{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?) الآية، وفي «حديث علي حين أمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ عنه سورة براءة نادى: ولا يحج بعد العام مشرك (?)»، وفي ذلك دليل على المراد بقوله: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (?) ويدل عليه قوله تعالى في نسق التلاوة: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ} (?) وإنما كانت خشية العيلة لانقطاع تلك المواسم بمنعهم من الحج لأنهم كانوا ينفقون بالتجارات التي كانت تكون في مواسم الحج فدل ذلك على أن مراد الآية الحج، ويدل عليه اتفاق المسلمين على منع المشركين من الحج والوقوف بعرفة والمزدلفة وسائر أنفال الحج وإن لم يكن في المسجد، ولم يكن أهل الذمة ممنوعين من هذه المواضع، تثبت أن مراد الآية هو الحج دون قرب المسجد لغير الحج لأنه إذا حمل على ذلك كان عموما في سائر المشركين وإذا حمل على دخول المسجد كان خالصا في ذلك دون قرب المسجد، والذي في الآية: النهي عن قرب المسجد، فغير جائز تخصيص المسجد به دون ما يقرب منه

وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص «أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهم قبة في المسجد، فقالوا: يا رسول الله، قوم أنجاس. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس على الأرض من أنجاس الناس شيء، إنما أنجاس الناس على أنفسهم». وروى يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبا سفيان كان يدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر غير أن ذلك لا يحل في المسجد الحرام لقول الله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} (?)

قال أبو بكر: فأما وفد ثقيف فإنهم جاءوا بعد فتح مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والآية نزلت في السنة التي حج فيها أبو بكر وهي سنة تسع، فأنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وأخبر أن كونهم أنجاسا لا يمنع دخولهم المسجد وفي ذلك دلالة على أن نجاسة الكفر لا تمنع الكافر من دخول المسجد، وأما أبو سفيان فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتجديد الهدنة وذلك قبل الفتح، وكان أبو سفيان مشركا حينئذ والآية وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015