مجله البيان (صفحة 1058)

أثر الضعف الخلقى فى سقوط الأندلس (1)

أثر الضعف الخلقي في سقوط الأندلس

د. حمد بن صالح السحيباني

حينما دخل المسلمون الفاتحون بلاد الأندلس، كانوا قد انصهروا في بوتقة

الإسلام، حيث تأدبوا بآدابه، فاتبعوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، كما مثلوا أخلاقياته

وما يدعو إليه من قيم سامية واقعاً ملموساً، أدركها جميع أهل تلك الديار، فأعجبوا

بها. فقد قال أحد قادة لذريق في رسالة بعث بها إليه يصف بها جيش المسلمين

الأول الذي عبر إلى الأندلس بقيادة طارق بن زياد: (لقد نزل بأرضنا قوم لا ندري

أهبطوا من السماء أم نبعوا من الأرض) [1] .

وقد بقي المسلمون خلال القرون الثلاثة الأولى من وجودهم هناك، محافظين

على تلك القيم، معتزين بها. ولكن مع مضي الزمن بدأ البعض منهم بالتحلل منها

مما أفقدهم شيئاً من مقومات أصالتهم ووجودهم هناك وقد أدرك هذه الحقيقة ابن

خلدون حين قال: (إذا تأذن الله بانقراض الملك من أمة حملهم على ارتكاب

المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقها، وهذا ما حدث في الأندلس وأدى فيما

أدى الى ضياعه) [2] .

كما أدركها كوندي - أحد الكتاب النصارى - حيث قال: (العرب هَوَوْا

عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل الى الخفة

والمرح والاسترسال بالشهوات) [3] .

وصدق الله العظيم إذ يقول [وإذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا

فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً] [الإسراء 16] .

ومنذ أن بدأ الضعف في الجانب الخلقي عند بعض مسلمي الأندلس بالظهور

كعرض من أعراض بعدهم عن منهج الله انتاب الوجود الإسلامي هناك نوع من

الضعف وذلك لأن كل تقدم حضاري وسياسي وسمو فكري وارتفاع معنوي وأية

عزة في السلطان كان مرده إلى التمسك بالإسلام، ومرتهنا بمقدار الالتزام

بشريعته [4] .

ولما كان هذا العامل من أهم عوامل سقوط بلاد الأندلس رأيت أن أكتب حول

هذا الموضوع حيث سأقوم - بعون الله - برصد هذه الظاهرة منذ بدايتها كعامل أثر

على الواقع السياسي والعسكري للمسلمين هناك، منذ عصر ملوك الطوائف حتى

خروج المسلمين من تلك الديار.

ونظراً لتشعب الموضوع فإن دراستي هذه ستقصر على عصر ملوك الطوائف

وذلك لأن المرحلة الاولى من مراحل سقوط الأندلس بدأت فيه آملاً أن تتاح لي

الفرصة مستقبلاً لإكمال رصد تلك الظاهرة حتى نهايتها.

وفي البداية قد يكون من المناسب أن نبين قبل حديثنا عن عوامل سقوط بلاد

الأندلس حقيقة تاريخية هامة وهي:

أن سقوط الأندلس بيد العدو النصراني لا يعني سقوط مملكة غرناطة التي كان

يحكمها بنو الأحمر فحسب؛ بل إن الأمر أعم من ذلك وأشمل، فسقوط الأندلس بدأ

حقيقة في وقت مبكر من تاريخ المسلمين بتلك الديار، حيث يستطيع الراصد لذلك

التاريخ أن يقول: إن بداية الانحسار الإسلامي في الأندلس كان منذ أن سقطت

الدولة الأموية هناك، وبعد أن قام على أنقاضها العديد من الدويلات الإسلامية

المتناحرة المتنازعة التي صورها الشاعر بقوله [5] :

مما يزهدني في أرض أندلسٍ ... أسماء معتمد فيها ومعتضد

ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد

ولعل مما يؤكد هذه الحقيقة أن مسلمي بلاد الأندلس لم يتمكنوا من الدفاع عن

أنفسهم بعد سقوط الخلافة الأموية هناك بل بقوا متنازعين متناحرين فيما بينهم حتى

بدأ الضعف بهم واضحاً نتيجة لتزايد الخطر النصراني ضدهم، الأمر الذي دفعهم

إلى الدخول في سلطان دولة المرابطين ثم الموحدين، ثم الاعتماد بعد ذلك على

المساعدات المرينية بشكل قوي وملموس.

وتتأكد هذه الحقيقة إذا تذكرنا أن الخطر النصراني ازداد ضد المسلمين هناك

حينما ضعفت مساعدات مسلمي المغرب لإخوانهم مسلمي الأندلس.

