المسلمون والعالم
عبد الله الحاشدي
تمر اليمن في هذه الفترة بأزمة حقيقية لم تعرف مثيلاً لها منذ أن أقيمت
الوحدة إلى اليوم بين حزب رئيس مجلس الرئاسة علي صالح (المؤتمر الشعبي
العام) وحزب نائب رئيس مجلس الرئاسة علي البيض (الحزب الاشتراكي) ، وهي
أزمة بالغة الخطورة، ومن الممكن استعراض خطورتها من خلال النقاط التالية:
*أنها بين حزبين قوميين أقاما الوحدة اليمنية على أنقاض دولتين، ومازال
كل حزب يسيطر على المناطق التي كان يحكمها قبل الوحدة.
*أن الحزب الاشتراكي أعطى لصراعه مع الرئيس (علي صالح) وحزبه بعداً
مناطقياً، إذ يوجه إليهم تهمة إرادة إحكام السيطرة لما كان يعرف بنظام اليمن
الشمالي على نظام ما كان يُعرف باليمن الجنوبي وخيراته وأفراده وعدم منحه
المكانة المرموقة التي كان يحظى بها من الناحية المعنوية أو المادية، بل على
العكس من ذلك فإنه نقل إلى المناطق الجنوبية والشرقية مساوئ نظامه من تسيب
أمني وإداري وتدهور اقتصادي.. الخ، مع قيامه بإزالة المعالم البارزة لدى ما كان
يعرف بنظام اليمن الجنوبي من الوجود.
*أن الأزمة تجاوزت نقد كل طرف من طرفي النزاع لمواقف الطرف الآخر، إلى تهجم قيادة كل طرف على قيادة الطرف الآخرمن خلال الخطب والكلمات
والمقابلات التلفزيونية والصحفية، وشتى وسائل الإعلام المختلفة التابعة لهما، وهذا
ما جعل الخلاف بينهما يتعمق ويتأصل، بالإضافة إلى انعدام ثقة كل طرف بالآخر
مما حصل بسببه انحسار إمكانية إقامة حوار موضوعي يزيل بؤر الصراع بين
الطرفين وقد يؤدي ذلك إلى تراجع في فرص استمرارية التعايش السلمي بينهما.
*دخول الجيش وقوات الأمن في الأزمة تبعاً لانتماءاتهما الحزبية، وخضوع
الجيش وأمن ما كان يعرف باليمن الشمالي للرئيس وخضوع جيش وأمن ما كان
يعرف باليمن الجنوبي للحزب الاشتراكي.
وقد كانت هنالك تحركات لوحدات من الجيش من معسكراتها إلى مواقع أخرى، ... بالإضافة إلى استحداث نقاط جديدة وثبوت إعلان حالة الاستنفار القصوى في
بعض معسكرات الجيش إن لم يكن كلها.
*أنها أزمة متحركة سائرة بقوة نحو التصعيد مما يعني عدم إعطاء الفرصة
لمن يريد حلها وتخفيف حدة توترها بين الطرفين.
تطورات الأزمة الأخيرة:
بعد عودة (البيض) من رحلته الاستشفائية في الولايات المتحدة الأمريكية
ومقابلته لكبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية وفي مقدمتهم نائب الرئيس الأمريكي، عاد إلى عدن بدلاً من صنعاء ولزم حالة ما سمي «الاعتكاف» منذ ذلك الوقت.
ولقد كان سبب ذلك الاعتكاف! في البداية كما صرح به أكثر من مصدر يمني
هو اعتراضه على مشروع تعديل الدستور الذي وقعته أطراف الائتلاف الثلاثي
الحاكم بما فيهم الحزب الاشتراكي ممثلاً بأمينه العام المساعد (سالم صالح محمد) ،
وكان اعتراض البيض على المشروع يتركز في قضيتين:
الأولى: تدور حول منصب نائب الرئيس وهل يكون بالتعيين من قبل
الرئيس أم بالانتخاب مع الرئيس، والفرق بينهما أن نائب الرئيس إذا كان معيناً
فإنه يحق لمن عينه عزله، كما أنه ليس من صلاحيته في حال فراغ منصب
الرئيس أن يتولى الرئاسة بقية الفترة الرئاسية، بل يقوم رئيس مجلس النواب
بتولي مهام الرئيس مدة لا تزيد عن شهرين تجري خلالهما انتخابات رئاسية جديدة
بخلاف ما لو كان منتخباً، فإن الأمر يتحول على الضد من ذلك.
