عادل محيي الدين نصار
قد يظن البعض من الناس أن مفهوم السرقة محصور فقط في أخذ مال الغير
من حِرْزه، والاستيلاء عليه بدون وجه شرعي.. وكفى. ولكن مفهوم السرقة
أعمق من هذا بكثير.. فقد تفنن الناس فيها، واخترعوا اختراعات، حتى صارت
أنواعاً ودرجات.. بعضها أظلم وأعقد من بعض.
فمن أنواع السرقات التي انتشرت في الآونة الأخيرة في العالم أجمع: سرقة
الأعمال الأدبية، سواء أكانت شعراً أم نثراً أم قصة أم رواية.. الخ. وكذلك سرقة
المؤلَّفات بكاملها أو بعضها.. أو الخروج على قانون الاقتباس، وهذا ما قد عمَّت
به البلوى - ولا حول ولا قوة إلا بالله -.
وكذلك ما تفعله بعض دور النشر والتحقيق التي لا ضمير لها، وكذا بعض
الأفراد الذين يعملون في هذا المجال.. فمصائبهم لا تعد ولا تحصى ... كل هذا
سرقة للتراث، وقتل للنبوغ والابتكار وإهلاك الاقتصاد.
ومن أشد أنواع السرقة، ومن أقتمها درجة، وأعظمها عند الله: سرقة بعض
المدراء لجهود مرؤوسيهم، ولا سيما إذا كان هذا المدير ذا فصاحة وبيان وعنده
القدرة على التلاعب بالألفاظ والاستخفاف بعقول الآخرين والتأثير عليهم بسحر
لسانه وقوة بيانه وكذبه وتماديه في الباطل، فيخلط مع الكلمة ألف كذبة؛ ليأكل
بلسانه حقوق الموظفين التابعين لإدارته، وهذا الصنف من المدراء كثير - لا
كثَّرهم الله - في كل زمان ومكان.