تتوخى السلم وتحذر المواجهة.
ح – مقر الدعوة الذي يكون موئلا للدعوة وملاذا لأتباعها غير معلن للمصلحة العامة إلا لمن يريد التعرف على الدين الجديد بعد التحقق من سلامة مقصده، لذا كان كثير من المدعوين لا يعرفون مقر الدعوة أنها دار الأرقم إلا من خلال التبيين والإرشاد، وقد تم اتخاذ هذه الدار تحديدا لكونها أليق بالاستخفاء كما تقدم.
خ – راعى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنظر إلى واقع حال الدعوة أن ما يتاح له في ظل الاستخفاء هو مسلك الدعوة الفردية واتخذ لذلك وسيلة القدوة الحسنة، والقول المباشر فقط، ولم تتعدى أساليب القول عن أسلوب النصح الذي ينسجم مع طبيعة الاستسرار.
تلك هي أبرز سمات استخفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة، وفي ضوء ذلك، وبعد توفيق الله تجاوزت الدعوة تلك المرحلة من خلال الغرس والتأسيس والإعداد حتى تهيأت لمرحلة الدعوة الجهرية امتثالا لأمر الله بالصدع، قال ابن هشام: فأمر الله رسوله أن يصدع بما جاءه من الحق، وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه، وكان بين ما أخفى رسول الله أمره واستتر به إلى أن أمره الله بإظهار دينه ثلاث سنين من مبعثه، ثم قال الله له: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (?) وقال له: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (?).