (ابن تيمية) (رحمه الله) في حديث نفيس
عن سبب المعاصي: (فإن أحداً لا يفعلُ سيئة قبيحة إلا لعدم علمه بكونها سيئة
قبيحة، أو لهواه وميل نفسه إليها ... وفي الحقيقة: فالسيئات ترجع إلى الجهل،
وإلا لو كان عالماً علماً نافعاً بأن فعل هذا يضره ضرراً راجحاً، كالسقوط من مكان
عال، أو في نهر يغرقه،.. ونحو ذلك لم يفعله؛ لعلمه بأن هذا ضرر لا منفعة فيه، ومن لم يعلم هذا يضره كالصبي والمجنون..، فالغفلة والشهوة أصل الشر، قال
(تعالى) : [وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً]
[الكهف: 28] ، فالهوى وحده لا يستقل بفعل السيئات إلا مع الجهل..، ولهذا قال
الصحابة (رضي الله عنهم) : (كل من عصى الله فهو جاهل) ، وفسروا بذلك قوله
(تعالى) : [إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ]
[النساء: 17] ، قال أبو العالية: سألت أصحاب محمد عن هذه الآية، فقالوا: (كل
من عصى الله فهو جاهل) [10] .
ومن هنا: أصبح من الواجب اللازم على المشتغلين بالدعوة، أن يطهروا
قلوبهم من أدرانها، لا سيما تلك التي تتعدى آفاتها إلى الدعوة ذاتها، وإن عليهم
تعاهدها بالعلم والعمل وصولاً إلى مراتب التزكية والخيرية، وإن عليهم كذلك أن
يفطنوا وهم فاعلون إن شاء الله لمعوقات الطريق الذاتية، وأن يوقنوا أن العدو
المتربص الذي يعمل على إذكاء الخلاف وبعث الفتنة، إنما يمارس ذلك لإدراكه أن
وقف مسيرة الدعوة بالمشكلات الذاتية أجدى من التعويق بالصد المباين.
لقد آن للدعاة إلى الله (عز وجل) وخاصة من وقع في بعض الأخطاء أن
يتعاطوا مع مشاكلهم الزاحفة المتربصة تعاطياً مناسباً لأحجامها من المسؤولية، وأن
تكون مناهجهم العملية والعلمية متسمة بأدبية التمحيص والتصحيح من خلال الكتاب
والسنة وفهم السلف الصالح، بل وإن من الواجب في حقهم أن يستفيدوا من مناهج
المراجعات المختلفة، متسلحين بالتجرد الأمكن، والمجاهدة النفسية، والروح
المتسامحة، والنظرة العميقة النافذة.
حقّاً! إن الأمة لا تنتظر من الواقعين في شيء من بُنَيّات الطريق مجرد
الصفح، بل تترقب التحول السريع إلى ميادين التعاون الجمعي في سبيل تطوير
مناهج الدعوة وآلياتها، يداً بيد، وخطوة بخطوة.
وإنه لا مناص من التأكيد عاقبة أن إشاعة (النقد الذاتي) من دلائل الصحة
والنضج، وأن الخطأ والزلل شأن العمل البشري كله، وليست العصمة لبشر عدا
الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) ، وعليه: فإن الحديث عن (الانتقاء النوعي) ليس
إلا مرحلة من مراحل المراجعة الطويلة الممحصة.
وإنه متى كانت هذه القناعات أساسيات العمل الدعوي في النفوس والتعامل؛
فإن المسيرة بخير وطيب حال.