وقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (?) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (?) فأخبر الله أنهم لن يفعلوا، وهؤلاء يقولون: قد فعلنا، وهذا قولنا وكلامنا.

ولعمري ما جسر الكفار- مع فصاحتهم وقدرتهم على أنواع الكلام الفصيح من الشعر والنثر والنظم والخطب البليغة والرسائل الحسنة- على دعوى هذا بعد أن عرض عليهم وتحدوا به، فأقروا بالعجز عنه.

فكيف ادعى هؤلاء مع لكنتهم (?) وعيهم أن هذا الكلام القديم قولهم وتصنيفهم؟!.

الثالث: أن هذا إن كان حقا فيجب أن يفصحوا به ويظهروه لسلاطين المسلمين وعامتهم، ويعلنوه في محافل المسلمين وجماعتهم، ويقولوا على منابر المسلمين: هذا تصنيفنا وكلامنا وتأليفنا وقولنا، ولا يسلكون سبيل الزنادقة الذين أسروا الكفر واعتقدوه، وأظهروا الإسلام ووافقوا المسلمين فيه.

وهؤلاء قد سلكوا مسلكهم، واتبعوا طريقتهم: يعظمون القرآن في الظاهر بين المسلمين ويحترمونه، ويقومون للمصحف ويقبلونه ويرفعونه على رءوسهم، ويقولون: هذا قول الله تعالى، وكلامه القديم وكتابه الحكيم، ثم يعتقدون أنه قولهم وعبارتهم، وأنه كلام للمخلوقين: ما لله في الأرض كلام، ولا هذا بقرآن، ولا في المصاحف إلا الورق والمداد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015