معالم
حول كتابة التاريخ الإسلامي
بقلم محمد العبدة
تزداد الحاجة يوماً بعد يوم إلى تنفيذ ما طرح من فترة غير قصيرة حول إعادة
كتابة التاريخ الإسلامي، بعد أن عاث به فساداً المستشرقون والمستغربون على حد
سواء، وهذا الشعور بالحاجة الملحة له أسباب نذكر بعضها:
1- إن الأمة التي لا تقرأ تاريخها ولا تستفيد منه في حاضرها ومستقبلها لهي
أمة مقطوعة منبتة، فالماضي ليس مفتاحاً لفهم الحاضر فحسب، بل هو من أسس
إعادة صياغة الحاضر، ومقولة (التاريخ يعيد نفسه) ليست خطأ من كل الوجوه،
وقد استخدم القرآن الكريم قصص الأمم السابقة للتأثير في نفوس الناس، أو للتأثير
في نفوس الذين لم تنتكس فطرتهم، قال تعالى: [ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ القُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ
مِنْهَا قَائِمٌ وحَصِيدٌ] [هود: 100] ، وقال تعالى: [أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ
فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ] [يوسف: 109] .
ولابد لأهل كل عصر من أن يواجهوا النوع ذاته من التعقيدات التي واجهها
أسلافهم، وإن سجل التاريخ ما هو إلا المنار الذي ينبئ الملاحين الجدد عن
الصخور المهلكة التي قد تكون خافية تحت سطح البحر. ولو أن المسلمين في هذا
العصر استوعبوا دروس الماضي لما أخطأوا في كثير من الأمور، كما أن الدراسة
المتأملة للحاضر تساعدنا أيضاً على فهم الماضي، والذي جرب تقلبات الدول
والمجتمعات وشاهد المؤامرات السياسية، وعاين الركود الاقتصادي، يكون أقدر
على تفهم الحوادث الماضية التي ليست نسخة مطابقة للحاضر ولكن فيها شبه كبير
فيه.
يقول المؤرخ ابن الأثير: (وأنه لا يحدث أمر إلا وقد تقدم هو أو نظيره
فيزداد الإنسان بذلك عقلاً ويصبح لأن يقتدي به أهلاً) [1] .
والذي يشاهد ما تفعله بعض الدول الآن من استعانتها بعناصر أجنبية
وتفضيلهم على الأقرباء والدين واللغة يدرك طرفاً من نظرية ابن خلدون في أن
الدول إذا تمكنت تبعد عصبيتها الأولى وتعتمد على عصبيات مجلوبة، من الخارج، ويدرك المؤرخ عقم المحاولة التي قام بها الخليفة المعتصم العباسي لتقوية دولته
عندما جلب الأتراك فتحولوا إلى شوكة في حلق العباسيين، وأصبح المسلم العربي
كما قال المتنبي:
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
2 - لئن كان التاريخ له أهميته ومنزلته عند المتقدمين من العلماء حيث قام به
أمثال ابن جرير الطبري والبخاري وابن الأثير والذهبي، وكتب السخاوي (الإعلان
بالتوبيخ لمن ذم التاريخ) لئن كان هذا فهناك علماء لهم رأي آخر، فالغزالي يرى
أنه من العلوم المباحة التي ليس فيها نفع دنيوي ولا أخروي، وأنه كالعلم بالأشعار
التي لا سخف فيها [2] وتابعه النووي في ذلك فقال في (الروضة) : (الكتاب يحتاج
إليه لثلاثة أغراض: التعليم والتفرج بالمطالعة، والاستفادة، فالتفرج لا يعد حاجة
كاقتناء كتب الشعر والتواريخ ونحوها مما لا ينفع في الآخرة ولا في الدنيا) [3] .
وكان من نتائج هذه النظرة أن ضعف الحس التاريخي في العصور المتأخرة،
وفقدت خاصية التأمل والاستفادة من الحوادث، وأصبح التاريخ قصصاً وروايات
للتسلية وللتفريج عن الهم والغم ومرتبته في العلوم تأتي في الدرجة الثالثة أو الرابعة، ومجيء مؤرخ كبير كابن خلدون لم يغير هذه النظرة، لأن الأمة كانت في حالة
تدهور ثقافي، ولم يظفر كتابه المهم في النقد التاريخي بالأهمية والمكانة المناسبة له.
