مصطلحات
العالم الثالث
كيف كان وماذا سيكون
سقط الاستعمار القديم بعد الحرب العالمية الثانية وظهرت القوتان الكبريان:
أمريكا والاتحاد السوفييتي بعد اجتماع (يالطا) عام 1945، ومنذ ذلك الوقت نشأ
بينهما ما سمي بالحرب الباردة، وفي الستينات من هذا القرن ظهرت المعارضة
الفرنسية (الديغولية) لأن تكون أوربا الغربية دائرة في فلك واشنطن، وعلى الجانب
الآخر ظهرت المعارضة الصينية للهيمنة السوفييتية. وفي غضون ذلك ظهر ما بين
عامي 1959- 1960 مصطلح (العالم الثالث) الذي يشمل دولاً مختلفة في آسيا
وأفريقيا وأمريكا الجنوبية.
هذا العالم يرتبط بعدة معايير متداخلة إلى حد ما وفيها:
1- المعيار التاريخي الذي يربط دول هذا العالم بالدول المستقلة حديثاً من
الاستعمار الذي ساهم في تخلفها بشرياً واجتماعياً.
2- معيار اقتصادي ترتبط به هذه الدول بسمة التخلف الاقتصادي الذي
انعكس بصورة رئيسية على مستوى التقدم السياسي وجعل غالبها معرضاً للقلق
السياسي واضطراب الأمن.
3- معيار سياسي حاولت فيه هذه الدول أن تنشأ كتلة (عدم الانحياز) إلى أي
من القطبين وإن كان هذا الشعار لم يكن دقيقاً لأن كثيراً من دوله كانت منحازة فعلاً.
هذه المعايير ليست بقادرة وحدها ولا مع غيرها على تحديد حقيقة العالم
الثالث لأن تمتع هذا العالم بالوجود السياسي في النسق الدولي الراهن مفيد في
ممارسته بعالمية تواجد القطبين وسيظل العالم الثالث مسرحاً وهدفاً للقطبين الدوليين
ما دام لم ينتج الأسلحة الاستراتيجية. فهذا التجمع القائم على فكرة توفيقية هو
شريك في النسق الدولي لا أهمية له لأنه لم تتوفر له القوة المادية التي تمكنه من
المشاركة، زيادة على ما في هذا التجمع من التناقضات الكثيرة واختلاف المصالح
وأنه فعلاً منحاز لأحد القطبين.
وبعد سقوط القطب السوفييتي وتشرذم دوله ونشوء (دول الكومنولث المستقلة)
انتهى النسق الدولي القديم ونشأ الواقع الحالي القائم على القطب الواحد وتحت ما
تروج له أمريكا (النظام العالمي الجديد) . ومع ذلك فقد تظهر عوالم أخرى تحاول
أن تكون قطباً مناقضاً لامريكا كدول أوربا الغربية، ودول الكومنولث المستقلة،
واليابان وبلاد النمور السبعة ويبقى العالم الثالث في حالة لا يحسد عليها، وستطمع
فيه تلك الدول وبوادر ذلك نلمسها في استغلال خيرات دول هذا العالم واستغلال
المواقع الاستراتيجية بدعوى حمايتها من الإرهاب، وربما يتحول ذلك المصطلح
(العالم الثالث) إلى مصطلح أكثر دقة كأن يكون (الصراع بين الشمال والجنوب) أو
حتى (بين الصحارى والمدن) كما ألمح إلى ذلك الصحفي (محمد حسنين هيكل) في
مقاله الذي نشره في التايمز اللندنية بتاريخ 12/9/90 أبان حرب الخليج.
ولكن هل تتفطن دول هذا العالم (وأغلبها إسلامية) أن تعود لسر قوتها
ونهضتها وهو الإسلام بعد أن فشلت كل الطروحات التي حكمت بها بعد الاستقلال؟
هل تتخلص من رموز الاستعمار الذين رباهم على عينيه وجعلهم يفضلون التعايش
مع اليهود في سلمهم الجديد ويكرهون التعايش مع الإسلام ولو حتى بالشكل
الديموقراطي الذي طالما رددوه ودعوا إليه، وما أصدق قول عمر -رضي الله
عنه-:
(نحن أمة أعزنا الله بالإسلام وإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله) .