الثانية: تدور حول تطبيق نظام اللامركزية الواسعة في الحكم أو عدم تطبيقها
ويلزم من ذلك كون المحافظ وكبار مسؤولي المحافظة منتخبين من أبناء المحافظة
في حال تطبيقها، ومعينين من قبل الرئيس والحكومة في حال عدم تطبيقها.
ويريد الحزب الاشتراكي من ذلك ضمان استمراريته في حكم المحافظات
الجنوبية والشرقية عن طريق انتخابات في كل محافظة لاختيار مسؤوليها، تكون
نتائجها معروفة سلفاً، كما كان الحال في الانتخابات النيابية السابقة، بالإضافة إلى
سعيه للحصول على نجاح مرشح الحزب الاشتراكي لمنصب المحافظ في بعض
المحافظات الشمالية، مما يعني في حال نجاحهم في ذلك الاستمرار في حكم ما كان
يسمى باليمن الجنوبي، بالإضافة إلى بعض المحافظات الشمالية.
وبالطبع لم يقم الرئيس (علي صالح) بتلبية هذه المطالب، مما جعل نائبه
يستمر في اعتكافه، لكن حدث تطور آخر في الأزمة إذ أعلن الحزب الاشتراكي
ثمانية عشر مطلباً تمثل جملة مطالبه من الرئيس (علي صالح) لحل الأزمة، ولن
ندخل في عرض هذه المطالب ونقاشها، لكنها في غالبها مطالب تقوي نفوذ الحزب
في الدولة وتقلص من نفوذ الرئيس (علي صالح) ، بالإضافة إلى مجموعة من
المطالب للمزايدة بها على الجماهير.. ولقد أدخل الحزب الأزمة بمطالبه تلك مرحلة
جديدة، فبدلاً من أن الاعتراض كان على نقاط في مشروع الدستور، إذا به ينقلب
إلى اعتراض على نظام الحكم القائم ووسائل تنفيذه مع أن الحزب أحد مؤسسيه
ومنفذيه والمنافحين عنه سابقاً! ولقد سعى الاشتراكيون من خلال ذلك إلى تحقيق
مكاسب عدة منها إلقاء مثالب الفترة الانتقالية وما بعدها الداخلية منها والخارجية
على الرئيس (علي صالح) وتحميله مسؤوليتها كاملة، نظراً لكونه المتنفذ الوحيد في
الحكم الساعي إلى تهميش جميع القوى من حوله.
والملاحظ أن (البيض) في هذه المرحلة حاول أن يعمق خلافه مع الرئيس
(علي صالح) شخصياً من خلال التهجم والاستهزاء بشخصيته وحديثه ووصفه
بالمراوغة وعدم تنفيذ الوعود، بالإضافة إلى وصمه بعدم القدرة على إدارة البلاد
وضبطها، ولقد التزم الرئيس (علي صالح) الصمت، واكتفى بالتهديد معلناً أنه
سيرد على ذلك بالمثل.. وعموماً فقد كان الرئيس صامتاً في الغالب وكل ما كان
يرد به هو عدم مصداقية الحزب الاشتراكي في تطبيق الديمقراطية والرضى بنتائج
الانتخابات النيابية، التي قلصت تواجدهم في البرلمان والحكومة، بالإضافة إلى
قيامه بإعلان تسعة عشر نقطة تمثل جملة مطالبه ومرئياته للخروج من الأزمة وهي
تشتمل على ما اشتملت عليه مطالب الحزب الاشتراكي، ولكن بما يحقق مصالح
الرئيس ويقلص من نفوذ الحزب الاشتراكي وطموحاته.
ولقد استمرت الأزمة على ما هي عليه رغم توسط كثير من الشخصيات
اليمنية وغير اليمنية بين الطرفين لنزع فتيل الأزمة، ولكن دون جدوى، إلى أن
أعلن الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي في خطوة مفاجئة للكثيرين اعتقاده بأن
النظام الصالح لليمن هو (الفدرالية) لا الوحدة الاندماجية، ولم يقم الحزب
الاشتراكي بالاعتراض على هذا الأمر، بل قام بتبرير هذا المطلب مدّعياً بأن
وضع اليمن الآن دون مستوى الفدرالية، مما جعل الكثير من المحللين يفسرون
تصريح (سالم صالح) بأنه موقف للحزب وليس رأياً شخصياً مجرداً.
