الدارقطني والحاكم، وكتاب عمرو بن حزم تلقاه الناس بالقبول. قال ابن عبد البر إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول.
وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم. وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة. . والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرا، ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة، ويدل لإطلاقه على الأول قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?)، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة: «المؤمن لا ينجس (?)»، وعلى الثاني {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (?)، وعلى الثالث قوله صلى الله عليه وآله وسلم في المسح على الخفين: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين (?)» وعلى الرابع الإجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرا، وقد ورد إطلاق ذلك في كثير، فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا.
والمسألة مدونة في الأصول، وفيها مذاهب، والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين، وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمس المصحف وخالف في ذلك داود.
استدل المانعون للجنب بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (?) وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعا إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه الأقرب، والمطهرون الملائكة، ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من الاحتمال، فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية، ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب وهو منع الجنب من مسه غير مسلمة؛ لأن المطهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائما لحديث: «المؤمن لا ينجس (?)»، وهو متفق عليه، فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو