والمصالحة مع المشركين بالمال وغيره، وإثم من لم يف بالعهد. وأورد فيه قوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (?). ومعنى جنحوا: أي طلبوا السلم ومالوا إليه (?) وهذه الآية دالة على مشروعية المصالحة مع المشركين، ومعنى الشرط في الآية أن الأمر بالصلح مقيد بما إذا كان الأحظ للإسلام المصالحة، أما إذا كان الإسلام ظاهرا على الكفر، ولم تظهر المصلحة في المصالحة فلا؛ لأن المقصود من الصلح هو دفع الشر والخطر، فيجوز بأي وسيلة، وهذا باتفاق العلماء (?)
وفي هذا الباب ذكر البخاري حديث سهل بن أبي حثمة في قصة قتل عبد الله بن سهل في خيبر، وكانت يومئذ صلحا، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عقله ووداه من عنده (?)
وإنما وداه النبي صلى الله عليه وسلم من عنده استئلافا لليهود وطمعا في دخولهم الإسلام، مع كره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبطل دم المسلم المقتول، وتطييبا لقلوب أهله (?) وتعليما لأمته على الآداب التي من الأولى أن يتخلقوا بها من استئلاف واستئناس جميع الناس، أما المسلم فتوثيقا للأخوة الإسلامية، وأما غير المسلم فمن أجل جلبه للإسلام وتحبيبه إليه، فما كان الرفق في شيء إلا زانه وأصلحه، وما كانت القسوة والغلظة في شيء إلا شانته وأفسدته.