ونحن نلاحظ من خلال ما سبق استمرارية الحزب الاشتراكي في تصعيد
الأزمة فترة بعد فترة، فيا ترى ما حقيقة مطالبه؟ .
يمكننا تلخيص حقيقة مطالب الحزب الاشتراكي بحرصه على استمرارية قوته
ونفوذه ومواصلة إعطاء المناصب والامتيازات لكبار قياداته، وفي حال تحقق ذلك
فإن لدى الحزب الاستعداد لضمان استمرارية الوحدة، وعدم مواصلة افتعال
الأزمات، وفي حال إضعاف قوة الحزب وكبت نفوذه وتقليص امتيازات قياداته فإن
لديه الاستعداد لمواصلة افتعال الأزمات والمشكلات، والسعي بجدية إلى الانفصال.
ولكن ما هي الأسباب التي شجعته على سلوك هذا المسلك؟
الأسباب كثيرة منها الخفي ومنها المعلن، ولكن ما ظهر لنا منها في الأفق هو
التالي:
*أن وضع الحزب بعد الانتخابات النيابية الماضية أصبح في خطر، فبدلاً
من كونه كان يملك ما يقارب 50% من البرلمان والحكومة، صار له أقل من
(خُمس) البرلمان فقط، بالإضافة إلى (ثلث) الحكومة تقريباً وبالتالي فإن عليه أن
يسعى إلى منافذ أخرى تمكنه من استمرارية نفوذه وسيطرته، وهو ما طرحه عن
طريق (اللامركزية) ، وإعطاء صلاحيات واسعة لنائب الرئيس.
*مجيء اعتكاف البيض بعد عودته من أمريكا ومقابلته لنائب رئيسها ومروره
على فرنسا يشير إلى إمكانية أخذه للضوء الأخضر من هناك، وذلك في محاولة من
الغرب لإجراء مزيد من التركيع للرئيس (علي صالح) الذي اتخذ موقفاً غير مرضيٍ
عنه في أزمة الخليج، بالإضافة إلى عدم اتخاذه موقفاً حاسماً من القوى المهددة
بشكل صارخ لرعايا تلك الدول ومصالحها في اليمن ومنهم الشباب اليمني العائد من
أفغانستان الذين اتهم بعضهم من قبل الحزب الاشتراكي بتفجير فندق الساحل الذهبي
في عدن أثناء نزول مجموعة من الجنود الأمريكان فيه خلال توجههم إلى الصومال، بالإضافة إلى عدم مقدرته على إحكام السيطرة الأمنية على البلاد واعتماده على
النظام القبلي الذي قد يعرض منسوبي ومصالح الشركات الغربية المنقبة عن النفط
للخطر.
*أخذه للضوء الأخضر من بعض القوى الإقليمية واستعدادها لدعمه وتأييده
بقوة.
*حصول نوع من التحسن في موقف التيار الشعبي من الحزب وبالأخص فيما
كان يعرف باليمن الجنوبي، نظراً لتدهور قيمة العملة وارتفاع الأسعار بشكل
جنوني، وانتشار الرّشوة وعدم وجود تحسن في الخدمات، وقد استطاع الحزب
الاشتراكي أن يقنع الكثيرين من أبناء تلك المناطق بأن المسؤول عن كل ذلك هو
الرئيس (علي صالح) .
*هذا بالاضافة إلى اكتشاف وجود النفط بكثرة في المناطق الجنوبية والشرقية
وزوال كابوس الرعب الغربي من الأحزاب الاشتراكية بعد سقوط المنظومة
الشيوعية، وقدرة قادة الحزب الاشتراكي على الاتصال المباشر بالغرب، وتقديم
مزيد من أوجه الطاعة والاستعداد لخدمة مصالحهم بإخلاص في اليمن.
حقيقة موقف الرئيس على صالح:
في البداية أعلن الرئيس رفضه لموقف نائبه المتمثل في الاعتكاف، ذاكراً
بأنه مسلسل سيستمر لتحقيق مزيد من المصالح والمكاسب، بالإضافة إلى رفضه
لمطالب الحزب المتمثلة في تعديل مشروع الدستور.
