حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك كما هو في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (?) لهذا الحديث ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو، ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثا أكبر أو أصغر فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملا في معانيه، فلا يعين حتى يبين.
وقد دل الدليل هاهنا أن المراد به غيره لحديث: «المؤمن لا ينجس (?)»، ولو سلم عدم وجود دليل يمنع مكان إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحا بلا مرجح، وتعيينه لجميعها استعمالا للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف، ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح لوجود المانع وهو حديث: «المؤمن لا ينجس (?)»، واستدلوا أيضا بحديث الباب، وأجيب بأنه غير صالح للاحتجاج؛ لأنه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إسناده خلاف شديد، ولو سلم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر، وقد عرفته.
قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازا ولا لغة. صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائما، فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبا أو حائضا أو محدثا أو على بدنه نجاسة، فإن قلت: إذا تم ما تريد من حمل الطاهر على من ليس بمشرك، فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم: أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} (?) إلى قوله: {مُسْلِمُونَ} (?) مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب ووقوع اللمس منهم له معلوم؟ قلت: أجعله خاصا بمثل الآية والآيتين فإنه يجوز تمكين المشرك من مس ذلك المقدار، كدعائه إلى الإسلام، ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنه قد صار باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه ككتب التفسير، فلا تخصص به الآية والحديث.
إذا تقرر لك هذا عرفت عدم انتهاض الدليل على منع من عدا المشرك، وقد عرفت الخلاف في الجنب: وأما المحدث حدثا أصغر فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن علي والمؤيد بالله