ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بن أخيه شيبة وابنه الوليد بن عتبة، حتى إذا فصل (?) من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار، فقالوا: "من أنتم؟ "، فقالوا: "رهط من الأنصار ". قالوا: "ما لنا بكم من حاجة"، ثم نادى مناديهم: "يا محمد أخرج إلينا أكفأنا من قومنا "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي ". ولما قاموا ودنوا منهم قالوا: "من أنتم؟ "، فذكروا أسماءهم، فقالوا: "نعم، أكفاء كرام".
وبارز عبيدة -وكان أسن القوم- عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد بن عتبة.
فأما حمزة، فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما جرح صاحبه، فكر علي وحمزة بأسيافهما على عتبة، فدففا عليه (?)، واحتملا صاحبهما إلى معسكر المسلمين (?).
لقد أبلى في بدر بلاء عظيما، وقاتل بسيفين (?)، وقد سأل أمية بن خلف الذي أسر يوم (بدر) عبد الرحمن بن عوف: "من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره؟ "، فقال عبد الرحمن بن عوف: " حمزة بن عبد المطلب "، فقال أمية: "هو الذي فعل بنا الأفاعيل" (?).
إن دور حمزة في غزوة بدر الكبرى الحاسمة لم يكن دورا اعتياديا، بل كان دورا بارزا للغاية، فقد قتل أشجع شجعان قريش وأكثرهم إقداما، الذي تحدى المسلمين في محاولة الشرب من حوضهم أو هدمه، وقتل شيبة وشارك في قتل عتبة ابني ربيعة، وهما من أبرز أشراف قريش ومن أشجع شجعانها، وبذلك أثر أعمق الأثر في معنويات قريش، فانهارت تلك المعنويات من جراء هذه البداية غير الموفقة، والجيش الذي يخسر معنوياته لا ينتصر أبدا.