بأقلام القراء
قراءة في البيان
محمد عبد الله آل شاكر
الأخ الكريم الفاضل مدير تحرير (البيان) - سلمه الله -.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
* ففي وسط الضجيج الإعلامي وسبل الإصدارات الكثيرة من الصحف
والمجلات المتنوعة -هنا وهناك- تأتي مجلة (البيان) التي تضطلعون بأعباء
تحريرها، لتكون الصوت الإسلامي المتميز الذي يرفع راية الجهاد بالكلمة،
ولتكون صوت الحق ومنبراً من منابر المنهج الأصولي لكل مسلم أياً كان موقعه،
كما أشرتم إلى ذلك في افتتاحية العدد الأول، التي حددتم فيها منهج المجلة وخط
سيرها، وتلكم أهداف عالية وآفاق سامية، نسأل الله تعالى أن يأخذ بأيديكم لتحقيقها
من خلال جهدكم وجهادكم، وأن يمدكم بعون من عنده.
* وقد قرأت باهتمام بالغ الأعداد الأربعة التي صدرت، وقد كانت حافلة بمادة
طيبة، وبحوث علمية متخصصة في جوانب عديدة من علوم الشريعة؛ فالدراسة
القيمة حول التجديد، تجمع بين العمق والأصالة وإشراقة الأسلوب وحلاوة إيمان
الكاتب التي تظهر من خلال بحثه، ولم يعوزه التوثيق الدقيق لكل فكرة، بل ولكل
كلمة أحياناً، وهذه ميزة طيبة، على ألا تطغى الهوامش على المتن، فمزيداً من
الأبحاث الجادّة كهذا البحث، والله يوفق العاملين المخلصين! .
* وأما ما دبجته براعة الشيخ محمد صالح العثيمين فقد جاء في إبّانه، فرسم
بعض معالم المنهج الذي ينبغي أن نتخذه من الخلاف الفقهي دون أن يعدو أحد
المختلفين على الآخر، ثم عالج في مقاله الثاني قضية خطيرة في الاقتصاد، وهي
(الربا) ورسم طريق الخلاص وحذر من أسباب الحرب التي أعلنها الله تعالى على
المرابين، وكشف بعضه حيلهم في ذلك، وهو لا يزال بحاجة إلى فضل بيان، لعل
الله تعالى يهيئ مرة ثانية العودة إليه، لما له من خطورة بالغة في حياة المسلمين.
* وقد أعجبت بهذه (الخواطر في الدعوة) التي سجلها الأخ أبو أنس بأسلوب مشرق وبيان عذب، وروح مؤمنة، تظهر فيها الغيرة على (هذه الشريعة ... العربية) دون إجحاف أو عصبية! ! ونأمل أن يستمر الكاتب في تسجيل خواطره ... وتأملاته! .
* وأما زاوية (الأدب والتاريخ) فالحاجة إليها ملحة، وكانت التفاتة طيبة من المجلة لبيان موقع الأدب في الثقافة الإسلامية المعاصرة والدعوة بحاجة إلى ... العناية بالأدب بشتى فنونه وتوظيفه لخير الدعوة والارتقاء بها، وما أعظم ... تأثير الكلمة الطيبة المشرقة والأسلوب الرصين في النفوس، ولنا في كتابات أئمة الدعوة وقادتها ما يشير بوضوح إلى هذه الحقيقة متمثلة بما كتبه الأستاذ سيد قطب - رحمه الله-، وبما تركه الأستاذ السباعي -رحمه الله- من تراث رائع، وغيرهما من الكتاب الإسلاميين والدعاة، وهم بحمد الله كثيرون ونأمل أن تكمل (البيان) تلك الجهود البناءة المشكورة.
ومن خلال هذه الزاوية نظرنا إلى الجاهلية في الشعر الجاهلي وتعرفنا على
ملامحها، ولعل البحث يسلمنا -بعدها- لنتعرف على جوانب من الأدب الإسلامي
بمفهومه الواسع.
وقد أقامت هذه الزاوية، أو ساهمت في محاولة إقامة منهج لكتابة تاريخنا
الإسلامي من وجهة النظر الإسلامية لتكشف الزيف وتهتك الأقنعة التي يتستر
وراءها الهدامون والمغرضون والمشككون في تاريخنا الإسلامي العظيم الذي نعتز
به ونقدمه للأجيال وسيلة إيضاح لمبادئ الإسلام الواقعية المثالية، وأعني تاريخنا ...
الإسلامي بالتزامه بأحكام الإسلام.
* ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، ولعل (شؤون العالم الإسلامي)
تكون مما يعين المسلم على التعرف على أحوال إخوانه في أرض الله الواسعة،
والاهتمام بهم، وفيها يجد كل مسلم في أي بلد سبباً يشده إلى المجلة لأنه يشعر
باهتمامها بقضاياه، فمزيداً من الاهتمام بذلك وعلى قدر الوسع والطاقة.
* أما الوجه الكالح للحضارة الغربية، فإنه سوف يزيح الغشاوة عن أبصار
وبصائر كثير من المخدوعين بحضارة القرن العشرين وجاهليته.
* وهذه الإشارات التنويهية بما سبق لا يعني تقليلاً من أهمية غيرها، وهنا
أجد لزاماً علي أن أشير إلى بعض ما أراه نصيحة خالصة -إن شاء الله- لمجلتنا:
- إذ يجب العناية بالإخراج ليتفق المضمون والشكل معاً، من حيث كتابة
العناوين ومن حيث الحرف وتنسيق الموضوعات وإخراجها، ولا أرى ضيراً من
الإفادة من تجارب بعض المجلات الأخرى.
- استغلال أجزاء الصفحات في نهاية المقالات التي لم تستوعب الصفحة
الأخيرة من كل مقال بنشر كلمات خفيفة أو حكم.. أو غير ذلك تتناسب مع
مستويات القارئ العادي الذي قد لا يهتم بالبحوث العلمية..
- حبذا لو كان في المجلة زاوية ثابتة عن: آية وحديث يعالج كل منهما
بأسلوب مركز موجز قضية عقيدية أو فكرية أو سلوكية، وقد نشر بعض ذلك في
بعض الأعداد.
- استكتاب عدد من الكتاب والمفكرين، وقد بدأ ذلك يظهر في الأعداد
الأخيرة كالعدد الرابع، وذلك يثري المجلة بأفكار الكتاب الإسلاميين ويجعل المجلة
مجلة كل المسلمين، ويغطي مساحة واسعة من أرض المسلمين.
- حبذا لو كان هناك اهتمام ببيانات التوزيع ووكلاء المجلة في كل بلد،
وبيان بعض المعلومات الضرورية، ويأتي في المرتبة الأولى من الأهمية: انتظام
صدور المجلة وتوزيعها في الأسواق.. ونرجو أن يكون ذلك خطوة أولى تمهد
لصدورها شهرياً إن شاء الله تعالى.
هذا وأضرع إلى الله تعالى أن يوفقكم ويبارك جهدكم وجهد جميع الأخوة
العاملين، ويحقق على أيديكم ما يصبو إليه قراؤكم في شتى ديار المسلمين، وان
يهيئ أيضاً من الأخوة القراء ما يحملهم على المشاركة في المجلة.. وأرجو ألا
أكون قد أثقلت عليكم، فاقتطعت جزءاً من وقتكم، ولكن إخلاصي وحرصي دفعني
إلي ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.