مجله البيان (صفحة 2073)

نص شعري

يا دار

شعر: مروان كجك

يَا دَارُ حُبّكِ عِلّتي ودَوائي ... وإسَارُ قَلْبي واضطّرامُ رَجائي

وتَوَسّلي باللهِ للهِ الذي ... يقضي بـ (كُنْ) ويُقِيلُ من عَثْراءِ

دَاري ملاذُ العِزّ إِنْ ضاقتْ به ... أرضٌ وصارَ غَرِيضةَ السّفَهَاءِ

هِي مَنْبَعُ الْعِرفَانِ مَهْدُ رُجُولَةٍ ... وفَخَارُ أجيالٍ مِنَ العُرَفاءِ

قادُوا الشعوبَ إلى محجّةِ ربهم ... وتسابَقُوا في البَذْلِ والإعْطاءِ

جَابُوا قِفَارَ الأرضِ واتخذُوا الذّرَى ... لأذَانِهِمْ وتهيؤوا لِمضَاءِ

يا دارُ ما اغتَصبَ الأمانةَ ظالمٌ ... إلاّ أحالَ الأمرَ للعُسَفاءِ

يتنازعونَ الأمرَ فيما بينهم: ... مَنْ يُتْقِنُ الإيقاعَ بالشّرَفاءِ

مَنْ يغتدي فِرعَوْنَ أهلِ زمانِهِ ... ويصيرُ شيطاناً بكلّ فِناءِ

ويُذِيقُ أهلَ الأرضِ مُرّ عجائبٍ ... مِنْ ضَارِياتِ الحِقْدِ والإيذاءِ

يا دارُ لا واللهِ، ما ذاقَ الهدى ... يوْماً سليلُ عمايةٍ وبِغاءِ

وَرِثَ النجاسة صاغِراً عَنْ صاغرٍ ... وقَفَا سبيلَ عصابةٍ دَهْيَاءِ

يَرْبو بها حِقْدٌ ويكسُو وجهَهَا ... فِسْقٌ بغيرِ تَحَرّجٍ وحَياءِ

مَكَثَتْ دُهُوراً في الظلامِ تَحُوكُهُ ... كَيْ لا تَبِتنَ مَغَازِلُ الأرْزَاءِ

ظَلّتْ تسيرُ مَعَ الرياحِ وتَعتَلِي ... هَبّاتِها وتَغُورُ في الأَحْياءِ

حتّى إذا غَدَتِ الشعوبُ قريرةً ... واستعبَدتْها حَمْأَةُ الأَهواءِ

وتَوَسّلَتْ بالذلّ كَيْ تطأَ العُلى ... وَهْماً، وأعْشَتْ أعينُ الجبناءِ

نَجَمَ النفاقُ وصارَ في أرضِ الهُدَى ... سَيْفاً، سَلِيطَ الحدّ للفُضَلاءِ

يَفْرِي فِرَى أهْلِ الحُقُودِ إذا هُمُ ... مَلَكُوا رِقابَ الدّهْمِ والحُكَمَاءِ

لَمْ يَبْقَ مِن أهلي سِوَى رَسْمٍ وَلَمْ ... تَبْرَأْ يَدٌ مِنْ مِحْنَةٍ وَبَلاءِ

عَمّ الجميعَ مصائبٌ ونوازلٌ ... خافُوا هبوبَ الريحِ في استرخاءِ

هَذاَ أَخٌ يخشَى أخاهُ ويتّقِي ... هَلَعاً لِقا الأَصْهارِ والأحْمَاءِ

خَبَتَ الجميعُ وقَدْ غَدَتْ أوْصَالُهُمْ ... شَلاّءَ تَحسدُ أهلَ كلّ بلاءِ

غَابَتْ مَغَاوِيرُ الرجالِ وأطْنَبَتْ ... في الأرضِ خيمةُ طُغْمَةٍ جَهْلاءِ

قَطَعَتْ سبيلَ الحقّ وازْدَرَتِ الهُدَى ... وتَقَاسَمَتْ أرضِي وظِلّ سَمَائِي

عَبَثَتْ وَمَا وَجَدَتْ لها مِنْ مُنْذِرٍ ... أو ناصحٍ مُسْتَرْشَدٍ لِدَوَاءِ

فَالكُلّ يخطبُ حَظّهُ مِنْ حَظّهَا ... ويدورُ في فَلَكٍ بِلا اسْتحْياءِ

خَوْفاً وجُبْناً أو تَقِيّةَ ماجدٍ ... يَخْشَى الأَذى وشَمَاتَةَ الأعداءِ

يَا دارُ مَجْدُكِ لَنْ يَمُوتَ وَلَوْ سَعَى ... دَهْراً جنودُ الشرّ بالبُرَآءِ

أنتِ التي رُوّيتِ بالدّمِ طاهِراً ... وسَلَكْتِ دَرْبَ بُطُولَة وفِداءِ

أنتِ التي شَاغَلْتِ أعداءَ الهدَى ... حتّى ارْتقى البُنْيانُ للجَوْزاءِ

يا دارُ مَجدُكِ لَنْ يَضيعَ فَأَمّلِي ... خَيراً ولا تَسْتَرْسِلِي ببُكاءِ

فَالحاقدُون سَيُغْلَبُونَ وإنْ هُمُ ... حَشَدوا جُيُوشَ البَغْيِ والإفناءِ

أو ألّبوا قَوْماً على قَومٍ وَلَمْ ... يَدَعُوا سَبِيلَ الْمَيْنِ والإلْهَاءِ

فَلْتصْبِري الصّبْرَ الجميلَ فإنّهُ ... تاجُ اليَقِينِ وحِلْيَةُ العُظَماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015