تربية
عبد العزيز صادق
أهمية التقويم:
يعتبر التقويم جزءاً أساسياً بالنسبة للمنهج حيث أن المنهج بمفهومه الشامل
يتضمن ثلاثة جوانب رئيسية:
أولاً: تحديد الأهداف التربوية.
ثانياً: وضع الخطط والبرامج اللازمة لتحقيق هذه الأهداف عن طريق اختيار
الطرق والأساليب المختلفة.
ثالثاً: عملية تقويم نتائج العملية التربوية بكافة أبعادها.
ومن ذلك يتبين كيف أن التقويم يعتبر جزءاً أساسياً في العملية التربوية. فهو
يتأثر بالمنهج ويؤثر فيه.
فهو يتأثر بالمنهج على النحو التالي:
إذا كان المنهج يركز على البيئة أو المجتمع فإن عملية التقويم تنصب على
دراسة التلاميذ للبيئة ومصادرها وطرق استغلالها. هل أتيحت الفرصة لهم للقيام
بالرحلات التعليمية والزيارات الميدانية؟ هل تكونت لدى التلاميذ بعض المفاهيم
التي تسخر لخدمة المجتمع؟ هل أحس التلاميذ بالمشاكل العامة للمجتمع؟ وهل
قاموا بالدراسات اللازمة للتغلب على هذه المشاكل؟
ومن هذا يتضح لنا أن عمليه التقويم تتأثر بمفهوم المنهج.
ومن ناحية أخرى فإن التقويم بدوره لا بد وأن يؤثر في المنهج وفي العملية
التربوية:
* فالتقويم الناجح هو الذي يؤدي إلى تغيير بعض الأهداف التربوية وتعديل
بعض الأهداف الأخرى.
* وهو الذي يؤدي أيضاً إلى تغيير في الطرق والوسائل والأساليب التي تتبع.
* والتقويم الناجح هو الذي يلقي الضوء على الصعاب والمشكلات التي تواجه ... عند القيام بعملية التربية، كما يلقي الضوء على جوانب القوة والضعف فيها ... بحيث يؤدي ذلك في النهاية إلى تدعيم جوانب القوة ومعالجة جوانب الضعف، ... وبذلك يكون التقويم أداة هامة من أدوات تطوير المنهج. وهذا الجانب بالذات يغفل ... عنه الكثيرون. ...
مفهوم التقويم:
التقويم هو العملية التي يقوم بها الفرد أو الجماعة لمعرفة مدى النجاح أو
الفشل في تحقيق الأهداف العامة التي يتضمنها المنهج وكذلك نقاط القوة أو الضعف
في المنهج حتى يمكن تحقيق الأهداف المرجوة بأحسن صورة ممكنة.
فالتقويم ليس فقط تشخيصاً للواقع بل هو أيضاً علاج لما به من عيوب. إذ لا
يكفي أن نحدد أوجه القصور في المنهج وإنما يجب العمل على تلافيها والتغلب
عليها حتى لا تتكرر الأخطاء. وبذلك يكون الأداء في كل مرة أفضل من المرات
السابقة.
مجالات التقويم:
المفهوم القاصر للتقويم هو الذي ينصب على نقطة واحدة وهي مدى استيعاب
التلميذ للمعلومات. ووسيلة هذا التقويم هي مجموعة من الاختبارات المتنوعة التي
تقيس تحصيل التلميذ في هذه المعلومات.
أما المفهوم الصحيح للتقويم فهو ذلك الذي يركز على جميع جوانب النمو لدى
التلميذ. كما يتعرض لجميع جوانب العملية التربوية والعوامل المؤثرة فيها. فهو
بذلك يمتد إلى الأهداف التربوية، المنهج (المقررات، الكتب، الطرق، الوسائل،
الأنشطة، الامتحانات) ، التلميذ، المعلم، التوجيه الإداري، أماكن الدراسة.. الخ.
أسس التقويم:
لا بد أن يقوم التقويم على الأسس التالية:
1-الشمول.
