أن يوهب له حده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له: «يا رسول الله أصبت حدا فأقمه علي. فقال: هل صليت معنا هذه الصلاة. قال: نعم. قال: اذهب فإن الله غفر لك حدك (?)» وظهرت بركة هذا العفو والإسقاط في صدق توبته. فقال: والله لا أشربها أبدا وفي رواية (أبد الأبد) وفي رواية (قد كنت آنف أن أتركها من أجل جلداتكم فأما إذ تركتموني فوالله لا أشربها أبدا) وقد برئ النبي صلى الله عليه وسلم مما صنع خالد ببني جذيمة، وقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد (?)» ولم يؤاخذه به لحسن بلائه ونصره للإسلام.
ومن تأمل المطابقة بين الأمر والنهي والثواب والعقاب وارتباط أحدهما بالآخر علم فقه هذا الباب وإذا كان الله لا يعذب تائبا فهكذا الحدود لا تقام على تائب. وقد نص الله على سقوط الحد عن المحاربين بالتوبة التي وقعت قبل القدرة عليهم مع عظيم جرمهم وذلك تنبيه على سقوط ما دون الحراب بالتوبة الصحيحة بطريق الأولى وقد روينا في سنن النسائي من حديث سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه «أن امرأة وقع عليها في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد بمكروه على نفسها فاستغاثت برجل مر عليها وفر صاحبها ثم مر عليها ذوو عدد فاستغاثت بهم فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه وسبقهم الآخر فجاءوا به يقودونه إليها فقال: أنا الذي أغثتك وقد ذهب الآخر قال: فأتوا به نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنه الذي وقع عليها وأخبر القوم أنهم أدركوه يشتد فقال: إنما كنت أغثتها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني فقالت: كذب هو الذي وقع علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلقوا به فارجموه فقام رجل من الناس فقال: لا ترجموه وارجموني فأنا الذي فعلت بها الفعل فاعترف فاجتمع ثلاثة عند رسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي وقع عليها والذي أغاثها والمرأة فقال