بأبي أنت وأمي
يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بقلم: تركي بن عتيبي الغامدي
(اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) ، (اذهبوا فأنتم الطلقاء) .
هذا ما كان من النبي -صلى الله عليه وسلم- - صلى الله عليه وسلم - قبل
أربعة عشر قرناً من الزمان في قومه، وبذلك والله فلتهنأ البشرية كلها إلى يوم
القيامة بالرحمة المهداة في قوله وأفعاله، ومن أجل ذلك؛ فلتفخر أمتنا بنبيها العظيم، ولتستخلص الحكم السامية من السيرة العطرة، والسنة الثابتة، وما كان من حياته
المجاهدة.
فهو بأبي وأمي، في أشد حالات الحزن، والأذى، والألم، يُخيّر من قِبَل الله
(سبحانه وتعالى) في قومه، فيختار العفو، فيقول: (اللهم اهد قومي فإنهم لا
يعلمون) .
وهو بأبي وأمي في أعظم صور الفتح والنصر المبين، والقوة، والعزة،
والمنعة، والتأييد والتمكين، وكل الخيارات في يده: يُخَيّر في مكة بما فيها من
كفرة وأصنام، فيختار العفو، فيقول: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) .
من يفعل ذلك بقومه، من يفعل ذلك من أجل الإنسان والإنسانية، من يفعل
ذلك من أجل تحقيق معنى استخلاف الله (عز وجل) للإنسان على هذه الأرض لتنفيذ
شريعته في خلقه، من يفعل ذلك لتكون هناك أسمى صور التسامح بين الحاكم
والمحكوم من يفعل ذلك كله غير النبي؟ .
فمن يقتدي به من أمته - صلى الله عليه وسلم -؛ فيعفو هذا عن القاتل،
ويعفو هذا عن دَيْن له عند صاحبه، وتعفو هذه عن زلة لسان جارتها، من يفعل
ذلك وغيره؟ .
إن لنبينا العظيم بهذين الموقفين العظيمين دَيْناً كبيراً لا يمكن سداده، وسيبقى
في أعناق البشر، حتى يقتدوا بسنته عبادة وحياة.
فبالله عليكم.. ماذا عساها أن تكون الحياة، وماذا كان سيسود فيها، لو لم
يحدث ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم- - صلى الله عليه وسلم -؟ .
أعتقد أنها كانت ستكون كما نرى حالها اليوم وقد سادت شريعة الإنسان الظالم
الجهول في غير مكان من هذا العالم، بعيداً عن الإسلام وشريعته السماوية السمحة.
ويكفي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- الحبيب محمداً - صلى الله عليه
وسلم - بذلك قد قدّم للبشرية ولأمته، أكبر الأدلة على سمو أخلاقه الكريمة، وسمو
رسالته الخالدة، وخيرية المؤمنين بها بين الناس، وأن ذلك هَدْيٌ يُقتدى به في حكم
البشر وفيما بينهم أبد الدهر، فبأبي أنت وأمي يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-