وبعد هذه المقدمة السريعة - فإنه بوسعنا أن نقول أن سقوط مدينة طليطلة سنة

478 هـ (1085م) [6] كان مقدمة لسقوط غرناطة سنة 897 هـ (1491م) [7]

وأن تراجع مسلمي الأندلس نحو الجنوب منذ القرن الخامس كان هو الخطوة الأولى

لعبورهم إلى الشمال الأفريقي في آخر القرن التاسع الهجري، كما أن غياب أمثال

طارق بن زياد وموسى بن نصير والسمح بن مالك وعبد الرحمن الغافقي وغيرهم

عن الساحة الإسلامية قد أتاح الفرصة لظهور مثل رذريق (القمبيطور) والفونسو

الثامن، والفونسو الحادي عشر، وفرانده الخامس وغيرهم من زعماء النصارى

الذين تولوا قيادة الجيوش النصرانية التي تولت مهمة حرب استرداد الأندلس كما

يسمونها.

وقد أدرك هذه الحقيقة الشاعر الأندلسي المسلم الذي هز وجدانه سقوط طليطلة

سنة 478 هـ (1085 م) فعرف أن ذلك له ما بعده حيث قال محذراً إخوانه

المسلمين هناك [8] :

حثوا رواحلكم يا أهل اندلس ... فما المقام بها إلا من الغلط

السلك يُنثَر من أطرافه وأرى ... سلكَ الجزيرة منثوراً من الوَسَطِ

من جاور الشر لا يأمن عواقبه ... كيف الحياةُ مع الحيات في سَفَطِ

وهكذا نرى أن بداية الانحدار لمسلمي الأندلس كان في عهد ملوك الطوائف،

وأن الضعف الذي حل بهم كان ضربة موجعة لم يستطيعوا التخلص من آثارها بعد

ذلك بالرغم من التئام شملهم النسبي في عهدي المرابطين والموحدين.

ومما لا شك فيه أن هذا الضعف التدريجي الذي أدى في النهاية إلى خروج

المسلمين من تلك الديار، لم ينشأ من فراغ، كما لم يكن وليد يومه أو ليلته، بل إنه

كان نتيجة لعدة عوامل وأسباب نشأت في ظروف معينة، فلما نمت وترعرعت

تمخض عنها ضعفهم، وخروجهم من الأندلس، ويمكن إجمال تلك العوامل

والأسباب فيما يلي:

1- انحراف كثير من مسلمي الأندلس عن منهج الله.

2- موالاة العدو النصراني والتخلي عن الجهاد.

3- انعدام الوحدة السياسية بينهم.

4 - تكالب القوى النصرانية ضدهم.

هذه أهم عوامل سقوط بلاد الأندلس، ويعتبر الضعف في الجانب الخلقي عند

المسلمين هناك أحد النتائج التي تمخضت عن العامل الأول وقد كان لهذا الضعف

أكثر من مظهر وصورة ولعل من أهمها:

* الأنانية وحب الذات.

* التشبه بالعدو وتقليده.

* انتشار المجون والخلاعة بين المسلمين.

ولهذا سيكون حديثي عن هذا الموضوع من خلال هذه المحاور الثلاثة، حيث

سأبدأ أولاً برصد هذه الظاهرة منذ بداية ظهورها، ثم انعكاسات ذلك على المجتمع

الإسلامي في الأندلس، وآثارها على القوتين السياسية العسكرية عندهم.

الأنانية وحب الذات:

مما لا شك فيه أن الإيثار والتعاون من أهم سمات المجتمع الإسلامي، فقد دعا

الإسلام إلى هذا الأمر وأصله في نفوس المسلمين، قال تعالى: [والَّذِينَ تَبَوَّءُوا

الدَّارَ والإيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلَيْهِمْ ولا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا

أُوتُوا ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ ولَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ

المُفْلِحُونَ] [الحشر 9] .

وقد دخل المسلمون الفاتحون الى بلاد الأندلس بهذه الأخلاق الطيبة، كما

تربي أفراد المجتمع الإسلامي هناك على هذا الخلق الإسلامي الأصيل عامتهم

وخاصتهم، ولهذا قال أحد الباحثين: (بقينا في الأندلس ما بقينا مع الله، وضاعت

الأندلس لما أضعنا طريق الله، بقينا في الأندلس بهمة عبد الرحمن الداخل الذي قال

لما نزل من البحر إلى بر الأندلس وقد قدم إليه خمر ليشرب فأبى وقال: إني

محتاج لما يزيد في عقلي لا لما ينقصه، فعرف الناس من ذلك قدره، ثم أهديت

إليه جارية جميلة فنظر إليها وقال: إن هذه لمن القلب والعين بمكان، وإن أنا

لهوت عنها بمهمتي فيما أطلبه ظلمتها، وإن لهوت بها عما أطلبه ظلمت مهمتي فلا

حاجة لي بها الآن) [9] .

