عبد الله بن سريِّع
إني رأيت الناس في مسألة طلب صلاح الأولاد مع فعل الأسباب التي تؤدي
بإذن الله وتوفيقه إلى ذلك، على طرفي نقيض، فتجد منهم من يفعل كثيراً من
الأسباب؛ ويقدم جهداً طيباً في طلب الهداية لأولاده؛ لكنه يهمل الدعاء لهم بالهداية
والتوفيق، وفي المقابل فإنك تجد منهم من يهمل جميع الأسباب المؤدية لهدايتهم -
بعد توفيق الله تعالى - ويقتصر على الدعاء لهم بالهداية، ومع أن الدعاء عامل مهم
جداً في هذه المسألة إلا أننا يجب أن نتذكر قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -
«اعقلها وتوكل» [1] ، فلا بد إذن من اعتبار أن الدعاء لهم من أسباب هدايتهم
دون الاقتصار عليه.
والعجيب في الأمر أنك قل ما تسمع أو تقرأ للذين يتحدثون أو يكتبون في
موضوع تربية الأبناء تركيزاً على مسألة الدعاء لهم بالهداية، ومعلوم أن الإسلام قد
أعطى جانب الدعاء للأولاد وصلاحهم اهتماماً خاصاً ورغّب في ذلك وحث عليه،
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر،
ودعوة الوالد لولده» [2] . فالدعاء - بشروطه - عامل مهم من عوامل صلاح
الأبناء وهدايتهم، وإن صلاح الأبناء ينفع الآباء في حياتهم وبعد مماتهم بإذن الله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [3] .