وفي العصر الحديث تنبه المسلمون لما للتاريخ من أهمية بالغة، وخاصة
عندما يكون الجهد منصباً على (استئناف حياة إسلامية) ولذلك لابد من إعادة كتابة
التاريخ الإسلامي.
3 - إن ما كتبه علماؤنا قديماً، وإن كان عملاً ضخماً، قد حفظوا لنا فيه كل
جزئيات وتفاصيل تاريخنا الإسلامي وجمعوا روايات كثيرة جداً، إلا أن هذه
الروايات تحتاج إلى غربلة وتمحيص لأن فيها الصحيح والضعيف بل والموضوع،
وقد ذكروا لنا مصادرهم حتى يعذروا ولا نحملهم المسؤولية، وما كتبه المحدثون
إنما نسجوا فيه على منوال المستشرقين الذين اهتموا اهتماماً زائداً بالتاريخ
الإسلامي لغاية في أنفسهم وكان لهم منهج خاص في البحث والتنقيب، ولهم منهج
في تفسير النصوص أكثره تهويل، يأتون فيه بالغرائب والعجائب، وذلك
بقصورهم عن فهم اللغة العربية وفهم حركة التاريخ الإسلامي، بالإضافة إلى النية
المبيتة لتشويه التاريخ الإسلامي، وأعجب بهم المستغربون وأصبحت المعادلة
عندهم: ما دام هؤلاء يتقصون هذا التقصي في تفسير النصوص ومدلولاتها فلا بد
أن يكونوا محايدين.
ووقع المسلمون بين قديم ينظر له باحترام وإنصاف ولكنه لم ينق من
الروايات المكذوبة وبين ما كتبه المستشرقون وتلامذتهم وفيه ما فيه من دس وافتراء
متعمد.
4- استغل أصحاب الاتجاهات المنحرفة بعض الروايات الضعيفة أو
الموضوعة في الموسوعات التاريخية القديمة أو تحليلات المستشرقين المشوهة،
استغلوا هذا في المدارس والجامعات وغرسوا في نفوس الشباب المتعلم أن تاريخنا
لا يعدو أن يكون أحداثاً دموية يتلو بعضها بعضاً وأنه إذا استثنينا الخلفاء الراشدين، بل إذا استثنينا فترة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - فكل تاريخنا صراع
على الحكم وترف وفساد في القصور.. وعظمت المصيبة بأمثال هؤلاء، والمتعلم
الناشئ يتأثر بما يقال له، وأصبح الشباب في حيرة واضطراب، فعندما يسألون
عن كتب التاريخ لترشدهم إلى الحقيقة لا يجدون أمامهم إلا كتب الموسوعات الكبيرة
التي من الصعب على أمثالهم الرجوع إليها، أو الكتب المعاصرة وفيها من الجهل
والتشويه الشيء الكثير، وبذلك أيضاً عظمت التبعة على المسلمين وبدأ المخلصون
في التصدي لهذا التيار فكتبت دراسات حول هذا الموضوع [4] ، وصنفت كتب في
التاريخ الإسلامي، هي أفضل بكثير مما كتب في المرحلة السابقة [5] ، ولكن كتابة
التاريخ الإسلامي هي أكبر من هذه الجهود، ولا تزال بحاجة إلى توضيح وبيان،
وصياغة جديدة، والدخول في التفصيلات بعد التعميمات.
وهذا المقال محاولة من هذه المحاولات لعله يكون وغيره ارهاصاً بين يدي
كتابة التاريخ الإسلامي من جديد إن شاء الله.
التفسير الإسلامي للتاريخ:
يلح القرآن الكريم - لمن تدبره وعقله - على أهمية السنن التي وضعها الله
سبحانه وتعالى لهذا الكون، ولتسير فطرة الإنسان عليها، وهذه السنن صالحة،
صلاحاً شاملاً لأنها غير مقيدة بالزمان أو المكان، ويعتقد المسلمون أن تاريخ الأمم
وأيام الله في أهل طاعته وأهل معصيته ما هي إلا تفاصيل لجزئيات هذه السنن
وعرّفنا الله سبحانه من الأسباب الكلية للخير والشر [6] .
