واختلف العلماء في أصل المسألة وهي مصالحة وموادعة المسلمين أهل الحرب على مال. وخلاصة الأقوال أنه لا بأس بالمصالحة على غير شيء. أما على مال فلا يستحسن إلا في حالة مخافة اصطلام المسلمين لقوة وكثرة العدو وعدته؛ لأن ذلك من معاني الضرورات، وكذلك إذا أسر المسلم فلم يطلق إلا بفدية جاز (?)
ولا شك أن هذا يدل على سماحة الإسلام وتيسيره على المسلمين بأن أجاز لهم عند الضرورة القصوى الأخذ بالرخص، وخاصة في موضوع المواجهة مع الأعداء.
وهذا من رحمة الله تعالى بعباده، فالأولى بالإنسان أن يكون رحيما بأخيه، كما أن هذه السماحة هي من مقاصد الشريعة التي تميزها عن الشرائع الأخرى. ومن ذلك الموادعة في الجهاد فإنه لا حد لها معلوم لا يجوز غيره، بل ذلك راجع إلى رأي الإمام بحسب ما يراه الأحظ والأحوط للمسلمين (?) وهذه الآية {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (?) مرتبطة بالآية التي بعدها {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} (?).
فإن في هذه الآية إشارة إلى أن احتمال طلب العدو للصلح خديعة لا يمنع من الإجابة إذا ظهر للمسلمين، بل يعزم ويتوكل على الله سبحانه (?)