أما أنت فقد غفر لك وقال للذي أغاثها ولا حسنا فقال عمر: ارجم الذي اعترف بالزنى فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لأنه قد تاب إلى الله» رواه عن محمد بن يحيى بن كثير الحمراني ثنا عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا أسباط بن نصر عن سماك وليس فيه بحمد الله إشكال.
فإن قيل: فكيف أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم برجم المغيث من غير بينة ولا إقرار؟
قيل: هذا من أدل الدلائل على اعتبار القرائن والأخذ بشواهد الأحوال في التهم وهذا يشبه إقامة الحدود بالرائحة والقيء كما اتفق عليه الصحابة وإقامة حد الزنا بالحبل كما نص عليه عمر وذهب إليه فقهاء أهل المدينة وأحمد في ظاهر مذهبه وكذلك الصحيح أنه يقام الحد على المتهم بالسرقة إذا وجد المسروق عنده فهذا الرجل لما أدرك وهو يشتد هربا وقالت المرأة هذا هو الذي فعل بي وقد اعترف بأنه دنا منها وأتى إليها وادعى أنه كان مغيثا لا مريبا ولم ير أولئك الجماعة غيره كان في هذا أظهر الأدلة على أنه صاحبها وكان الظن المستفاد من ذلك لا يقصر عن الظن المستفاد من شهادة البينة واحتمال الغلط وعداوة الشهود كاحتمال الغلط أو عداوة المرأة هاهنا. بل ظن عداوة المرأة في هذا الموضع في غاية الاستبعاد، فنهاية الأمر أن هذا لوث ظاهر لا يستبعد ثبوت الحد بمثله شرعا، كما يقتل في القسامة باللوث الذي لعله دون هذا في كثير من المواضع، فهذا الحكم من أحسن الأحكام وأجراها على قواعد الشرع والأحكام الظاهرة تابعة للأدلة الظاهرة من البينات والأقارير وشواهد الأحوال وكونها في نفس الأمر قد تقع غير مطابقة ولا تنضبط أمر لا يقدح في كونها طرقا وأسبابا للأحكام والبينة لم تكن موجبة بذاتها للحد وإنما ارتباط الحد بها ارتباط المدلول بدليله فإن كان هناك دليل يقاومها أو أقوى