وقد سار المسلمون بالأندلس على هذا النهج حتى آخر عمر الدولة الأموية

حيث يذكر ابن عذاري أن المنصور بن أبي عامر كان يسهر على مصالح رعيته

وكانت متابعته لأمور رعيته تستنفد منه كل وقته لدرجة انه كان لا ينام إلا سويعات

قليلة متفرقة فلما قيل له: قد أفرطت في السهر وبدنك يحتاج إلى أكثر من هذا النوم، أجاب قائلاً: إن الملك لا ينام إلا إذا نامت الرعية، ولو استوفيت نومي لما كان

في دور هذا البلد العظيم عين نائمة [10] .

وفي آخر عمر الدولة الأموية ضعف تمسك الناس بكثير من الأخلاق

الإسلامية، فانعكست آثار ذلك على المجتمع الإسلامي فضلاً عن الدولة الأموية

التي بدأت تظهر عليها علامات الهرم والشيخوخة حينما خف اعتبارها عند الناس،

لأن قادتها فقدوا واحداً من أهم مقومات دولتهم حيث يذكر المؤرخون أنه حينما أعلن

سقوط الدولة الأموية في قرطبة سنة 422 هـ مشى البريد في الأسواق والأرباض

بألا يبقى أحد من بني أمية بقرطبة ولا يكنفهم أحد من القرطبيين [11] .

وبعد أن قامت دولة ملوك الطوائف على أنقاض الدولة الأموية ازداد الأمر

سوءاً حيث تنافس أولئك القوم على السلطة، وتناحروا من أجلها، فانتشر بينهم

العداء المستحكم والخصام الدائم، فالكثير منهم لا هم له إلا تحقيق مصلحته الذاتية

وإشباع أنانيته، وتثبيت أقدامه في السلطة ولو على حساب مصلحة المسلمين،

وكأن الأندلس إنما وجدت له ولمصلحته الذاتية مهما كان قصير العمر، ذليل المكانة

مهزوز القواعد [12] ، ولهذا جعل الله بين أولئك الملوك والأمراء من التحاسد

والتنافس والغيرة ما لم يجعله بين الضرائر المترفات، فلم يتعاونوا على بر أو

تقوى أو يسعوا لمصلحة إسلامية، بل انصبت كل جهودهم على توفير ما يخدم

مصالحهم الخاصة [13] . هكذا كان واقع أولئك القوم، ويجد الدارس لتاريخهم

العديد من الأمثلة والحوادث التي تدل على صحة ذلك وعلى أنهم انشغلوا بأمورهم

الخاصة وغفلوا عن الخطر النصراني الذي كان يتهدد هذه الجهة الشمالية من بلادهم، ومن الأمثلة على ذلك أنه حينما أغار فرناندو ملك ليون على بَطَلْيوس بلاد المظفر

ابن الأفطس فدمرها، واستباح حريمها، وانتهب أموالها ورد خبرها على المأمون

ابن ذي النون صاحب طليطلة، ولما دخل عليه وزيره أبو المطرف بن مثنى بعد

وصول الخبر إليه وجده شديد الإطراق والضيق. وأخذ يفرج عنه معتقداً أن ما

أصابه من ضيق كان بسبب ما سمعه مما أصاب المسلمين في بطليوس، فلما فهم

مقصد ابن مثنى منه أعرض عنه وقال له: ألا ترى هذا الصانع - يعني عريف

بنيانه - صبرت له وأغضيت له لكنه لا يمتثل لأمري وينغص علي لذتي ويستخف

بإمرتي [14] .

ولما تزايد الخطر النصراني ضد مسلمي الأندلس بعد حادثة بربشتر سنة

456 هـ وجه أبو حفص عمر بن حسن الهوزني [15] رسالة إلى المعتضد ابن

عباد (433 - 462 هـ) دعاه فيها إلى الجهاد، كما بين فيها شدة معاناة المسلمين،

وسبب تزايد الخطر النصراني عليهم، وأنه لا خلاص للمسلمين من واقعهم المر إلا

بالرجوع إلى ميدان الجهاد ومما جاء في تلك الرسالة:

أعباد جل الرزء والقوم هجع ... على حالة من مثلها يُتَوَقَّع

فَلَقِّ كتابي من فراغك ساعه ... وإن طال فالموصوف للطول موضع

وكتابي عن حالة يشيب لشهودها مفرق الوليد، كما يغير لورودها وجه

الصعيد، بدؤها ينسف الطريف والتليد، ويستأصل الوالد والوليد، تذر النساء

أيامى والأطفال يتامى.. [16]

هكذا نبه أبو حفص الهوزني ابن عياد إلى الخطر المحدق بالمسلمين هناك،

كما بين له أن الخلاص من ذلك المأزق لا يتم إلا بالتخلي عن الذات، وجعل الجهاد

هو الهاجس الدائم للمسلمين هناك عامتهم وخاصتهم. ويذكر المؤرخون أن موقف

ابن عباد من تلك الرسالة كان سيئاً، فما إن تلقاها حتى أرسل إلى الهوزني يستدعيه

للقدوم إلى أشبيلية، فلما قدم إليه أخذ يسعى للقضاء عليه حتى تمكن من قتله سنة

460 هـ[17] .