إن حوادث التاريخ هي من صنع الإنسان حقيقة، ولكنها تجري حسب حكمة
الله وعدله ومشيئته المطلقة في توجيه شؤون البشر [وتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ] [آل عمران: 140] ، كما أن الإنسان عندما يفعل الخير أو الشر له مشيئة
حقيقية بها يحاسب ويجازى والله خلقه وخلق مشيئته، قال تعالى: [ظَهَرَ الفَسَادُ
فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ] [الروم: 41] .
[فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ] [الأنعام: 44] .
[إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ] [الرعد: 11] .
والله سبحانه وتعالى يحب دفع الشر في الأرض وهو من سننه الكونية، كما
قال: [ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ] [البقرة: 251] .
ولكن هذا الدفع يجب أن يقوم به أولياؤه المتقون، فيجاهدون في سبيله، فإذا
لم يقوموا به لم يندفع، وعندئذ تتحول الحياة البشرية إلى مستنقع آسن من الشرور.
وإذا كان الغرب ومؤرخوه قد تنقلوا بين نظريات كثيرة لتعليل أحداث التاريخ، ما بين التأكيد على الجانب الغيبي [7] ، وما بين بروز النزعات المادية كالتفسير
القومي [8] أو التفسير المادي [9] ، كما ظهر التفسير التشاؤمي عند (اشبنجار) [10] ونظرية التحدي عند (توينبي) [11] ، هذه النظريات وإن كان في بعضها
شيء من الحق [12] إلا أن التفسير الإسلامي للتاريخ يختلف ابتداءً عن النظرة
الغربية لأنه ينطلق في الأصل من تكريم الله للإنسان، وأن الله خلق هذا الإنسان
لعبادته، وسخر له كل ما يحتاجه لعمارة هذه الأرض، وأرسل الأنبياء وأنزل
الكتب ليكون أبلغ في العذر، وهذه الحياة الدنيا مؤقتة، والحياة الأخرى هي الباقية، وأوج الحضارة عند المسلم هو عندما يحقق ما يريده الله منه، وما خلق من أجله، وعندئذ يكرم بالاستخلاف في الأرض، وليست قمة الحضارة بقدر ما يمتلكه من
الأشياء وأدوات الترف والغنى والرفاهية والتدمير.
إن محور التفسير الإسلامي للتاريخ هو: إن ما يقع من الحوادث إنما يخضع
لسنن إلهية، كونية أو دينية، وإن ظاهر التدين أصيلة قوية في الإنسان بالفطرة
التي خلقه الله عليها، فهو يتجه إلى الدين ولكن شياطين الإنس والجن يجتالونه عن
هذه الفطرة فيغير ويبدل.
ومن هذه السنن:
1 - إن الدولة الكبرى أو الحضارات لا تقوم إلا بدين أو ببقايا دين.
2 - سنة دفع الله الناس بعضهم ببعض ومداولة الأيام بينهم ليتبين الحق
ويظهر الخير.
3 - زوال الأمم وهلاكها بالترف والفساد وعدم إقامة العدل.
4 - الناس مسؤولون عن رقيهم وانحطاطهم.
5 - استحقاق النصر للمؤمنين.
