الأصل في الدعوة إلى الله الإعلان والبيان، والإظهار والإشهار في مختلف العصور وفي كل الأقطار. أما الاستخفاء بالدعوة فهي استثناء وأمر عارض، فما أن استجاب لهذه الدعوة نفر من الصحابة الأجلاء إلا وخرجت الدعوة من طورها السري إلى طورها الجهري وما أن وجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعوانا على الدعوة حتى جاءه الأمر بالجهر بالدعوة، قال: تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (?).
بيد أنه من المهم معرفة مدى شرعية الاستخفاء بالدعوة في هذا العصر إذا لزم الأمر واقتضته الظروف. ولأجل تصور ذلك على وجه سليم لا بد من تصنيف المجتمعات من حيث إتاحتها للدعوة من عدمه إلى (مجتمعات دعوية) و (مجتمعات غير دعوية)، وأعني بالمجتمعات الدعوية تلك التي يسمح نظامها بالدعوة إلى الله تعالى ونشر الدين والخير بين الناس. وأما المجتمعات غير الدعوية فأعني بها تلك التي تقمع الدعوة وتحجبها عن الناس وتذيق دعاتها أصناف الأذى والعذاب سعيا لإبادتهم وما يحملون من رسالة، وهذا التأسيس مهم لننطلق منه إلى معرفة مدى شرعية تطبيقات الاستخفاء بالدعوة - موضوع الدراسة - في العصر الحاضر.
يمكن إيضاح ما يتعلق بالاستخفاء في المجتمعات الدعوية من