وبعد فترة من استمرار الحزب الاشتراكي في تصعيد الأزمة، أعلن قبوله
بمطالب الحزب الثمانية عشر، وأحال وضع آليةالتنفيذ إلى لجنة الحوار الوطني
المكونة من أغلب القوى الموجودة في الساحة، ومع ذلك الإعلان بالموافقة فإننا
نشك في مصداقيتها لأن تنفيذ المطالب يعني سلب صلاحيات مهمة من (علي صالح) ، وخير له أن يبقى حاكماً لما كان يعرف باليمن الشمالي وحده من أن يكون في ظل
الوحدة غير حاكم لما كان يعرف باليمن الجنوبي وبعض المحافظات الشمالية ومن
الممكن إرجاع تلك الموافقة إلى أحد الأمرين التاليين:
الأول: أنها محاولة لتمرير مرحلة يجد فيها أن الحزب يقوى على حسابه يوماً
بعد يوم، سواءاً أكان ذلك داخلياً من خلال ازدياد شعبيته لدى أبناء المناطق
الجنوبية والشرقية ولدى بعض أبناء المناطق الشمالية.. أم إقليمياً من خلال التقاء
البيض ببعض ممثلي الدول الاقليمية في اليمن، بل وفي أثناء رحلته الاستشفائية
في أمريكا، والتأييد الواضح بصراحة للحزب في صحف تلك الدول.. أم دولياً من
خلال عدم ممارسة نوع من الضغط على الحزب من قبل أمريكا وفرنسا وغيرهما،
لثنيه عن موقفه، بل وقيام دول أخرى مثل بريطانيا بانحياز واضح نحوه.
الثاني: أنها نوع من تبادل الأدوار مع التجمع اليمني للإصلاح والأحزاب
المحسوبة على الرئيس، وقيام التجمع ومن معه بدور الرافض لمطالب الحزب
وجعل الرئيس (علي صالح) نفسه كالواقع بين ناري الحزب الاشتراكي والتجمع
ومن معه.
والقضية وطنية لا بد فيها من حل يرضي جميع القوى الموجودة، مما يعني
إمساك الرئيس بخط رجعة له عند موافقته على مطالب الحزب الاشتراكي وهذا ما
فعله سابقاً مع مطالب الحزب نفسها التي وافق عليها قبل الانتخابات النيابية
الماضية.
موقف الإسلاميين من الأزمة:
ينظر الإسلاميون إلى الحزب الاشتراكي باعتباره عدواً أساسياً يسعى إلى
كسر شوكتهم وخنق دعوتهم، وتكفي تجربة الحزب أثناء استقلاله بالحكم فيما كان
يعرف باليمن الجنوبي، وما قام به من حرب وإزهاق لكل ما هو إسلامي بالإضافة
إلى علمانيته الصارخة ودعمه القوي لكثير من المنكرات الضخمة والواضحة
كمصنع الخمر، ومحاربته لتجربة الإسلاميين في التعليم ممثلة في المعاهد العلمية
المنتشرة في أرجاء اليمن الشمالي، مع أن البديل قوى منحرفة في نظر الإسلاميين
وبينها وبين الكثير منهم عداء سافر، إذ هي أحزاب الرافضة في الشمال والصوفية
الشديدة الغلو في الجنوب، أضف إلى ذلك أن مطالب الحزب تهدد وحدة البلاد
وسلامتها.
والإسلاميون يدركون خطورة منطلقات (سيادة الرئيس) وسلبياته الكثيرة ولكن
يقولون كما يقول المثل: «أعور ولا أعمى» ، بالإضافة إلى أن بينهم وبينه
تعايشاً سابقاً قبل الوحدة اليمنية، كما أنه لا يعتبرهم يمثلون خطراً على وجوده كما
صرح هو بنفسه، ولا مانع لديه من إعطائهم بعض ما يريدون بما لا يجعلهم
يجاوزون الخطوط الحمراء التي لا يُسمح بتجاوزها إقليمياً ودولياً.
ولقد سلك الإسلاميون في البداية طريق الإصلاح ومحاولة إخماد مواضع
الانفجار، مع ميل خفي نحو الرئيس (علي صالح) ، ولكن الميل ازداد وضوحاً فيما
بعد يوماً بعد يوم، ووصل الوضوح أشده بتحميل (ابن الأحمر) و (الآنسي) الحزب
الاشتراكي مسؤولية ابتداء الأزمة.