وسنتكلم عن كل واحدة من هذه السنن بشيء من التفصيل:
أولاً - من الملاحظ أن محل الدراسة التاريخية في القرآن الكريم ليس
المقصود بها شعباً معيناً أو دولة معينة بقدر ما هو مقصود: ما هو دين هذه الأمة
وما هي عقيدتها؟ وما موقفها من الرسل والأنبياء؟ فالتركيز على (الملة) باعتبار
أن ظاهرة التدين هي الأصل في الإنسان قال تعالى: [إنَّ الَذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هَادُوا
والنَّصَارَى والصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ
رَبِّهِمْ ولا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ] [البقرة/62] ، فالحديث هنا عن (ملل)
معينة وليس عن شعوب أو دول، وعندما يذكر القرآن الحوادث التي وقعت لبني
إسرائيل يسردها دون ترتيب زمني؛ لأن المقصود أن هذه الأمة (يهود) لها صفات
معينة، وهذا واضح من سيرتهم مع نبيهم موسى -عليه السلام-، وقد امتن الله
على اليهود المعاصرين لفجر الدعوة الإسلامية بنعمة أنعمها على آبائهم، وذلك
لأنهم أمة واحدة، وقصص الأنبياء في القرآن هي قصة الصراع بين التوحيد وبين
الوثنية والأمة الإسلامية يقابلها الأمم النصرانية أو المجوسية.. وقد فرح المسلمون
في مكة ببشارة القرآن لهم بانتصار الروم على الفرس، لأن الروم أهل كتاب فهم
أقرب من المجوس.
وتركيز القرآن علي هذه الناحية يؤكد أن الدين هو العامل الفعال في تكوين
الحضارات والدول الكبرى سواء كان هذا الدين حقاً كما أنزله الله سبحانه وتعالى أو
قد حرف وبدل، المهم هو أن فكرة التدين أو التطلع الغيبي هي التي تعطي الحماس
والجد والعاطفة التي تحتاجها الدول في إبان تأسيسها، وقد خلق الإنسان متديناً
بفطرته، بالعهد الذي أخذ عليه [ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى] بل لا يوجد شعب مهما
كان موغلاً في الهمجية إلا وتطلع إلى الغيبيات، (وإن الغريزة الدينية المشتركة بين
كل الأجناس البشرية لا تختفي بل لا تضعف إلا في فترات الإسراف في الحضارة
وعند عدد قليل جداً من الأفراد) .
يقول المفكر الجزائري مالك بن بني: (فالحضارة لا تنبعث - كما هو ملاحظ- إلا بالعقيدة الدينية، وينبغي أن نبحث في كل حضارة من الحضارات عن أصلها
الديني، وكأنما قدر للإنسان ألا تشرق عليه شمس الحضارة إلا حيث يمتد نظره إلى
ما وراء حياته الأرضية) [13] ، ويقول توينبي: (والتحول الديني كان حقيقة مبدأ
كل شيء في التاريخ الانكليزي) [14] .
وهنا يثار سؤال: كيف تقوم دول كبرى على الوثنية المحضة وليس فيها أي
أثر للدين، كالدول الشيوعية في هذا العصر، والجواب كما قال مالك بن نبي:
(هذا الخطأ الشائع إنما يأتي أولاً من تفسير أصول الشيوعية باعتبارها حضارة،
وثانياً إننا نعتبر الشيوعية (أزمة) للحضارة الغربية المسيحية) [15] . وهذا التفسير
ليس غريباً، فقد ذكرت قبل قليل أن نزعة التدين لا تخلو منها أمة من الأمم إلا في
فترات استثنائية، ولابن تيمية كلام يقرر فيه شيئاً من هذا، يقول - رحمه الله -
بعد كلام عن الأنبياء وفضلهم على البشرية: (ويقال هنا: إنه ليس في الأرض
مملكة قائمة إلا بنبوة أو آثار نبوة وأن كل خير في الأرض فمن آثار النبوات ولا
يستريبن العاقل في الأقوام الذين درست النبوة فيهم كالبراهمة والمجوس) [16] ،
كما يقرر ابن خلدون المعنى نفسه حيث يقول: (الدول العامة الاستيلاء، العظيمة
الملك أصلها الدين إما من نبوة أو دعوة حق) [17] .
ونحن يمكننا أن نضيف على كلام ابن خلدون: أو (بفكرة) تبلغ عند أصحابها
مبلغ التقديس للديانات ويتفانون في تطبيقها، وهذا من ناحية نفسية لا من ناحية
تاريخية، وهذه الحضارات والدول وإن قامت ابتداء على الدين إلا أنه مع تطاول
الزمن والإسراف في الحضارة يبدأ الفساد ينخر فيها ولابد إذن من مبدأ الدفع الذي
سنه الله سبحانه وتعالى.