2- الاستمرارية.
3- التعاون.
4- التناسق مع الأهداف.
5- أن يبنى على أساس علمي.
أولاً - الشمول:
يعتبر التقويم شاملاً إذا انصب على جميع الجوانب. فإذا أردنا أن نقوم أثر
المنهج على التلميذ فلا بد أن نقوم مدى نمو التلميذ في كافة الجوانب وهي:
- الجانب العقلي ويتضمن القدرة على الاستيعاب وتفتح مداركه.
- الجانب الشرعي.
- الجانب الثقافي العام ومعرفة الواقع.
- الجانب الاجتماعي وعلاقاته المختلفة مع الآخرين.
-الجانب القيادي.
- الجانب الانفعالي.
-الانضباط.
- الاهتمام بالآخرين.
- الحماس والغيرة.
- الجانب البدني.
إلى غير ذلك من الجوانب المختلفة.
والتقويم الشامل للمنهج يجب أن ينصب على النقاط التالية:
-أهداف المنهج.
-البرامج الدراسية.
- المقررات الدراسية.
- طرق التدريس.
- الكتب الدراسية.
- الوسائل التعليمية.
- الأنشطة التربوية.
- أساليب ووسائل التقويم نفسها.
والتقويم الشامل لا بد أن يتعرض للمعلم أيضاً. فلا بد من التعرض للنقاط
التالية:
- إعداده.
- تدريبه.
- شخصيته.
- مادته العلمية.
- طريقة تدريسه.
- طريقة تقويمه للتلميذ.
- علاقته بالإدارة.
- علاقته بزملائه المدرسين.
- علاقته بالتلاميذ.
فسواء انصب التقويم على المعلم أو التلميذ أو على المنهج فلا بد أن ينصب
على جميع الجوانب في كل مجال من هذه المجالات.
وتطبيق هذا المبدأ لا شك أنه أمر صعب يتطلب قدرة عالية من الشخص الذي
يقوم بالتقويم.
ثانياً - الاستمرارية:
لا بد أن تستمر عملية التقويم مع مدة الدراسة وذلك يعني أن التقويم يجب أن
يسير جنباً إلى جنب مع التربية. وبالتالي فإن عملية التقويم التي تجري في صورة
امتحانات في آخر العام الدراسي فقط هي عملية غير سليمة فيها إخلال بهذا الأساس.
وحيث إن عملية التقويم تهدف إلى التشخيص والعلاج فمن الواجب إذا أن تبدأ
عملية التقويم مع بداية العام الدراسي حتى يمكن تحديد نواحي الضعف ونواحي
القوة في جميع الجوانب وحتى يمكن ملاحظة وتتبع عمليات النمو على مدار العام
وبالتالي يكون هناك متسع من الوقت للعمل على تلافي نواحي الضعف والتغلب
على الصعوبات. وملاحظة التلميذ لمعرفة سلوكه ومشكلاته واتجاهاته لا تتم من
مرة واحدة وإنما يجب أن تستمر الملاحظة لفترة طويلة حتى تكون النتائج صادقة.
أما التقويم الذي يتم في فترات محدودة في آخر العام أو في خلال العام ولكن
على مرات قليلة جداً فلا يمكن أن تؤدي إلى عملية تشخيص سليمة.
وحتى لو توصلنا إلى تشخيص صحيح فإن الوقت قد يكون متأخراً لتحسين
الوضع وتفادي الأخطاء.
أما إذا كانت عملية التقويم مستمرة مع فترة الدراسة فإن ذلك يساعد على
التالي:
- تغطية جميع الجوانب المراد تقويمها.
- تحديد نقاط القوة أو الضعف (عملية تشخيص) .
- الكشف عن المعوقات والمصاعب.
- علاج نقاط الضعف وتدعيم نقاط القوة (عملية علاج) أولاً بأول.
- إتاحة الفرصة لاستعمال الوسيلة أكثر من مرة لكي يتم التوصل إلى نتائج
ثابتة (صدق النتائج) .
