لأرممها بأجرتها أجيب الناظر فهذا فيه التصريح منهم بتقديم مصلحة الوقف على مصلحة المستحق وقولهم في موقوف له منافع يجتهد الحاكم ويستعمله فيما هو أقرب إلى مقصود الواقف وأجرى الرافعي ذلك في الدار المشرفة على انهدام ففيه تصريح منه بأنه إذا تقابل غرض الواقف وغرض المستحق قدم غرض الواقف وما نحن فيه تقابل غرضاهما فيقدم غرض الواقف من عدم الإجارة الطويلة على غرض المستحق.

وقولهم يراعى غرض الواقف ما أمكن فانظر قولهم ما أمكن تجده هو صريحا فيما قلناه. ومما يصرح بذلك أيضا قولهم في باب التفليس (والعبارة للشيخين) يؤجر الموقوف على المفلس المرة بعد المرة إلى أن يفي الدين وتبعهما المتأخرون على ذلك فتأمل قولهم المرة بعد الأخرى ولم يقولوا يؤجر مدة طويلة تراه شاهدا لما قررته من رعاية غرض الواقف دون المستحق وإلا لم يحتج إلى تكرار الإجارة وأوجر مدة طويلة رعاية لغرضه مع قوله بأن الحجر يدوم عليه حتى يفي الدين على ما فيه ومع ذلك لم تلفت الأئمة إلى هذا الغرض ويجوزون الإجارة لأجل ارتفاع الحجر مدة طويلة تفي بالدين. بل أوجبوا أن يؤجر المرة بعد المرة وإن أدى إلى دوام الحجر. فإن قلت قد خالف السبكي كلام الشيخين وغيرهما فقال في شرح المهذب الوجه أن يقال إذا كانت أي العين الموقوفة مما تؤجر غالبا لمدة قريبة يغلب البقاء فيها ألزم بذلك لأن جملة تلك المدة كالمال الحاضر عرفا وتضاف تلك الأجرة إلى بقية أمواله ويقسم بين الغرماء ويفك الحجر عنه وقال غيره الأقرب أنه يؤجر دفعة واحدة بأجرة معجلة لا مرة بعدة مرة خلافا للشيخين قلت لا نظر لمخالفته هذه فإنه نفسه صرح بأن هذا رأي له ولم يره منقولا وإذا تعارض رأيه ومنقول الشيخين وغيرهما قدم المنقول ولم يجز العمل بذلك الرأي كما هو بديهي لمن عنده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015