ثانياً - إن مبدأ الصراع بين الأمم ليظهر الخير ويخفف من الشر هو من
أعظم السنن الكونية، قال تعالى: [وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ
صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً] [الحج: 40] ، وقال
تعالى: [ولَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ ولَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ
عَلَى العَالَمِينَ] [البقرة: 251] .
فالأرض تفسد إذا طال فيها مكث الطواغيت وحكوماتهم الفاسدة، ولم يقم من
يجاهدهم ويدفع فسادهم ويريح العباد والبلاد منهم، والله ذو فضل على الناس أن
جعل هذه السنة من سننه الكونية حتى تتطهر الأرض بين كل فترة وأخرى، كما أن
هذا الصراع يرمي إلى تقوية المؤمنين، فيزداد نشاطهم ويحققوا ما يريده الله منهم،
يقول ابن تيمية شارحاً الآية السابقة:
(وقد بعث الرسل بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها،
فهدم صوامع النصارى وبيعهم فساد، إذا هدمها المجوس والمشركون، وأما إذا
هدمها المسلمون وجعلوا أماكنها مساجد يذكر فيها اسم الله فهذا خير وصلاح، فالله
سبحانه يدفع شر الطائفتين بخيرهما كما دفع المجوس بالروم والنصارى ثم دفع
النصارى بالمؤمنين) [18] .
ويقول أحد المؤرخين الغربيين (هوايتهد) : (إن صراع العقائد والمذاهب ليس
كارثة بل فرصة) .
إن المنطقة العربية - وبلاد الشام خاصة التي بارك الله فيها - من مراكز
الصراع الكبرى في العالم حتى يتبين الحق والباطل ويتمحص أهلها ويأخذوا أجر
الدفع والجهاد في سبيل الله، قال تعالى ذاكراً بلاد الشام: [سُبْحَانَ الَذِي أَسْرَى
بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلَى المَسْجِدِ الأَقْصَا الَذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ] [الإسراء: 1] ، وقال: [وأَوْرَثْنَا القَوْمَ الَذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ ومَغَارِبَهَا الَتِي
بَارَكْنَا فِيهَا] [الأعراف: 137] ، وبنوا إسرائيل أورثوا مشارق ومغارب بلاد
الشام، وقال تعالى ذاكراً إبراهيم - عليه السلام -: [ونَجَّيْنَاهُ ولُوطاً إلَى الأَرْضِ
الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ] [الأنبياء: 81] ، وإبراهيم إنما نجاه الله ولوطاً إلى
أرض الشام.
وعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يوم
الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها: الغوطة، وفيها مدينة يقال لها:
دمشق خير منازل المسلمين يومئذ» [19] .
وعن خريم بن فاتك الأسدي قال: (أهل الشام سوط الله في الأرض ينتقم بهم
ممن يشاء، كيف يشاء) [20] .
كما ورد في الحديث الصحيح: «إذا أحب الله قوماً ابتلاهم» [21] .
وعلى أرض الشام ومصر قام الصراع بين المسلمين والصليبيين، فكان لهم
فضل رد هؤلاء الغزاة عن كل بلاد المسلمين، وعلى أرض الشام هُزم التتار لأول
مرة بعد زحفهم المدمر على بلاد الإسلام.
وفي العصر الحديث ابتليت باليهود وبكل الحاقدين على الإسلام، فهي في
صراع مستمر حتى يميز الله الخبيث من الطيب ويتخذ منهم شهداء، والذي ينظر
بعين البصيرة إلى تجمع اليهود من كل أنحاء العالم، يشعر وكزنهم يساقون سوقاً
إلى هذه المنطقة، بل استطاعوا جرّ أمريكا وأوربا وراءهم لتصبح من المراكز
الحساسة جداً في السياسة العالمية. يقول الدكتور زين نور الدين زين: (ربما ليس
هناك بقعة أخرى في الدنيا كلها وقعت حروب على أرضها وعبرت شعوب ثم
عادت لتعبر ثانية فوق أرضها كمنطقة الشرق الأدنى، فهذه المنطقة كانت أبداً ساحة
معركة للجيوش، كما أنها كانت معتركاً للفكر) [22] ، ويقول أيضاً: (إن المشاكل
الحديثة التي جدت في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية تدفع بالمرء أحياناً إلى
الاستنتاج أن القدر ذاته كان منذ فجر التاريخ يلعب دوراً حاسماً في مصير الشرق
الأدنى وأنه مكتوب على شعوب هذه المنطقة أن تعيش في حالة مستمرة من التوتر
والتنازع، ومنذ سقوط الإمبراطورية العثمانية لم تحسم قط في هذه البقعة من الدنيا
قضية واحدة حسماً نهائياً) [23] .
