قال الجصاص: إطلاق اسم النجس على المشرك من جهة أن الشرك الذي يعتقده يجب اجتنابه كما يجب اجتناب النجاسات والأقذار فلذلك سماهم نجسا والنجاسة في الشرع تنصرف على وجهين: أحدهما: نجاسة الأعيان والآخر نجاسة الذنوب وكذلك الرجس والرجز ينصرف على هذين الوجهين في الشرع قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (?)، وقال في وصف المنافقين: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ} (?)، فسماهم رجسا كما سمى المشركين نجسا، وقد أفاد قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ} (?) وقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (?) قد تنازع معناه أهل العلم، فقال مالك والشافعي: لا يدخل المشرك المسجد الحرام. قال مالك: ولا غيره من المساجد إلا لحاجة، من نحو الذي يدخل إلى الحاكم في المسجد للخصومة، وقال الشافعي: يدخل كل مسجد إلا المسجد الحرام خاصة، وقال أصحابنا: يجوز للذمي دخول سائر المساجد، وإنما معنى الآية على أحد وجهين؛ إما أن يكون النهي خاصا في المشركين الذين كانوا ممنوعين من دخول مكة وسائر المساجد لأنهم لم تكن لهم ذمة، وكان لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وهم مشركو العرب، وأن يكون المراد منعهم من دخول مكة للحج ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء يوم النحر في السنة التي حج فيها أبو بكر فيما روى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن أبا بكر بعثه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك فنبذ أبو بكر إلى الناس فلم يحج في العام الذي حج فيه النبي صلى الله عليه وسلم مشرك فأنزل الله تعالى في العام الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015