مجله البيان (صفحة 2446)

منتدى القراء

نبذة عن العلامة عبد الله بن زيد آل محمود

(رحمه الله)

بقلم: علي بن عبد العزيز الشبل

إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض

العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) ، قاله في حديث عبد الله بن عمرو (رضي الله عنهما) في ...

الصحيحين، ولذا قال أبو عبد الله الشافعي (رحمه الله) :

إذا ما مات ذو علم وتقوى ... فقد ثُلمت من الإسلام ثُلمة

فإنه بموت العلماء يستحكم الجهل، ويتقاصر الزمان ليبلغ آخره، إيذاناً بقيام

الساعة؛ لأن موت العلماء زوال للعلم، ورفع العلم عَلَم من أعلام النبوة على قرب

الساعة، لما في الصحيحين من حديث أنس (رضي الله عنه) مرفوعاً: (من أشراط

الساعة) .

ولقد رزئ المسلمون بعامة، وأهل الخليج بخاصة بموت ركن من علمائهم،

وأحد أعمدة القضاء الشرعي، لبث قائماً به أكثر من خمسين حولاً.

إنه الشيخ القاضي الفقيه (عبد الله بن زيد آل محمود) رئيس المحاكم الشرعية

بقطر والذي توفاه مولاه في أواخر شهر رمضان الماضي.

ولد الشيخ عبد الله سنة 1329هـ بحوطة بني تميم جنوب الرياض، من أسرة

من كرائم أسر بلده، ثم توجه إلى طلب العلم، فبدأ بالقرآن، فحفظه وهو صغير،

ثم شغف بالعلم مع ما وهبه الله من استعداد ذهني، حيث فاق زملاءه في الطلب،

وتقدم إماماً على جماعته في الصلاة والتراويح، ولم يتجاوز السادسة عشرة!

وقد وفق بالدراسة على أئمة الدعوة السلفية في زمنه، فأخذ عنهم العلم

الشرعي، ومنهم:

1- مفتي الديار السعودية العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت:

1389هـ) .

2- العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع (ت: 1385هـ)

3- الشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري (ت: 1387هـ) ، وهو الشهير بأبي حبيب.

4- الشيخ عبد الملك بن الشيخ إبراهيم بن عبد الملك بن حسين آل الشيخ.

نبوغه في العلم: ومن شواهد نبوغ الشيخ ابن محمود: استظهاره للمتون

الشرعية في مناهج الدعوة السلفية، ومنها:

في العقيدة: الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، وكتاب التوحيد، للشيخ

(محمد بن عبد الوهاب) ، والواسطية، لشيخ الإسلام (ابن تيمية) .

وفي الحديث: بلوغ المرام، للحافظ (ابن حجر) ، وعمدة الحديث، للحافظ

(عبد الغني المقدسي) .

وفي أصول الحديث: ألفية الحديث، (للسيوطي) .

وفي الفقه: آداب المشي إلى الصلاة، واختصار المقنع الشهير (بزاد

المستقنع) ، ونظم المقنع لابن عبد القوي أو مختصره.

وفي العربية: الأجرومية، وقطر الندى، ونظم المفردات.

وتلكم هي ركيزة العلم التي عليها تدور معالم فياض العلم في ابتداء الطلب.

ولما رحل الشيخ (محمد بن مانع) من قطر، شغر مكانه فيها، فرشح له

تلميذه النجيب الشيخ (عبد الله بن محمود) ، بمباركة من الملك (عبد العزيز آل

سعود) والشيخ (عبد الله آل ثاني) ، فتوجه الشيخ إليها بعد حج سنة 1359 هـ

قاضياً ومفتياً وعالماً، ولم يزل فيها إلى أن توفي، مع تردده إلى مسقط رأسه

ومرتع صباه (الحوطة) جنوب مدينة الرياض.

فسدّ مكانه في قطر بقيامه بالقضاء الشرعي وتأسيس نظامه، وبث العلم،

والمنافحة عن العقيدة، وله أكثر من ثلاثين رسالة في فنون من العلوم الشرعية

والرد على بعض المنحرفين، جمعت في ثلاثة مجلدات، وكانت له آراء محل

حوار مع بعض إخوانه من علماء السعودية، أمثال الشيخ (عبد الله بن حميد) ،

والشيخ (عبد العزيز رشيد) .

وقد تم أجله وانتقل إلى مثواه الأخير في 28/9/ 1417هـ عن نحو (90)

عاماً.

فما أجدرنا أن نقف عند تجارب العلماء وأساليب اجتهاداتهم؛ لنستلهم منهم

الأسوة في العلم والعمل، ونسلك طريقهم؛ حتى نسعد بسلامة المنهج وحسن المقصد. فاللهم اغفر له وارفع درجته ووالديه وعلماء المسلمين، وزكِّ عقبه وتلاميذه

ومحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015