ويقول الدكتور ج. س. بادو: (مادام هناك ثمرة شهية متدلية من شجرة فإن
قطافها سيغوي أحد الناس وهذا هو السر في تورط منطقة الشرق الأدنى في الشؤون
العالمية) [24] .
والمنطقة ليست ثمرة شهية للغرب والشرق من ناحية الثروات الطبيعية فقط
بل لأنها مركز الصراع الحضاري فالغرب يعتبر (إسرائيل) امتداداً حضارياً له،
وهو في صراع مع المسلمين فلابد إذن من مساعدة اليهود.
إن كثرة ذكر القرآن لليهود وتخصيصهم بالذكر هم والنصارى في سورة
الفاتحة ليدل على أن الصراع بين المسلمين وبين هاتين الفئتين سيكون صراعاً
طويلاً، كما يدل على أثر هاتين الفئتين في الأحداث العالمية، ومن يقرأ الكتب
التي تتحدث عن أثر اليهود في السيطرة على كثير من المؤسسات والدول
واستخدامهم - في سبيل ذلك - المال والنساء والصحافة والواجهات من جمعيات
وأحزاب ذات لافتات براقة، من يقرأ هذا يشعر بأنهم يتلاعبون بالشعوب والأمم
السادرة في غيها وضلالها، ومع أن هناك صيحات تحذير من هنا وهناك ممن
عرفوا حقيقة مكرهم وتخطيطهم من وراء الستار، وأنهم هم سبب الكثير من
الأزمات، الاقتصادية والسياسية، إلا أن هذه التحذيرات لم تعرقل أو تؤخر من
سيطرتهم.
وأما الدول التي تسمي نفسها بالاشتراكية فهي ليست إلا ثمرة من ثمار
اليهودي (ماركس) ومن ثمار المادية الأوروبية.
إن التفسير القرآني للتاريخ بمدافعة الأمم بعضها بعضاً هو أعم وأشمل من
نظرية (التحدي) عند المؤرخ الانكليزي (توينبي) التي هي صادقة في جانب من
جوانب التاريخ الإنساني، فإن تعرض أمة لخطر خارجي أو داخلي قد يظهر من
طاقات أبنائها ما كان خامداً، فإن وقت الأزمات والمصائب هو الوقت الذي يفكر
فيه الناس بالتغيير، ولكن أين هذه النظرية من تفسير القرآن الذي هو عملية
مستمرة وصراع دائم بين الخير والشر ليتغلب الخير أو يخفف من الشر.
ثالثاً - ومن سنته تعالى في البشر أن الأمم التي تبطر معيشتها، وتعيش في
الترف وتنهمك في الملذات، وتقارف الآثام والذنوب، لابد أن يصيبها العقاب إن
آجلاً أو عاجلاً وسواء كان عذاباً مادياً حسياً أو عذاباً معنوياً.
قال تعالى: [وإذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا
القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً] [الإسراء: 16] فهلاك القرى إنما يجيء بعد وجود طبقة
المترفين الذين يفسقون فيها، والأمر هنا هو أمر قدري كوني، ولا داعي لتأويلها
بأن الله سبحانه وتعالى أمر المترفين بأن يقيموا حدود الله فلم يقيموها فحق عليهم
القول؛ لأن المترفين في الاصطلاح القرآني قد فسدت فطرتهم فلا يستحقون هذا
التكريم [25] .
وقال تعالى: [ولَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ
ولَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً] ... ... [فاطر: 45] .
