مجله البيان (صفحة 1063)

شعر

أننسى؟ أننسى..؟

شعر: محمود مفلح

إذا كانت جراحُ الناس تغفو ... فإنَّ جراحَنا أبداً تفور

وإن كانت همومهمُ رَماداً ... فإن همومَنا الصغرى سَعير

أيحكم في قضيتنا عدوٌّ ... ويُرشدنا لغايتنا ضرير! ؟

ونبقى في الحياة بلا لسانٍ ... وقد نطقتْ بحاجتها الحمير! !

ندور كما يقول القوم دوروا ... وإن رغبوا الثباتَ فلا ندور

ومِنّا من يرى في الخيش خزاً ... ومنّا مَن يضايقهُ الحرير! !

ويبحث بعضُنا عن كأس ماءٍ ... وتُغرق بعضَ سادتنا الخمورُ؟

كأن النائبات لنا فراشٌ ... وأنَّ العادياتِ لنا دُثور

وما زالت تُؤرّقنا سفوحٌ ... لها في كل جارحةٍ حُضور

أننسى فى دروب القدس ليلى ... وليلى تستغيثُ وتستجير؟

أننسى أعين الليمون ترنو ... وأعشاشاً تحن لها الطيور

أننسى مسجداً ونداءَ فجرٍ ... ومحراباً وهل تُنسى الجذورُ؟

لئن مِتنا فإنَّ لنا قبوراً ... ستحكي كلَّ قصتنا القبور

رجالاً أصبح الاطفال فينا ... وفي أرض الصدام لهم زئير

كأنهم من الصّوان قدّوا ... ومن بُركانه هذا الزفيرُ

فلا تعجبْ وليس لهم رصاص ... إذا وقعت على الموتِ الصدور

نعم ثاروا وعدتهم حجارٌ ... ونحن القاعدون متى نثور‍! ؟

نعم ثاروا وكلهمُ جياعٌ ... ونحن المتخمين متى نثور! ؟

دماؤهم على الطرقات مسكٌ ... ويمضي للعبير بك العبيرُ

قبلنا بالحلول وأنكروها ... وقالوا: إنه العار الكبير

وقبلّنا الأكفَّ لقاء سلمٍ ... حقيرٌ ساقه الزمنُ الحقير

وضيّعنا الأمانة والأماني ... فلا زحفٌ هناك ولا عبور

وماذا يحكم الشهداء فينا ... غداة غدٍ إذا انتفضت قبورُ؟ !

دماءٌ قد نسيناها ليبقى ... لنا شاةٌ همام أو وزير

ولكنَّ الرجال هناك قالوا ... ألا كُفّوا فقد فُطم الصغير

فَنبتُ القدس ليس له نظيرٌ ... وحاشا أن يكون له نظير

بماء الذكر يُسقى كل يوم ... وفي أحضانه تنمو البذور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015