عن الدنايا والخبائث وإن كثرت، خوف الله يسيطر عليه، يقينه بلقاء الله يحول بينه وبين الحرام، كم ترى من عباد الله من إن نظرت إلى مظهره أعجبك، وإن سمعت كلامه أعجبك، وإن رأيت أعماله التطوعية أعجبتك، ولكن في معاملات الدنيا ومصالحها يذهب هذا التقوى كأنه ما كان شيء، فلا صدق ولا أمانة ولا وفاء ولا وضوح، ولكن غش وخداع، كم من الناس سولت لهم أنفسهم فاستحلوا الحرام بتأويلات باطلة، يعهد إليه شراء أمور العامة فلا يوقع عقد الشراء إلا أن يكون له نصيب من الثمن، بل قد يزيد الثمن زيادة باهظة لأجل مصلحته التي يأخذها، وكم يراد أن يستأجر منه فلا يوافق هذا المستأجر إلا أن يعطى ثمنا باهظا، وكم من حيل وخداع وتأويلات إبليسية يتمسك بها هؤلاء فيذهب دينهم والعياذ بالله، يتساهلون بالحرام والمكاسب الحرام، وما يعلمون أنها سبب لقسوة القلب، وإضعاف لجانب التقوى.
والتقي حقا من اتقى الله في سره وعلانيته، من اتقى الله في صلاته وبيعه، من اتقى الله في زكاته وتعامله، من اتقى الله في صومه وبيعه وشرائه، من كان خوف الله مسيطرا عليه في كل أحواله، يهمه المال الطيب النافع، أما الأموال المحرمة فمهما تنوعت مكاسبها فإن موقفه منها موقف الحذر الخائف من الله.
لا يشارك مع أقوام يرى منهم تساهلا في الربا والحرام، وتهاونا في الأمور، يبتعد عنهم مهما كان الحال، يربأ بدينه من أن يخدعه المغرورون،