وقال: [وقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
ولَتَعْلُنَّ عُلُواً كَبِيراً * فَإذَا جَاءَ وعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وكَانَ وعْداً مَّفْعُولاً] [الإسراء: 4-5] .
وقال تعالى: [وكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ القُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ
خَبِيراً بَصِيراً] [الإسراء: 17] .
[ولَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِوالأَرْضِ]
[الأعراف: 96] .
وقد ثبت في الصحيحين لما نزل قوله تعالى: [قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ
عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ] قال - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بوجهك» [أَوْ
مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ] قال: «أعوذ بوجهك» [أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ
بَعْضٍ] قال: «هاتان أهون» [26] .
فعذاب التفرق والتحزب هو من العذاب الذي يصيب المسلمين كما يصيب
غيرهم، بل ربما كان في المسلمين أشد، لأن هذا من عذابهم في الدنيا، وقال -
صلى الله عليه وسلم -: «ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب ... الله» [27] .
وما هذه الأمراض الفتاكة التي تظهر بين الفينة والأخرى وتستعصي على
الطب والأطباء، إلا من عذاب الله لهذه الأمم التي انغمست في حمأة الرذيلة وما هذا
القتل المستمر بين الناس لا يدري القاتل والمقتول فيم يقتتلان، وما هذه الزلازل
المدمرة في لحظات وثوان، إلا من عقاب الله الظاهر والخفي.
يقول ابن تيمية مطبقاً هذه القاعدة على التاريخ الإسلامي: (وقد أصاب أهل
المدينة [28] من القتل والنهب والخوف ما لا يعلمه إلا الله، وكان ذلك لأنهم بعد
الخلفاء الراشدين أحدثوا أعمالاً أوجبت ذلك، وكان على عهد الخلفاء يدفع الله عنهم
بإيمانهم وتقواهم) [29] .
وجاء في (سير أعلام النبلاء) تعليقاً على الأحداث التي جرت في مكة بين
جيش يزيد بقيادة الحصين بن نمير السكوني وبين جيش عبد الله بن الزبير:
(دخل عبد الله بن عمرو المسجد الحرام والكعبة تحترق حين أدبر جيش
حصين بن نمير، فوقف وبكى وقال: أيها الناس، والله لو أن أبا هريرة أخبركم
أنكم قاتلوا ابن نبيكم (الحسين بن علي) ومحرقوا بيت ربكم لقلتم: ما أحد أكذب من
أبي هريرة، فقد فعلتم فانتظروا نقمة الله فليلبسنكم شيعاً، ويذيق بعضكم بأس
بعض) [30] . وأما ما حل بالأمم السابقة بسبب فساد أخلاقها فهو معروف مشهور
وأكبر مثال على ذلك ما حل بالدولة الرومانية، فقد سقطت أمام جحافل الزاحفين
عليها وكأنها لم تكن والفساد والبطر الذي تمارسه أوربا في هذا العصر حدا بالعقلاء
منهم إلى إرسال صيحات الإنذار والخطر، ويقول ألكسس كاريل: (وهذا هو
السبب في أن الأسر والأمم والأجناس التي لم تعرف كيف تميز بين الحلال والحرام
تتحطم في الكوارث، فمرض الحضارة والحرب العالمية نتيجتان ضمنيتان لانتهاك
حرمة النواميس الكونية) [31] .
وكاريل يتحدث عن مرض الحضارة قبل الحرب الثانية وبعدها بقليل، فكيف
لو شاهد قمة التفسخ الأخلاقي والاجتماعي الذي يعيشه الغرب الآن. وهذا ما حدا
أيضاً بمؤرخ كتوينبي أن يطلب من الغرب إعادة الدين إلى قوته الأولى وإيقاف
جبروت العلم [32] .
رابعاً - ومما هو قريب من السنة السابقة: أن الناس هم المسؤولون عن
رقيهم وانحطاطهم، قال تعالى: [إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ] [الرعد: 11] ، فالتغيير يجب أن يبدأ من الإنسان، والله سبحانه وتعالى ييسر له
السبل التي يريدها والأمة التي تعشش فيها الأفكار الميتة والأنانية والبغض والحسد، وقد ركنت إلى الكسل والخمول، هذه الأمة لا يمكن أن تنتج تقدماً أو شيئاً يذكر
بل إن حكماً علمانياً يمكن أن يستمر ويزدهر بالاتحاد والعدالة أكثر من حكم أدعياء
الإيمان إذا ما ركنوا إلى الأخلاق المنحلة وإلى الفوضى والعصيان [33] .
