فالشيخ النووي، ومن معه إن كان يريد بقوله: "العلم إنما يحصل من المتواتر" القسم الأول من المتواتر، فذاك مردود عند الأصوليين، وإن كان يريد المعنى الثاني للمتواتر الذي هو المعتمد عند المحققين، فلا سبيل له للرد على من قال بإفادة أحاديث الصحيحين القطع، لأنها محتفة بالقرائن المفيدة لليقين، فصح إطلاق المتواتر عليها، وبطل قوله: "إنها آحاد لا تفيد إلا الظن".

ثانيا: قول النووي " ما اختاره ابن الصلاح هو خلاف المحققين والأكثرين ". أجاب عنه الحافظ ابن حجر بقوله: ما ذكره النووي من جهة الأكثرين، أما المحققون فلا. فقد وافق ابن الصلاح أيضا محققون (?).

وقال الزركشي: إن هذا الذي قاله ابن الصلاح هو قول جماهير الأصوليين من أصحابنا وغيرهم (?).

ونقل أبو إسحاق الإسفراييني وغيره إجماع أهل الصنعة على ذلك. كما مر. فهذا يزيف ما ادعاه الشيخ النووي. والاعتبار بقول هؤلاء -فيما أرى- أحرى من الإصغاء إلى قول النووي وحده.

ثالثا: قوله: "أحاديث الصحيحين غير المتواترة آحاد، والآحاد لا يفيد إلا الظن لما تقرر ".

فهذا الإطلاق منه في إفادة الآحاد الظن لا غيره، فيه تساهل منه وخلاف لما تقرر عند الأصوليين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015