ومعصية اتفاقا، وأما ما ذكر من الإخلاف في صفة المنافق فمعناه أنه سجية له ومقتضى حاله الإخلاف ومثل هذه السجية يحسن الذم بها كما يقال: سجيته تقتضي البخل والمنع فمن كانت صفاته تحث على الخير مدح، أو تحث على الشر ذم شرعا وعرفا، واعلم أنه لا بد في هذا الفرق من مخالفة بعض الظواهر إن جعلنا الوعد يدخله الكذب بطل لقوله عليه السلام للسائل لما قال: له أأكذب لامرأتي؟ قال: «لا خير في الكذب (?)» وأباح له الوعد وهو ظاهر في أنه ليس بكذب ولا يدخله الكذب، ولأن الكذب حرام إجماعا فيلزم معصيته فيجب الوفاء به نفيا للمعصية وليس كذلك، وإن قلنا: إن الكذب لا يدخله ورد علينا ظواهر وعد الله ووعيده فلا بد من الجمع بينهما وما ذكرته أقرب الطرق في ذلك (?).
وقال ابن حجر قوله: " باب من أمر بإنجاز الوعد " وجه تعلق هذا الباب بأبواب الشهادات أن وعد المرء كالشهادات على نفسه، قاله الكرماني، وقال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض؛ لاتفاقهم على أن الموعود لا يضارب بما وعد به مع الغرماء. اهـ.
ونقل الإجماع في ذلك مردود، فإن الخلاف مشهور، لكن القائل به قليل، وقال ابن عبد البر وابن العربي: أجل من قال به عمر بن عبد العزيز وعن بعض المالكية إن ارتبط الوعد بسبب وجب الوفاء به وإلا فلا، فمن قال لآخر: تزوج ولك كذا فتزوج لذلك وجب الوفاء به. وخرج بعضهم الخلاف على أن الهيئة هل تملك بالقبض أو قبله، وقرأت بخط أبي رحمه الله في إشكالات على الأذكار للنووي " ولم يذكر جوابا عن الآية يعني قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (?)