السؤال ذكر فيه مثل هذه الثلاثة إذ لو ذكر فيه ذلك المذكور لكان أمره واضحا جليا وقد علمت أنه لم يذكر فيه إلا أن المصلحة التي للوقف والموقوف عليه مقيدة بزيادة الأجرة على أجرة المثل. وقد علمت بما قررته ووضحته أن مجرد هذه غير كاف في الإجارة الطويلة فاعلم ذلك وتنبه له فإن بعض المعاندين ربما اطلع على كلام الكمال هذا فجعله مستندا له على صحة مكتوب الإجارة الذي في السؤال وليس فيه مستند لذلك يوجه لما علمت من إيضاح الفرق بينهما ثم رأيت بعد فراغي من جواب المسائل السابقة والآتية الرافعي صرح في الكلام على ألفاظ الوجيز بما هو صريح فيما قدمته عن أبي زرعة وغيره من أنه لا بد من مصلحة تعود للوقف دون الموقوف عليه فإنه قال في قول الوجيز وتأثيره أي لزوم الوقف إزالة الملك وحبس التصرف على الموقوف ويجوز أن يغير قوله. وحبس التصرف على الموقوف بقصر التصرف على ما يلائم غرض الواقف ويمنع الموقوف عليه ا. هـ كلام الرافعي فتأمل تفسيره كلام الغزالي بقصر التصرف الذي لا يكون إلا من الناظر على ما يلائم غرض الواقف ويمنع الموقوف عليه تجده قاضيا بما قلناه من أن مصلحة التصرف لا بد وأن ترجع إلى غرض بقاء الوقف وأنه إذا تعارض هذا مع غرض المستحق قدم الأول ومنع المستحق من غرضه المنافي له. فإن قلت لا شاهد في هذه العبارة لأن من غرض الواقف نفع الموقوف عليه قلت نعم هو منه لكن إنما يراعى حيث لم يعارض غرض الوقف أما عند المعارضة فيقدم غرض الوقف وفي مسألتنا لو جعلنا مجرد زيادة الأجرة مسوغا للإجارة الطويلة المؤدية إلى استهلاك الوقف من غير حاجة الوقف إلى ذلك لكنا قدمنا غرض المستحق على غرض الواقف وهو ممتنع كما علمت من كلام الرافعي هذا ومما يؤيد ذلك أيضا قولهم لو قال الموقوف عليه أسكن الدار وقال الناظر أؤجرها