- إتاحة الفرص لإشراك عدد كبير من الأفراد في عملية التقويم.
وهكذا تتيح استمرارية التقويم الفرصة لتدعيم الأسس الأخرى التي تبنى عليها
عملية التقويم مثل الشمول، التنوع، الثبات، التعاون.
ثالثاً- التعاون:
يجب أن يكون التقويم تعاونياً أي يقوم به مجموعة من الأفراد. فمفهوم المنهج
هو مجموعة الخبرات المربية التي تهيأ للتلميذ بقصد مساعدته على النمو الشامل
وبالتالي فإن لقويم التلميذ في ظل هذا المفهوم يتطلب استخدام مجموعة من الوسائل
المتنوعة كما يتطلب مجموعة من الأفراد كل في مجال تخصصه وذلك لمعرفة مدى
نمو التلميذ في جميع الجوانب. ومن هنا أخذ التقويم طابعه الجماعي والتعاوني.
إذا أردنا أن نقوّم تلميذاً بهذا المفهوم فلا بد أن يشترك في تقويمه:
-المعلم.
- الإدارة.
- بقية التلاميذ.
- التلميذ نفسه.
وإذا أردنا أن نقوم المعلم فلا بد أن يشترك في ذلك:
- المدير.
- بقية المعلمين.
- التلاميذ.
وإذا أردنا أن نقوم الكتاب المدرسي بهذا المفهوم فلا بد أن يشترك كل من:
- المعلمين.
- الموجهين.
- رجال التربية.
- التلاميذ.
وهكذا نجد أن عملية التقويم تأخذ طابعاً جماعياً يقوم بها العديد من الأفراد فلا
ينبغي أن يعتمد على تقويم فرد واحد مهما بلغ من العلم والكفاءة.
رابعاً - التناسق مع الأهداف:
لا بد أن يكون التقويم متمشياً مع المنهج وأهدافه فلا ينبغي الخروج عن
الأهداف أو التناقض معها.
فإذا كان المنهج يهدف إلى تكوين الشخصية التي تعمل على تطوير نفسها
وتساهم مساهمة فعالة في تطوير المجتمع الذي تعيش فيه فإن عملية التقويم في هذه
الحالة عليها ان تكشف لنا عن الجوانب التالية:
- هل تكوّن لدى الشخص اتجاه سليم يقود إلى التغيير؟
- هل اكتسب الشخص القدرة على الربط بين الأحداث ومن ثم الحكم عليها؟
- هل اهتم المنهج بتنمية القدرة على الابتكار والإبداع؟
- هل أتيحت للشخص الفرصة لممارسة النقد الهادف البناء؟
- هل اتيحت له الفرص لحل المشكلات بأسلوب علمي؟
- هل هناك اهتمام فعلي للتحصيل والرغبة في الاستزادة؟
- هل تكونت لديه عادة القراءة وحب الاطلاع المستمر الذي يعتبر نواة للتعلم
الذاتي والتعلم المستمر؟
فاذا انصبت عملية التقويم على كل هذه الجوانب الموضوعة في صورة أسئلة، كل سؤال يفتح مجالاً معيناً، فمعنى ذلك أن عملية التقويم تتمشى مع مفهوم المنهج
وأهدافه. ولا ينبغي أن نركز على جانب معين في التقويم ونغفل باقي الأهداف.
خامساً - أن يبنى التقويم على أساس علمي:
الأسلوب العلمي في التقويم أساس من الأسس الهامة جداً وأهم خصائص
الاسلوب العلمي هي:
- الصدق.
- الثبات.
- الموضوعية.
- التنوع.
- التمييز.
-التخطيط.
- مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
وهذه العناصر ترتكز على الوسائل التي يتبعها التقويم، ومن ثم فإنها تنعكس
على التقويم ذاته. وسنتكلم في العدد القادم عن هذه العناصر ببعض التفصيل.
(يتبع)