كابل
وأزمة التحالفات الهشة
أحمد الإدلبي
رغم مرور عام على وصول المجاهدين الأفغان للسلطة في كابل لم تظهر في
الأفق أية علامة على اتفاق فيما بينهم بتشكيل حكومة جديدة [*] مجمع عليها من
قبل كافة الأطراف لتدير البلاد بقوة وحزم خاصة في بلد عُرف بتنائي أراضيه
وعدم توفر المواصلات والاتصالات بين الولايات وبين الأطراف والمركز أيضاً
إلى جانب قيام كل حزب أو فصيل أو قبيلة بإدارة شئون منطقتها بمعزل عن
الآخرين خاصة مع إقامة إدارة كل إقليم علاقات مع دول مجاورة تسهل عليه
التمويل والاتصالات والخبرات ونحو ذلك.
وما تزال الخريطة الأفغانية مرشحة لعديد من الهزات والزلازل ما دامت
خريطة التحالفات في تقلب مستمر فحليف الأمس عدو اليوم والعكس صحيح.
خاصة وأن هذه التحالفات لم تقم على أرضية مشتركة في الهدف والمصير والواقع
وإنما تحالفات آنية تفرضها ظروف وقتية إما بظلم الأخ لأخيه حيث يدفع الواحد
منهم لإيجاد أي تحالف مع عدو الأمس حتى يستطيع الصمود أمام عاديات المرحلة.
لعل الاجتماع الأخير الذي ضم الرئيس برهان الدين رباني ورئيس وزرائه
قلب الدين حكمتيار وعبد رب الرسول سياف أمير الاتحاد الإسلامي في بغمان (20كم غرب كابل) حيث معقل الأخير لعل هذا اللقاء يجسد جانباً من الأمل الذي طالما
دغدغ المخلصين من أبناء الأمة في لم شمل المخلصين الذين حمَّل بعضهم جانباً
مهماً من المأساة لسياف الذي وقف إلى جانب الحكومة في كابل والتي تضم ...
جنرالات الشيوعيين البارزين أيام حكم نجيب الله من أمثال الجنرال عبد الرشيد
دوستم والجنرال باباجان قائد الفيلق المركزي في كابل والقائد عبد المؤمن قائد
الميليشيات الشيوعية المعروفة إضافة للجنرال آصف ديلاور، وفريد مزدك وبابرك
كارمل ومحمود بريالي وآخرين.
وتقول مصادر الحزب الإسلامي في بيشاور: إن اجتماع بغمان كان مشجعاً
حيث علق حكمتيار آمالاً على اللقاء والذي وافق فيه رباني وسياف على إرسال
وزرائهم إلى مجلس الوزراء الذي يقوده حكمتيار حيث كان وزراء الحزبين قد
تغيبوا عن اللقاءات التمهيدية للحكومة في محاولة وصفت بأنها إصرار على إفشال
حكمتيار في لقاءاته، ويبني المعلقون والمراقبون كثيراً على اللقاء لأنه الوحيد الذي
حصل منذ سقوط نجيب الله في إبريل (نيسان) العام الماضي بدون وسطاء خارجيين
أو داخليين. ويبدو أن لقاء بغمان إن كان كما صُوِّرَ من الإيجابية والتفائلية فحينها
سيكون على هذا التلاحم بين القادة الثلاثة أمرين:
الأول: ما بدأ يظهر على العلن من لقاءات بين قادة الفصائل الشيوعية من
خلق وبرشم حيث عقدوا في مارس (آذار) الماضي لقاءً في موسكو، ثم تبعه
اجتماع في مدينة بيشاور معقل حزب العوام القومي - (اليساري) التوجه-، والذي
يقوده عبد الولي خان، وكان من ضمن الحاضرين سليمان لاتعد وزير الحدود
والقبائل السابق والجنرال محمد رفيع نائب الرئيس نجيب الله سابقاً والجنرال أسلم
وطنجار وزير الدفاع السابق وبابرك شنواري رئيس منظمة الشباب الشيوعي
وغيرهم كثير.
ومعلوم أن قادة الحزب الشيوعي الأفغان بشتية (برشم) الراية، وخلق ...
(الشعب) قد تفرقوا بين مزار شريف - حيث معقل المليشيات الأوزبكية بزعامة
الجنرال عبد الرشيد دوستم الذي فك ارتباطه شكلياً مع نجيب الله في أبريل (نيسان)
العام الماضي ليتحالف مع أحمد شاه مسعود رئيس مجلس شورى النظار للإطاحة
بنجيب الله - وبين موسكو ودلهي وبيشاور ويعمدون حالياً على تجميع أنفسهم
بالتحالف مع المعتدلين من الأفغان خاصة الجبهة الإسلامية التوجه بزعامة بيرسيد
أحمد جيلاني لعقد اجتماع في قندهار معقل الملك الأفغاني ظاهر شاه للمناداة به كملك
للبلاد. وكان بعض القادة من الحزب الشيوعي (الوطن حالياً) زاروا مقره وناقشوا
المسؤولين هناك بالأمر. وتجدر الإشارة إلى أن جيلاني نادى مؤخراً وعلناً بعودته
رغم توقيعه اتفاق جلال آباد الذي ينص على عقد انتخابات عامة ولعقد لوياجركا
الذي سينجم عنه بالتأكيد عودة الملك الأفغاني السابق.
ويرى البعض أن تجميع الشيوعيين أنفسهم مع المعتدلين بحيث تكون السلطة
السياسية القوية في البلاد سيسهل عملية تزاوج أو تحالف بين هذه السلطة والسلطة
العسكرية التي يقودها دوستم في مزار شريف خاصة مع هروب (خانو) رئيس
ميليشيات هلمند أمام هجمات مشتركة للجمعية الإسلامية والحزب الإسلامي حيث فر
مع قادته إلى دوستم الأوزبكي رغم أنه بشتوي مما يؤكد أن الرابطة الشيوعية لديهم
فوق الرابطة العرقية.
أما الأمر الثاني فهو ما تسرب من معلومات عن انقلاب يقوم به دوستم
ومسعود وبعض المعتدلين على الرئيس رباني لإقصائه عن الرئاسة (وتنصيب
شخصية معتدلة) وبهذا تستبعد أي تسوية مستقبلية في البلاد.
لعل هذا أو ذاك أو أموراً كثيرة دفعت بالمخلصين للالتقاء، ولكن يبقى القول
أن تحالفات أفغانستان ليس لها أرضية ثابتة صلدة، وإنما تحالفات آنية فهل سيكون
ذلك ضمن المعادلة الأفغانية للتحالفات أم أنه سيكسر القاعدة ويخيب ظن الشائنين
والمعتدين؟