الوقفة الحادية عشرة:
مع معاني (لولا):
تستعمل " لولا " في كتاب الله تعالى على أحد معان ثلاثة؛ أولها: أن تكون حرف امتناع لوجود، وهو أكثر معانيها، وحينئذ يليها الاسم، كقوله تعالى في هذه الآيات: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (?)، فامتنع وقوع العذاب بالخائضين في الإفك لوجود فضل الله تعالى ورحمته. وقد يحذف الجواب لدلالة الكلام عليه، كقوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (?)؛ إذ التقدير: لعاجلكم بالعقوبة.
والثاني: أن تكون للتحضيض، وحينئذ يليها الفعل ولو تقديرا، كقوله تعالى هنا: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (?)؛ أي: هلا جاؤوا بأربعة شهداء يشهدون على صحة ما قالوا! وقوله تعالى: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} (?)؛ فإن التقدير: هلا ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا إذ سمعوه! وإنما قدم الظرف على عامله اهتماما بمدلوله.