فمن ثم جوزوها حينئذ. وأما إذا لم يكن ضرورة ولا حاجة بأن كان المكان عامر لا يخشى عليه انهدام ولا يحتاج لترميم ونحوه من العمارات فالمنع باق بحاله خشية من تلك المفاسد ويؤيد ذلك أن الولي قال في رده منع الأذرعي الطويلة مطلقا لأنه يؤدي إلى استهلاكه لم أر من قاله هكذا في كل شيء على الإطلاق ولا نظير يشهد له ومنع الإجارة بأمر متوهم وهو إفضاء الأمر إلى استهلاكه لا دليل عليه ولا تقتضيه قواعدنا وكيف نثبت أمرا بالشك وليس من مذهبنا سد الذرائع ا. هـ فرده لهذا مع تقييده الجواز بما مر عنه صريح في أنه إنما قصد بذلك رد المنع إطلاق لا أصل المنع وإلا لم يشترط في الجواز ما قدمته عنه ونتج من كلامه أن الطويلة لا تجوز إلا لحاجة وليس علته إلا ما قررته فافهمه. فإن قلت ينافي ما ذكرته كلام الكمال شارح الإرشاد في فتاويه فإنه سئل عن رجل وقف بيتا يملكه على ولدي ابن له ليسكناه ويؤجراه وينتفعا به وجعل النظر في ذلك إليه مدة حياته ثم بعده إلى الموقوف عليهما ثم مات الواقف وأحد الولدين صغير لم يبلغ فاحتاج إلى الكسوة والنفقة فنصب الحاكم الابن البالغ على أخيه اليتيم فأجر المنصوب حصة أخيه اليتيم بالمصلحة لحاجته وضرورته إلى النفقة والكسوة على أخيه بأجرة زائدة على أجرة المثل في الوقف مدة مائة سنة وقبض له الأجرة فهل تصح هذه الإجارة أم لا؟ فأجاب نعم تصح الإجارة المذكورة انتهى. قلت لا ينافي ما ذكرته. أما أولا فلأنه أطلق هنا الصحة وقد قدمت عنه عدة أماكن من فتاويه مصرحة بأنه لا بد في الإجارة الطويلة من مصلحة غير زيادة الأجرة. وأما ثانيا فلأن جوابه منزل على ما قاله السائل وهو أنه أجر الحصة بالمصلحة ولحاجة اليتيم بأجرة المثل فأكثر فذكر هنا ثلاثة أسباب المصلحة وحاجة اليتيم وزيادة أجرة المثل فتعين أن المصلحة راجعة لعين الوقف وليس مستند الإجارة في