شعر
شعر: محمد أمين أبو بكر
كان كسرى سيِّدَ البلدانِ في الشرقِ الحزِينْ
تسجدُ القطعانُ في ميدانِهِ
تُعبَدُ النيران في بُلدانِهِ
تُذعِنُ الأقيالُ في إيوانِهِ
ترقُدُ الأصقاعُ في أحضانِهِ
كان علجاً ثابتَ الأركان في كلِّ مكانْ
يقهر الفرسان يرميهم إلى،
بئر الهوانْ
يزهق الأرواحَ بالآلاف من،
أجل بقاءِ الصولجانْ
في ربوع الكون أعلى برج عزٍ
ثابت البنيان
* * *
فجأة شعَّتْ
شموسُ الحق في ذاك الزمانْ
تأكل الأحقادَ والأحلاكَ،
تسمو بالحنانْ
تجعل الأنجادَ والأغوار في الدنيا
جِناناً في جنانْ
في حماها كان ميلادُ الحضارةِ والسعادةِ
والمنى والعنُفوانْ
* * *
في ظلال الحقِّ والتوحيدِ والعزم الأكيدْ
زلزل الإسلامُ عرشَ الظلمِ والطغيانِ،
والكفر العنيدْ
فازدهت بين الروابي الخضرِ أنسامُ الأمانْ
لم تدع في الأرضِ مخلوقاً،
حزيناً أو كئيباً أو مهانْ
* * *
ثم جاءتنا عهودٌ،
نامَ أبناءُ الأباةِ الفاتحينْ
عن دروب المجدِ عن
أبواب أسوارِ القلاعِ الشُمِّ والحصنِ الحصينْ
عن لصوصٍ داهموا بيتَ علي
وأبي بكر وعثمان وكلِّ المسلمين
واستطابوا النومَ في ليلِ الهوان الُمرِّ
دونَ العالمين
واستماتوا في حَمى التمثيل والتلحين في
ظُلَم السنين
والتقَوْا في موكب الرقص أُسوداً
تتحدَّى كلَّ أشكالِ الَمنُونْ
فافتَقدْنا كلَّ أسفارِِ العصور،
الغرِّ وانتُهِبَ العرين
واستفاقت بعد طول النوم أنيابٌ لكسرى
تُغرقُ الأصقاعَ في حقدٍ جَديدْ
تستطيبُ النهشَ في الشعب الشريدْ
استباحَت في الدياجي،
كل طهرٍ في إمام أو عظيم أو شهيدْ
لم تدعْ فينا صغيراً أو كبيراً،
أو يتيماً أو وليدْ
دون أن تُصليه نار القهرِ والترويعِ،
والحقد الشديدْ
تنهشُ الأطفال في حيِّ الخيام السودِ
في ليلِ الزمانْ
تزهق الأرواحَ في القدس وفي
لبنانَ، في كل مكانْ
تدفن الأحلامَ والأمجادَ،
بين مقابرِ الجولانِ والأغوارِ،
في ليل الهوانْ
استباحت كلَّ أرماسِ الأولى،
أحقاد ليل كسرويَّه
وارتوت أظفار (بن غوريون) من،
سمل العيونِ القرشيِّه
في حمى إجرام أيد عربيِّه
جددت في الأرضِ أنهارُ دماءٍ سيرتها
في ليالي التيه أحقاد جيوشٍ تتريِّه
في دياجٍ ما رأينا مثلها،
حتى زمان الجاهليَّة
حين أضحى في ربوع العربِ،
من باعوا لكسرى سيف سعدٍ،
ثم أهدوه خيولَ القادسيَّة
فى ربوع العرب من بيعوا لكسرى
كي يضيعوا بين أظفارِِ المنيَّة
في ربوع العرب من أنسى شعوب العرب،
ما لاقته من كِسرى عياناً
عندما خانوا أمانات العصورِ الراشدية
يوم عاموا في بحار الظلم،
والطغيانِ في دم القضيَّهْ
ثم هدَّوا كل أسوار بناها
زحفنا الهدَّارُ في عهد " صلاح الدينْ "
يوم خانوا كل ما ائتُمنوا على أسرارِهِ
من نور أمجاد الكماة الغابرينْ
فارتوى " دايانُ " من دم الشهامة والكرامة والإباءْ
وانتشى " شارونُ " في تمزيقِ أشلاء المروءةِ والوفاءْ
وانتهى " بيريزُ " من سلب خيول
قادها " عقبة " في عصر العطاءْ
واشترى ما شادَهُ " عمروٌ " وأعلا صرحَهُ
يوماً بأنهار الدماءْ
يوم باعوا كل أسياف الأباةِ الفاتحينْ
يوم أهدوا للصوصِ الحاقدينْ
كل ما شادته في " اليرموكِ " في،
" حطينَ " في " جالوتَ "،
أفواجُ الأباةِ الخالدينْ
هكذا ظَنُّوا قطافَ النجم من عليائِهِ
هكذا خالوا بناءَ المجدِ في هذي السنينْ.