لقد نقل الإسلام العرب نقلة بعيدة غيرت ما بأنفسهم تغييراً شاملاً وجذرياً،
وكل الأفكار القاتلة من عصبيات وخرافات وعقائد ساذجة مضحكة، كل هذا تغير
بعقيدة التوحيد الواضحة الشاملة لكل مناحي النفس الإنسانية وعندئذ استطاعوا تغيير
ما بأنفس الأمم الأخرى، لقد بدأ التغيير بكلمة [اقرأ] ورجل الفطرة الذي لم
تفسده الفلسفات الباردة أو الترف المردي، إن تدبر القرآن الكريم والسنة النبوية
كفيلان بتغيير ما بالنفس من أمراض ليعود رجل الفطرة إلى دوره في السير على
هدى الله ويحقق ما خلق من أجله. وإن تغيير ما بالنفس ليس عملية صعبة فهذه أمم
في العصر الحديث استطاعت أن تنهض من كبوتها بسبب وجود الإنسان الذي
اكتملت فيه الشروط النفسية للتغيير، وليس بسبب وجود المادة وتراكمها، وأكبر
مثال على ذلك ما فعله الشعب الألماني الغربي بعد الحرب العالمية الثانية، وكيف
عمر بلده بعد أن أصبح خراباً بسبب الحرب، ورجعت ألمانيا كأقوى الدول الغربية
اقتصادياً، وصدق فيهم ما قاله الصحابي عمرو بن العاص عن أجدادهم الروم:
(وأسرع الناس إفاقة بعد مصيبة) [34] ، وعندما يغير المسلمون ما بأنفسهم سيأخذ
الله سبحانه وتعالى بأيديهم، لأن هذا وعده ومن أصدق من الله قيلاً.
خامساً - في صرح الحق والباطل سينتصر الحق في النهاية وإن انتفش
الباطل وعربد في البداية، وهذه سنة نلاحظها في تفاصيل الحياة اليومية كما
نلاحظها في الأحداث الكبار، قال تعالى: [أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ
بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ
مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ والْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ
فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ] [الرعد: 17] .
يقول ابن قتيبة شارحاً هذه الآيات: (هذا مثل ضربه الله للحق والباطل يقول: الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه، فإن الله سيمحقه ويبطله،
ويجعل العافية للحق وأهله، ومثل ذلك مطر جود أسال الأودية بقدرها [35]
[فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً] أي عالياً على الماء كما يعلو الباطل تارة على الحق،
وكذلك المعادن إذا دخلت الكير يوقد عليها فيعلوها مثل زبد الماء ثم قال: [فَأَمَّا
الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً] أي يلقيه الماء عنه فيتعلق بأصول الشجر وجنبات الوادي،
وكذلك خبث الفلزّ يقذفه الكير، فهذا مثل الباطل [وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي
الأَرْضِ] فهو مثل الحق) [36] .
والمسلمون هم أحق الناس بهذه السنة وإذا تأخر عنهم فلأمر ما في نفوسهم،
أو لأنه لم تتمحص صفوفهم وكيف لا ينصرهم الله سبحانه وهم أولياؤه، وهل
يستوي المجرمون والمسلمون، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«نصرت بالرعب مسيرة شهر» وهذا الكلام ليس من باب [نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وأَحِبَّاؤُهُ] ، فهذه لا يفكر فيها المسلم ولكنها من باب وعد الله الصادق بنصر المؤمنين عندما
يكونون مؤمنين فعلاً، قولاً وعملاً، وليس من قبيل الأماني ويجب أن يعتقد من
تأخر عنه النصر والتمكين أنه ما تأخر إلا لسبب أو لأسباب، فلا يلومن إلا نفسه،
ولا يضع المعاذير لنفسه ويلقي بالتبعة على غيره.
للبحث صلة.