وبالإضافة إلى هذه الحادثة فقد ذكر المؤرخون العديد من الأمثلة التي قام بها

المعتضد بن عياد من أجل تثبيت قدميه في السلطة حينما يرى أن سلطانه أصبح في

خطر حيث تطاول على العديد من القادة والعلماء كما قتل ابنه من أجل هذا

الغرض [18] .

وكان ملوك الطوائف يسعون دائماً إلى إيجاد ما يدعمون به ملكهم ويثبت

أقدامهم في السلطة، ومن ذلك بذلهم العطاء الوافر للشعراء والأدباء الذين يقولون

قصائدهم في مدحهم، وقد أسرفوا في هذا الأمر إسرافاً لا مثيل له، وعلى سبيل

المثال فقد منح المعتمد بن عباد الشاعر عبد الجليل بن وهنون ألفين من الدنانير

على بيتين من الشعر، بينما منح المعتصم بن صمادح قرية بأكملها للشاعر أبي

الفضل جعفر بن أبي عبد الله بن مشرف حينما أنشده قصيدته التي مطلعها:

قامت تجر ذيول العَصْبِ والحِبَرِ ... ضعيفة الخصر والميثاق والنظر

ولما بلغ منها قوله:

لم يبق للجور في أيامهم أثر ... إلا الذي في عيون الغيد من حَوَرِ

قال المعتصم: (لقد أعطيتك هذه القرية نظير هذا البيت الواحد ووقع له بها

وعزل عنها نظر كل وال) [19] .

وقد ذكر عن علي بن مجاهد صاحب دانية أنه (طلب السِّلم وأغمد السيف

وكانت همته في خراج يَجْبٍيه ومتجرٍ يُنَميِّه) [20] .

وهكذا يتبين لنا من خلال هذه الأمثلة التي ذكرناها أن الأنانية وحب الذات قد

تأصلت عند ملوك الطوائف حتى أصبحت خلقاً مألوفاً لدى الكثير منهم يصعب

عليهم التخلص منها أو السعي لغيرها. وهذا بلا شك كان من أكبر معاول الهدم التي

أصابت قوة المسلمين في تلك الفترة، وقد أدرك هذه الحقيقة عدد من مؤرخي تلك

الفترة، فقال ابن حيان شيخ مؤرخي الأندلس: (دهرنا هذا قد غربل أهليه أشد

غربلة فسفسف أخلاقهم، وسفه أحلامهم، وخبث ضمائرهم ... فاحتوى عليهم

الجهل، يعللون نفوسهم بالباطل..) [21] .

كما عد ابن حزم هذا الانحراف الذي مني به ملوك الطوائف بأنه منزلق

خطير، وظاهرة لها ما بعدها من الآثار السلبية حيث قال: (اللهم إننا نشكو إليك

تشاغل أهل الممالك من أهل ملتنا بدنياهم عن إقامة دينهم، وبعمارة قصور

يتركونها عما قريب، عن عمارة شريعتهم اللازمة لهم في معادهم ودار قرارهم،

وبجمع أموال ربما كانت سبباً في انقراض أعمارهم وعوناً لأعدائنا عليهم عن حاجة

ملتهم حتى استشرف لذلك أهل القلة والذمة، وانطقت ألسنة أهل الكفر

والشرك) [22] .

وبالإضافة إلى هذا فقد ذكر ابن حزم في موضع آخر أن الأنانية وحب الذات

قد تأصلت في نفوس أولئك الحكام حتى كأن الأندلس إنما خلقت لهم ولتحقيق

رغباتهم، وأنهم يقدمون في هذا السبيل ومن أجل هذا الغرض تنازلات كبيرة حيث

قال في ذلك: (والله لو علموا أن في عبادة الصلبان تمشية أمورهم بادروا إليها،

فنحن نراهم يستمدون النصارى فيمكنوهم من حُرَم المسلمين وأبنائهم ... وربما

أعطوهم المدن والقلاع طوعاً فأخلوها من الإسلام وعمروها بالنواقيس) [23] .

وهكذا نرى كيف أن الأنانية وحب الذات عند ملوك الطوائف قد جعلتهم

يقدمون التنازلات الكثيرة للنصارى من أجل البقاء في السلطة حتى ولو كان ذلك

على حساب مصلحة المسلمين العامة.

(يتبع)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015