نص شعري
شعر: د. صابر عبد الدايم
شهدْتُهُ في الظلالِ يَحْتَجبُ ... وللسّحبِ الثّقالِ يَنْتسبُ
تضيء وجْه الدروب طَلْعَتُهُ ... وعَنْ مرايا الضياء يَغْتَربُ! ! !
في كل حقلٍ ثمارُ راحتِه ... وحقلهُ المُسْتطاب يُنتَهبُ! ! !
تغدو إليه الطيور مسغبةً ... كيف غداً مِنْ يديه تنسربُ؟ ! !
وهل تروح الخماصُ طاويةً ... وغرسُه للحصاد مُرْتَقَبُ؟ ! !
من كل فجّ.. سناهُ تقصده ... قوافلٌ في مَدَاهُ تنسكبُ
يمدّ راح النوال في ثقةٍ ... وفي حماهُ العُفاةُ تحْتربُ! !
أبْصرتُ في خَطْوه سكينتَه ... وكل نجمٍ إليه يَنْجَذِبُ
وكان.. ما كان.. في توهجه ... وَمنْ مدار الشموس يقتربُ
لكنّما في الظلال دَوْرَتهُ ... وفي رُؤاهُ العَطَاءُ ... والغَلَبُ
أحدّق الآن في مَنَابعه ... وليس إلا الجفافُ.. والعطبُ! !
وأرحل الآن في سنابله ... وليس إلا الهجيرُ.. والسّغَبُ! !
وأسبح الآن في دفاتره ... وليس إلا السطور تنتحبُ! ! !
وأبزغ اليوم من مشارقه ... وليس إلا الرعود.. والسحبُ! ! !
* * *
أيرحل العِطْرُ عَنْ حدائقه ... وفي الرحيل الهوانُ والوصبُ؟ ! !
أيهْجُر الماءُ البحْرَ في زمنٍ ... كل البشارات فيه تكتئبُ؟ ! !
وهل تجفّ الحُروفُ في زمنٍ ... تجفّ فيه الرؤى.. وتُسْتلَبُ؟ ! !
هل انطفاءُ النهار تشعلهُ ... شَمْسٌ.. ضياها كأنّه الذهبُ؟
وهل تعود الخيولُ صاهلةً ... فتنجلي النائباتُ.. والكربُ؟
وهل يعيدُ الزمانُ قصّتَهُ ... وتكشفُ الآنَ وجْههَا الحُجُبُ؟ ! !
وهل تعيدُ الحروفُ فارسها ... فتصطفيه الصّدورُ والكتُبُ؟
وهلْ.. وهلْ.. قصّةٌ مهلهلةُ ... فهل تعودُ البروقُ والشّهُبُ؟ ! !
* * *
شهدتُهُ في الظّلال يَحْتَجِبُ ... وَللسّحابِ الثّقالِ يَنْتَسِبُ! !
وكان ما كانَ في توهجه ... مُتوّجٌ بالحَيا ومُنْتقِبُ
أَثْمارُه: طلْعُها يُتوّجنا ... والتّاجُ فِيه الفَخَارُ والحَسبُ
وفي حماهُ المظلّ عاشقَهُ ... ترْحَلُ عنّا الظّنوُنُ والرّيَبُ
مِنْ أفُقِ المكْرُماتِ مَطْلَعُهُ ... لِغَيْرِ هَامِ الإباء.. لا يثبُ
وقلْبُه في اليقينِ رحْلتُهُ ... بغير ضوء الرّجاءِ.. لا يَجِبُ
وفي مدار العَبيرِ سيرتهُ ... سابحةٌ ... والحُروفُ تلتهبُ
أبْصَرْتُ في خَطْوه سكينتَهُ ... وكل نَجْمٍ إليه ... يَنْجذبُ
تضيء وجْهَ الدّرُوب طَلْعتهُ ... وعَنْ مرايا الضّياءِ ... يَغْتَرِبُ