المسلمين ضد القوات المحاصرة لحدود المدينة، بناءً على المعاهدة المبرمة بين الفريقين .. لكن الذي حدث هو عكس هذا، فقد فوجئ المسلمون بخيانة بني قريظة في أخطر أوقات محنتهم بانضمامهم لصف الأعداء، ولم يرعوا للجوار حقًا، ولا للعهود حرمة، بل كانوا يسعون من وراء انضمامهم هذا إلى صفوف القوات الغازية؛ التعجيل بالقضاء على المسلمين ودولتهم الناشئة!
أحدثت هذه الخيانة زلزالاً عنيفًا في نفوس المسلمين، وجرحًا عميقًا في وجدانهم، لا سيما بعد إعلان قريظة الانضمام إلى صفوف الغزاة ... لدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرص أول الأمر على كتمان الخبر على الشعب لما كان يخشى من وقعه على نفوس الجنود. وبمجرد أن انتهى إلى سمعه صلى الله عليه وسلم النبأ، أرسل وفدًا دبلوماسيًا مكونًا من القادة الأفاضل سعد بن معاذ (قائد الأوس)، وسعد بن عبادة (قائد الخزرج)، وعبد الله بن رواحة، وخوات بن جبير رضي الله عنهم ليذكِّروا القوم بما بينهم وبين المسلمين من عقود وعهود، ويحذروهم مغبة ما هم مقدمون عليه، ولكن دون جدوى!
وبعد أن ولّى المشركون المحتلون وحلفاؤهم الأدبار، يحملون معهم الهزيمة والإخفاق، وفشلت محاولاتهم لاقتحام المدينة المنيعة. رجع المقاتلون المسلمون إلى بيوتهم بالمدينة يستريحون من هذه الغمة، ويلتقطون أنفاسهم بعد فزع وقلق نفسي مريع دام شهرًا كاملاً.
وبعد ذلك تفرغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لمحاسبة الخيانة العظمى