ولكن يبدو أن الموقف قد تغير بعد إعلان الرئيس (علي صالح) موافقته على
مطالب الحزب الاشتراكي وهو ما ذكره ابن الأحمر حيث صرح في إشارة واضحة
إلى الحزب الاشتراكي بأن التجمع اليمني للإصلاح سيسلك مسلك المعارضة لكل
من يسعى إلى تقسيم البلاد إلى 19 بلداً، وإن وافق عليه المؤتمر والحزب
الاشتراكي.. والموقف الأخير للإصلاح يحتمل أن يكون تنسيقاً مع حزب الرئيس
نظراً لكونه يخدم كلاً من أهداف الطرفين، وهو الأظه. ويحتمل أن يكون نابعاً من
منطلقات التجمع ومصالحه بشقيه (الإسلاميون منهم والقبليون) ، ولا علاقة لحزب
الرئيس به.. وأياً كان منشأ هذا الموقف فيجب على الإسلاميين ألا ينسوا التالي:
*ألا يركنوا إلى الرئيس (علي صالح) ومؤتمره، إذ هو من خلال التجربة
يميل إليهم حين يحتاجهم، ويعرض عنهم حين يكون في غير حاجة إليهم وموقفه
من الإسلاميين منذ بداية الوحدة إلى الآن خير شاهد، وليذكروا أن الذي كان يتهجم
على الخطباء في المساجد، ويتهمهم بإثارة الفتن واستخدام المنابر في غير ما
وضعت له، نجده الآن يستميلهم ويحرص على رضاهم. ورجل هذه حاله يمكن أن
يستخدمهم لمجابهة عدوه الحالي ممثلاً بالحزب الاشتراكي، وبعد القضاء عليه يلتفت
إليهم، ويقص أجنحتهم، ويكسر شوكتهم، وبخاصة إذا كان هذا مطلباً إقليمياً أو
دولياً.
*أن شركاءهم في التجمع اليمني للإصلاح من (القبائل) لهم ارتباطات قوية
بالرئيس وحزبه، بل إن ابن الأحمر على سبيل المثال عضو في اللجنة الدائمة
للمؤتمر الشعبي العام، وله اتصالات لا تخفى بقوى إقليمية معادية للإسلاميين،
وبالتالي فالواجب عليهم أن لا يسلموا زمام القيادة لذلك الشريك وألا يتركوه يتخذ
المواقف المختلفة باسمهم بل يجب عليهم حساب مواقفهم بدقة وبعد دراسة وتأمل.
*أن يستغلوا هذه الأزمة لكسب مزيد من المواقع والمصالح للعمل الدعوي
عموماً، مما يقوي مركزهم ويُعلي من مكانتهم أمام الشعب كله.
وأخيراً: إلى أين؟
قبل الإجابة على هذا السؤال نؤكد بأن جوهر الأزمة تصارعٌ على السلطة
بدون وجود ضوابط أو قيم أياً كانت يحتكم إليها، وبدون وجود مرجعية مقبولة
تَفصِل فيها، مع وصول الأزمة إلى التصعيد والعمق الذي يصعب معه التعايش بين
الطرفين، نظراً لانعدام الثقة وشعور كل طرف باستعداد الطرف الآخر وتأهبه
للانقضاض عليه وبالتالي لا علاقة لمصالح الشعب والحرص على تحقيقها من
قريب أو بعيد بكل ذلك الصراع. وكل ما يذكره الجانبان من مطالب في هذا السبيل
هي نوع من المزايدة على الشعب ودغدغة عواطفه وكسب مشاعره لا غير! .
ومع كل ما ذكر فإننا لا نتوقع أن تُجاوِز الأزمة هذا الحد ولا أن تصل إلى حد
الانفجار المسلح وبالتالي الانفصال، نظراً لكون ذلك سيجعل البلاد بؤرة صراع لا
يتمكن الغرب معها من استنزاف الخيرات الموجودة من بترول ومعادن كما أن
الشركات الغربية لن تتمكن معها من تنفيذ المشاريع الضخمة أو الحصول على
الجديد منها، وهذا لا يمكن أن يسمح به الغرب أو تجرؤ على القيام به القوى
الداخلية المتصارعة، كما أننا لا نتوقع أن تنتهي الأزمة بسهولة وأن يتفق الطرفان
على التعايش السلمي فيما بينهما قريباً، نظراً لانعدام الثقة وتخوف كل طرف من
كسر جناحه من قِبَل الآخر.. لكن قد تهدأ الأزمة فترة من الفترات ولكنها بالتأكيد
سوف تعود إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً كانتهاء رموز أحد الطرفين بموت أو
اغتيال أو نحوه، والله أعلم.