مع إنكار كثير منهم بإمكانيات وقوعه واحتمالات تحققه في الحديث النبوي الشريف، وذهاب الآخرين إلى الحكم بالمتواتر على بعض المعاني الشائعة المشتهرة اشتهارا بالغا بمجرد شيوعها وذيوعها وذيوعها بالمتواتر المعنوي، وإن لم تتحقق فيها الشروط المتخذ بها في كتب الأصول. ففي تعريفه نظريتان لأصحاب الأصول:
تقوم إحداهما على إناطة حصول العلم في الأخبار بمجرد عدد معين من الأشخاص المخبرين. فاختار بعضهم الإثنى عشر، وبعضهم العشرين، وبعضهم الأربعين، وبعضهم السبعين، وبعضهم أكثر منه بكثير. وهذه النظرية باطلة عند جمهور الأصوليين (?).
والثانية قائمة على الاعتبار بتأثير صفات المخبرين على تنوعها، واختلاف هيئاتها في حصول العلم. فليست كثرة العدد عندهم إلا من إحدى الصفات والقرائن، لا مجموعها، بخلاف ما قامت عليها النظرية الأولى. والمعتبر عندهم في الحكم بالتواتر حصول العلم لا وجود الصفات المعنية، بل كل ما حصل به العلم فهو متواتر عندهم.
قال الآمدي: وبالجملة فضابط التواتر ما حصل العلم عنده من أقوال المخبرين، لا أن العلم مضبوط بعدد مخصوص (?).
وقال إمام الحرمين: الكثرة من جملة القرائن التي تترتب عليه العلوم المجتناة من العادات (?).
وقال: وما من عدد تمسك به طائفة إلا ويمكن فرض تواطئهم على الكذب (?).