منتدى القراء
بقلم: علي إبراهيم محمد
يظل البحث عن الوحدة الإسلامية همّاً يؤرق الكثير من أبناء هذه الأمة
الغيورين على لمِّ شتاتها وتوحيد صفها، فالخلافات قد شلت أياديها وأصبحت تهدد
مستقبل الدعوة الإسلامية، وتشيع الكراهية والبغضاء بين المسلمين، بل قد يمتد
الأمر إلى أن يحمل المسلم السلاح ضد أخيه المسلم. وإذن: فالبحث عن وحدة
الصف الإسلامي لا يقل أهمية عن البحث عن مَصْل يقضي على فيروس الإيدز! ،
فكم من مقالات كتبت وخطب ألقيت تحض المسلمين على الاجتماع وعدم إتاحة
الفرصة للخلافات الهامشية أن تصنع فجوات بينهم وتحيلهم إلى أشتاتٍ وشراذم،
ولكنها ذهبت أدراج الرياح، فها نحن نواجه التفرق والتنازع الفكري المتواصل
الذي أخذ يباعد بين أفراد المجتمع المسلم، فأصبح المسلمون عازفين عن مواجهة
المحن صفّاً واحداً في أمور تتطلب التماسك وتناسي الخلافات، وقد تجلى ذلك في
كثير من التجارب الجهادية، ولم ينتبه المسلمون إلى هذه القضية الخطيرة، حتى
أصبحت نكسة مؤلمة أفضت إلى تناحر وقتال داخلي، وأخذ بعضهم يبيح دماء
بعض! ! .
إن الاختلاف في الفقه والفهم للآيات والأحاديث أمر لا مفر منه، وقد حدث
ذلك في عهد الصحابة، ولكن لم يكن ذلك الاختلاف يدعوهم إلى التباغض، ولم
يحاول أحدهم أن يقصر المسلمين على فهمه.
ومن حِكَم الله البالغة: ألا يكون الناس أمة واحدة، ومَن رحمهم الله يجتمعون
على الحق، كما ورد في قوله (تعالى) : [وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً
وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ
جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ] (هود: 118، 119) .
وقد قال ابن عباس في هذه الآية: إن الله خلقهم للرحمة، أي: لم يخلقهم
للاختلاف، فالمسلم ملزم باتباع النبي، ولا يجوز التعصب للعلماء والمذاهب، فمن
صح دليله فهو المتبع، فهذا الإمام مالك يقول: «كل بني آدم يؤخذ من قوله ويرد، إلا صاحب هذا القبر» ، وأشار بيده إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أما في مسألة العقيدة: فقد كان الصحابة (رضوان الله عليهم) مجتمعين على
عقيدة التوحيد اجتماع البنيان المرصوص.