لبعض الخلفاء - وقد سأله: لم لا تشرب؟ - فقال له: يا أمير المؤمنين ما رشحني لمجلسي هذا إلا عقلي، فكيف أجالسك بدونه فأكون من الخاسرين.
ولا فرق في إصابة العقل والجناية عليه بين المسكر والمخدر، وما أكثر ضحايا المخدرات في مستشفيات الأمراض العقلية، فإذا كان حفظ العقل من الضروريات الخمس التي تحرص عليها جميع الأديان السابقة، فماذا عسى أن يكون حكم الإسلام، وهو الدين الخاتم الذي وسع كل شيء بنصوصه خاصها وعامها، هل يرضى للمنتسب إليه أن يكون مجنونا لا يفهم، أو صائرا إلى الجنون، حاشا لله وحاشا لدينه الذي رضيه للمسلمين، وأكمله لهم فأتم نعمته عليهم أن يكون ذلك فيما يرضاه أو يحله لهم.
ب - وكما أن المخدرات تذهب بعقل الإنسان وتخل توازنه، فهي تفسد عليه دينه، وهو الذي خلق الله الإنس والجن لأجله؛ لقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (?) ولهذا جعل الله سبحانه الخمر رجسا من عمل الشيطان، وبين أن الشيطان - تحقيقا لمهمته - يغري الناس بشرب الخمر ولعب الميسر وأشباههما؛ ليوقع العداوة بين الإخوة، ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وطبق الفقهاء ذلك على ما لم يكن موجودا وقت نزول الآية كالحشيش والأفيون، وحكم المحققون منهم بكفر مستحلها كما هو الشأن في الخمر؛ لأنها رجس تصد عن ذكر الله وعن الصلاة كالخمر، وفيها كثير من صفاتها التي اقتضت تحريمها.
وقد جعل الفقهاء من شرط صحة العمل العقل، فلا يصح عمله إلا به، فهو أساس الدين وهذه المخدرات مسلبة للدين، وجناية عليه، فهل ترى أن نظر الشريعة إليها نظرة تبيح شيئا منها للإنسان،