أصحابه فقال عز وجل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (?)، وقد امتثل عليه الصلاة والسلام لذلك مع أنه أكمل الناس عقلا وأصوبهم رأيا، فكان كثيرا ما يقول لأصحابه: «أشيروا علي أيها الناس (?)» وفي حادثة الإفك استشار صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد في أمر عائشة رضي الله عنها (?) وهما في منزلة أولاده، بل أسامة في منزلة أحفاده؛ فإن أباه زيد بن حارثة كان يسمى قبل تحريم التبني زيد بن محمد، وما ذلك إلا ليعلم الناس أهمية الاستشارة وفضلها.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة فالذي ينبغي في حق المسلم أن يحرص على الاستشارة في أموره كلها وألا يتفرد بالرأي، لا سيما فيما لا خبرة له فيه، فإن ذلك أدعى إلى إصابة الحق ومجانبة الخطأ، ولا شك أن أمرا ينظر فيه اثنان أو ثلاثة أحرى بأن يكون صوابا من تفرد واحد بالنظر فيه.
ويجب أن يكون المستشار ثقة أمينا حكيما مجربا - ولو امرأة، وقد ثبت في الصحيح «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من مكاتبة قريش في صلح الحديبية أمر أصحابه أن ينحروا ويحلقوا، فلم يقم منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاثا، فدخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر